حكايات| «الكرش» بوابتك نحو الملكية.. «كونسو» شعب يقدس البطون| صور وفيديو

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لتصبح ملك القبيلة لابد أن تملك أكبر «كرش»، فمنه تحصل على مكانتك ويخشاك الجميع ويهابك، رجالها ونسائها يتجولون عرايا، يقدسون شرب الدماء، ونسائها يضعن على شفاهن السفلى قطعا مستديرة من الأخشاب لفرد الشفاه وتكبيرها، ويتزوجون مبكرا - تقريبا في سن الخامسة عشر - ويشتهرون بتعدد الزوجات من 3 إلى 4 زوجات، كما يتوارث الرجال الزوجات عقب وفاة أزواجهن، فلا يوجد عوانس بينهم، ويعتنقون ديانات تقليدية، إلا أن الوثنية هي المهيمنة على أفرادها.. إنها قبيلة «كونسو» التي تقطن منطقة وادي نهر أومو الواقعة على الحدود الإثيوبية الكينية.

 

اقرأ أيضا| حكايات| تريد الزواج.. ستختطف زوجتك وستقاتل لتحريرها وسيُحرم عليك الأكل مع والديها.. ما القصة؟

2.4 مليون عام
«كونسو» تُعد إحدى قبائل إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، وتقع القبيلة في موقع مميز، حيث يعود تاريخ أقدم أثر في تلك المنطقة إلى 2.4 مليون عام، وتم اكتشاف العديد من الحفريات البشرية والمعدات المصنوعة من الحجارة، التي تعد مواد أساسية في دراسة التطور البشري. ويقدر عدد سكان القبيلة بـ 4593 نسمة، بحسب آخر إحصاء أُجري في عام 2005، ضمن إقليم شعوب جنوب إثيوبيا الذي يضم عدداً كبيراً من القوميات المتباينة، وتعد المواقع الأثرية في قرية «كونسو»، على بعد 595 كيلومترا من أديس أبابا، من أهم المناطق السياحية جنوب البلاد.

ويعرف شعب «كونسو» أيضا باسم «شونسيتا»، ويقع في الجزء الجنوبي الأوسط من إثيوبيا، وسميت على اسم سكانها «كونسو» الذين تواجدوا منذ أكثر من 400 عام، وتم إدراج القرية كموقع للتراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» في عام 2011، بسبب المناظر الطبيعية والمستوطنات الثقافية الفريدة والجميلة.

اقرأ أيضا| حكايات| شعب خارق.. يتنفس تحت الماء ويعيش في أعماق البحار | صور وفيديو

ويشتهر شعب كونسو بمنحوتات «واغا» الخاصة بهم، وهي عبارة عن منحوتات فريدة يتم تشكيلها لتكريم الرجال الذين قاموا بأعمال بطولية في حياتهم مثل قتل عدو أو حيوان بري مفترس، وعادة ما تأتي منحوتات «واجا» في شكل مجموعات تحتوى على تجسيد لشكل البطل وزوجاته والعدو الذي هزمه، كما يتم عمل منحوتات تصنع خصيصا لبيعها إلى السياح الذي يتوافدون على زيارة القرية. 

التجول عرايا
وفي ظل تمسك شعب «كونسو» بالتجول عرايا، يتعجبون من الأجانب الزائرين وما يرتدونه من ملابس، ورغم احتكاكهم ببعض المدن المجاورة في مناسبات الأسواق الموسمية الكبيرة، التي يذهب إليها أبناء «كونسو» من التجار والزائرين لبيع محاصيلهم وشراء احتياجاتهم، إلا أن ذلك لم يؤثر على عاداتهم ومظهرهم، ويرون غرابةً في لبس السياح، ويقترب بعضهم من الزائرين للمس ما يرتدونه من ملابس في إعجاب واحترام. ولكن على الجانب الآخر، هنالك البعض منهم يقومون بتزيين أنفسهم بأشكال غريبة، بعضها أشبه بحيوانات بيئتهم، كما يزينون أجسادهم بألوان مختلفة بدلاً من لبس الملابس، ويعتبرون التعرى إرثا فريدا لديهم، كما يعتقدون في الحياة الأخرى بعد الموت، لذا يقومون بتجسيم أشكال الميت ووضعها أمام المنازل، أو في احدى جوانب البيت، تخليدا وتذكارا للميت، كأنه لا يزال يعيش بينهم.

