«خصوصـية» مصـر فـى أمان| «الأخبار» داخل أول مركز لخدمات تحليل ومعالجة البيانات

مـركز خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة
مـركز خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة

في عصر السماوات المفتوحة وسيطرة الشبكة العنكبوتية على كافة مناحي الحياة، أصبحت الحاجة ملحة إلى مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع، الذي شهد تطورًا هائلًا منذ بداية الألفية الجديدة، ويعد انتشار الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وتطور أنظمتهما، وانتشار شبكة الإنترنت أحد أبرز مظاهر التطور التكنولوجي الذي نعيشه، والذي أصبح يشكل جزءًا أساسيًا من حياتنا العملية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفى ظل مظاهر الحياة التكنولوجية التى نحياها سارت الدولة المصرية على خطى واعدة فى التحول الرقمى وإرضاء المواطنين، وتحسين الخدمات الحكومية المقدمة إليهم.

ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مسئولية البلاد كان حريصًا على الدفع بمنظومة الدولة المصرية نحو مواكبة التطور التكنولوجي السريع الذى يشهده العالم والتحول الرقمي لجميع قطاعات الدولة، وتعددت المشروعات التي أثبتت من خلالها الجمهورية الجديدة، قدرتها الفائقة على المواكبة والتطور بل والمنافسة أيضًا، حيث أنشأت الدولة بنية تحتية تكنولوجية قوية ونفذت العديد من المنظومات الذكية في مختلف القطاعات، وشاهدنا لأول مرة مدنًا ذكية، ووسائل نقل ذكية، وخدمات حكومية مختلفة يستطيع المواطن إنجازها من خلال تطبيقات الهاتف المحمول، وصلنا إلى درجة كبيرة من التحول الرقمى والحوكمة الإلكترونية لمختلف احتياجاتنا فى الجمهورية الجديدة.

جوهر التحول

وتعد مـراكز البيانات والحوسبات السحابية جوهر التحول الرقمى وأحد أهم الأعمدة التى يرتكز عليها الاقتصاد العالمى حالياً، والتى أضافت آفاقاً جديدة لريادة الأعمال فى كافة المجالات والصناعات، وساهمت فى خلق فرص جديدة للجمع بين عدة مجالات فى بيئة عمل واحدة، وتتميز الحوسبات السحابية عن مـراكز البيانات التقليدية بقدرتها على مشاركة الموارد افتراضياً وتوفير التقنيات الحديثة لتقديم خدمات أكثر وسعات تخزين مـرنة، وقد تم البدء فى إنشاء مراكز البيانات لتعزيز الريادة المصـرية إقليمياً ودولياً لـترسيخ مكانة مـصر كممر رقمى لنقل البيانات وقيادة أسواق مـراكز البيانات فى الشـرق الأوسط وأفريقيا ارتباطاً بموقع مصـر الذى يتوسط العالم، وفى عام 2023 وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسى، بالبدء فى إنشاء مـركـز البيانات والحوسبة السحابية (P1)، والذى تم إنجازه فى وقت قياسى وأصبح يقدم خدماته للعديد من الجهات الحكومية.

«الأخبار» قامت بجولة في أول مـركز يقدم خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي في مصـر وشمال إفريقيا طبقاً لأحدث التقنيات العالمية.

تبلغ مساحة المـركز (23500) م2، تم استغلال (10000) م2 للإنشاءات الحالية والباقى للتوسعات المستقبلية، وذلك باشتراك أكثر من (15) شركة محلية وعالمية، وأكثر من (1200) مهندس وعامل، أكثر من (5000) ساعة عمل، ويتكون مركز (P1) من مبنى الإدارة والتشغيل والتأمين، معدات الحوسبة السحابية، قاعة الحلول الفنية وتطبيقات الذكاء الاصطناعى، بالإضافة إلى مـركز التحكم التبادلى للشبكة الوطنية للطوارئ.

يهدف إنشاء المركز إلى العمل على تقديم التطبيقات الحرجة والمدفوعات والتطبيقات المرتبطة بالذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات الضخمة لصناعة القرار على كافة المستويات، بالإضافة إلى عمله كبديل نشط لمـركز البيانات الحكومى بالعاصمة الإدارية، كما يهدف إلى استخدام تكنولوجيا الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة فى تحليل البيانات الحكومية، العمل كمـركز وطنى موحد لبيانات التعافى من الكوارث، توطين إستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى القطاع الحكومى، توفير كافة البيانات الدقيقة والموقوتة للجهات الحكومية، تحليل البيانات الضخمة للجهات الحكومية، توفير الإدارة والتشغيل الذاتى، والحفاظ على الخصوصية المصرية كمشروعات الموانئ الذكية التى تساعد على تسهيل حركة الاستيراد والتصدير.

