تفسير ومعانى| «التقوى»

الدكتورمبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف
الدكتورمبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف

فى هذا الباب نقدم لك عزيزى القارئ تفسيرا ومعانى لصفات جاء ذكرها فى كتاب الله يقدم هذا الشرح والتفسير لها وعلى مدار شهر رمضان الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف.

معنى اليوم الذى يوضحه لنا الدكتورمبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف هو عن التقوى وكيف نتقى الله وعذابه حيث يقول: التقوى كلمة جامعة مانعة كما يقول العلماء، ومعنى التقوى أن نتخذ من دون عذاب الله وقاية، والله تبارك وتعالى أمر بها «يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ» والنبى صلى الله عليه وسلم أمر بها فى أول خطبة بالمدينة المنورة فقال: أيها الناس اتقوا الله فإن التقوى تبيض الوجوه، والإنسان حريص على أن يكون وجهه أبيض فى الدنيا غير مخز وغير مكتف بجريرة جرها على نفسه، ويحب أن يكون أبيض الوجه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه يوم القيامة، وأجمع المفسرون على أن بياض الوجه كناية عن دخول الجنة وأن سواده كناية عن دخول النار، والذين يتخذون من دون عذاب الله وقاية عليهم أن يدركوا أن الله تبارك وتعالى رءوف بالعباد وقد حذرهم من عذابه (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)، وأمرهم بالتقوى أى اتخذ وقاية لك من عذاب الله، ففيما تكون الوقاية وبما تتحقق التوبة، نقرأ فى سورة النساء (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)، والتقوى هاهنا البعد عن مال اليتيم ونلاحظ نكتة بلاغية فى تعبير القرآن الكريم إنه قال لا تأكلوا أموال اليتيم وإنما قال ولا تقربوا مال اليتيم، والنفى عن القرب يقتضى عن سبيل المؤكد النفى عن الأكل، فإذا كان قرب ماله محرما فأكل ماله أشد تحريما، كما قال عز وجل فى الزنا (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا)، حرم قرب الزنا من اللقاء السرى ومن الخلوة الشرعية ومن قصص الحب والغرام والهيام التى هى بلغة الفقه مقدمات الزنا، صحيح قد يحدث الزنا وقد لا يحدث، ولكن هناك قاعدة فقهية تقول: «إن مقدمات الشيء لها نفس حكمه»، فكما أن مقدمات الصلاة تتمثل فى الوضوء، وتأتى الصلاة تصدق الوضوء أو تكذبه، فإذا توضأ وصلى فقد صدقت صلاته وضوءه، وإذا توضأ ولم يصل كذب عدم صلاته وضوءه، الأمر يحتاج إلى تتبع لكل منهى عنه فى القرآن الكريم ويؤدى إلى عذاب الله، ويفيد هذا التتبع معرفة أن الدين يحتاج إلى مذاكرة وإلى مدارسة وإلى مراجعة وإلى تبين السبيل إلى الوقاية كيف تكون.