اقرأ أيضا| حكايات| «شريك ليس به نبض».. فتاة تجد الحب بين أحضان جثث الموتى

حفل بكاء غنائي راقص
«حفل البكاء»، يحتل مكانة كبيرة بين الأنشطة الثقافية لأمة «كونسو» التي تعزز روابطها الاجتماعية وتكشف عن إمكاناتها الاقتصادية، حيث يشيعون جثمان المتوفي وسط حفل غنائي راقص مصحوب بالبكاء، ونظرا لأن حياة مجتمع كونسو ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالزراعة، فبعد مراسم دفن الشخص الذي مات أثناء الزراعة، يتم إجراء مراسم الغناء في أشهر سبتمبر أو أكتوبر، وبالنسبة للشخص الذي مات أثناء إزالة الأعشاب الضارة، يتم تأجيل وقت الأغنية لفترة، وتعرف الأغنية التي تُغنى لشخص ميت باسم «هارانا»، علاوة على ذلك، وفقًا لتقليدهم يجب أن يكون الشخص المرافق للمتوفي هو أكبر ذكر بين أبنائه، ويقوم أقاربه بتقديم مكافآت مالية للراقصين خلال الجنازة، ومن ضمن مراسم عزائهم أيضا أن المشيعون أو الثكالى يرتدون ملابس بيضاء عندما يعودون إلى منازلهم تعبيرا عن الحداد.

اقرأ أيضا| حكايات| «مجنونة مدغشقر».. المرأة الأكثر دموية في التاريخ | صور وفيديو

اضطرابات وجفاف
بعيدا عن عجائب وغرائب قبيلة «كونسو»، تعد المنطقة من بين المناطق المضطربة المعرضة للاشتباكات بين طوائف المختلفة، حيث أنه في أبريل من عام 2022 فر حوالي 37 ألف شخص من منطقتي «سيجين زوريا وساجان» بسبب الاشتباك الطائفي الذي اندلع بين شعب «كونسو» ومنطقة «البيرة» المجاورة لها.

ووسط هذا الاضطراب، تعاني منطقة «كونسو» من جفاف شديد ومدمر ونزوح بسبب قلة الأمطار - حيث لم تتلق المنطقة ما يكفي من الأمطار لأكثر من 4 سنوات متتالية - مما أدى إلى مزيدا من التحديات لممارسة أعمالهم أو توفير سبل عيشهم، وذلك وفق ما صرحت به مديرية الاتصالات الحكومية في منطقة كونسو. 

وقبل شهر، حذرت السلطات الإقليمية  بإثيوبيا، من أن الجفاف المستمر في منطقة كونسو يهدد حياة الكثيرين، كما أن نقص الغذاء والعلف يقتل الناس والحيوانات بشكل يومي، ولا تزال هذه المسألة مثيرة للقلق على الرغم من المساعدة التي يقدمها برنامج تنمية شبكات الأمان في المنطقة.

 

تحذيرات ومناشدات
جيلجيلو جيلشو نائب رئيس منطقة كونسو، صرح بأن حالة الجفاف وصلت إلى نقطة حرجة، وأن الأنهار في المنطقة قد جفت، وهناك حاجة إلى حل فوري في ذلك الوقت. وطلب ممثلو المنطقة، اهتمام جميع أصحاب المصلحة وإشراكهم في ضمان السلام الدائم وإعادة تأهيل الأشخاص المعرضين لخطر الجوع والتشرد بسبب الجفاف والنزاع.

من جانبه، طلب سولومون سوكا عضو مجلس النواب عن «كونسو»، الاهتمام العاجل بأهل كونسو الذين يتعرضون لأضرار جسيمة بسبب الجفاف. كما أكد مدير منطقة «كونسو» داويت جيبيهو، أن هناك جفافا شديدا في المنطقة، مؤكدا أن الدعم المقدم هو جزء صغير مما هو مطلوب، موضحا أن إدارة المنطقة تبذل جهودا لزيادة شحنات إمدادات الإغاثة من خلال التواصل مع الحكومة الفيدرالية، حسبما نقلت عنه صوت أمريكا الأمهرية. وأعلنت لجنة إدارة مخاطر الكوارث في المنطقة، أن أكثر من 190 ألف شخص بالمنطقة والمناطق المجاورة بحاجة إلى مساعدات غذائية طارئة، لكنها قالت إنه يتم تقديم 30% فقط من المساعدة المطلوبة، مشيرة إلى تفاقم الوضع أيضا بسبب المشاكل الأمنية في المنطقة، بسبب الأراضي المتنازع عليها.

في ذات السياق، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بإثيوبيا «أوتشا»، إنه بين يونيو وديسمبر من عام 2022، شهد الجزء الجنوبي الشرقي من إثيوبيا، بما في ذلك أوروميا ومنطقة شعوب الأمم والقوميات الجنوبية، واحدة من أسوأ حالات الجفاف المسجلة في القرن الأفريقي، والتي أثرت على 12 مليون شخص.

وفي غياب المساعدات في الوقت المناسب من وكالات المعونة الإنسانية، يقوم سكان «كونسو» الذين يعيشون في أديس أبابا وجميع أنحاء العالم بتعبئة وجمع المساعدات المالية لمساعدة مواطنيهم المتضررين من الجفاف في المنطقة.