خدمات المركز

وخلال الجولة التقينا عددًا من العاملين بالمركز، حيث قال المهندس جابر مدبولى، مسئول التخطيط، إن المركز يقدم خدماته طبقاً لثلاث مناطق للبيانات، الأولى هى منطقة البيانات الخاصة وعالية الحساسية، والثانية منطقة البيانات الحكومية، والثالثة منطقة البيانات العامة لتكون منصة لتفاعل المواطنين فى تقديم خدمات الجهات الحكومية، مضيفًا أن خدمات المركز متنوعة، حيث يقدم أكثر من (40) خدمة سحابية حديثة، تحليل الكم الهائل من البيانات، الذكاء الاصطناعى، منصة إنترنت الأشياء، تبادل البيانات الحكومية.

وأوضح «مدبولى» أن المركز يتعاون مع العديد من الشركاء فى مجال التدريب والابتكار المشترك، حيث يتعاون مع منصة تعليمية رقمية شاملة لأكثر من (30) مسارًا ومواد تعليمية باعتماد أكثر من (15) تقنية مختلفة، ويقدم برنامجًا تدريبيًا لأكثر من (1300) ساعة لتقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى، بالإضافة إلى الابتكار والتطوير المشترك (أكثر من 90%) لنموذج ASR المـصرى «تحويل الصوت الى نص مكتوب باستخدام أكثر من 40 لهجة مصرية»، أكثر من (4) خوارزميات تحليلية ذكية للفيديو، منصة تبادل البيانات لدعم متخذ القرار.

وفى سياق متصل، أكد المهندس ياسر شلبى، أحد المسئولين داخل المركز، أنهم يقدمون فعليًا خدمات لبعض الجهات الحكومية، منها على سبيل المثال لا الحصر، فى القطاع الصحى، يوفر المركز نظام المعلومات الصحية وإدارة المستشفيات مركزياً لتسهيل دورة المرضى داخل المستشفيات، تنفيذ ملف طبى موحد للمرضى، تحويل الأشعات من ثنائية الأبعاد إلى ثلاثية الأبعاد لتسهيل أعمال التشخيص ومساعدة الفرق الطبية، بالإضافة إلى استخدام منصة إنترنت الأشياء للسيطرة على أسرة الرعايات والحضانات، التقارير المميكنة، متلقى البلاغات المميكن CAD، ميكنة سيارات الإسعاف لتحسين الخدمات الإسعافية المقدمة للمواطنين من خلال متابعة أسلوب السائقين والمسعفين باستخدام كاميرات التعرف على السلوك الخاطئ وإرسالها فوراً وأتوماتيكيًا لغرفة العمليات المركزية، كما يوفر حـصر واستدامة الأصول، تسهيل دورة عمل القوافل الطبية وربطها بالمستشفيات فى ذات نطاق العمل.

وأشار إلى أن المركز يقدم عددًا من الخدمات أيضًا لوزارة العدل، منها تسهيل إجراءات التقاضى، تحويل المحاكم الاقتصادية والمدنية إلى محاكم ذكية، الرؤية المستقبيلة للاستفادة من مركز البيانات والحوسبة السحابية P1، العدالة الذكية، وتسهيل إجراءات العدالة المصرية وإجراءات التقاضى، مضيفًا أن المركز يسهم أيضًا بدور فعال فى المدن الذكية، حيث يقدم عددًا من الخدمات منها تحسين قدرات إدارة المدينة ومستويات خدمة المواطنين، بناء شبكة فيديو وطنية لتقليل معدل الجريمة والحوادث المرورية، إدارة الأزمات والطوارئ، تحسين القدرات الوطنية للاستجابة للطوارئ والحد من الخسائر، العوائد الفنية والمالية المتوقعة من إتاحة الجزء الاستثمارى، ويعمل المركز على تعزيز الدور المحورى للدولة المصريـة على المستوى الإقليمي، وتحفيز النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل، وتعزيز الابتكار فى صناعة التكنولوجيا المحلية، توفير التكاليف المالية اللازمة لأعمال الصيانة والتشغيل.

وفى ذات السياق، قال المهندس هيثم عابد، رئيس فرع الحلول الفنية بالمركز، إن الحوسبات السحابية تتميز عن مراكز البيانات التقليدية بقدرتها على مشاركة الموارد افتراضيًا وتوفير التقنيات الحديثة لتقديم خدمات أكثر وسعات تخزين مرنة، وإنشاء هذا المركز يمثل طفرة فى عالم البيانات فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، مضيفًا أن ما نشهده اليوم هو دمج بين مركز البيانات والحوسبة السحابية (P1) بخدماتها الحديثة والشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة من الجيلين الرابع والخامس، التى تقدم الخدمات الحكومية على منصة واحدة والتى تم إطلاق خدماتها خلال عام 2022، وذلك للخروج بنموذج أكثر نجاحًا واستكمالًا لنفس المحور التكنولوجى باستحداث خدمات الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة ومنصة إنترنت الأشياء وتوصيلها بطريقة مؤمنة وسريعة إلى متخذى القرار لإرضاء المواطنين .