من‭ ‬ينكر‭ ‬فرضية‭ ‬الصوم

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

‬ما‭ ‬حكم‭ ‬من‭ ‬ينكر‭ ‬فرضية‭ ‬الصوم‭ ‬فى‭ ‬الإسلام؟
‬ليس‭ ‬فى‭ ‬بلاد‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬يجهل‭ ‬معنى‭ ‬الصوم‭ ‬الذى‭ ‬طلبه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الشهر
وليس‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬يجهل‭ ‬أن‭ ‬صومه‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام،‭ ‬وفريضة‭ ‬من‭ ‬فرائضه‭ ‬الأولى‭ ‬التى‭ ‬بنى‭ ‬عليها‭. ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬القرآن‭ ‬عن‭ ‬فرضيته‭ ‬«بمادة»‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬غير‭ ‬الإثبات‭ ‬والإيجاب‭ ‬والتحتيم،‭ ‬بمادة‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬فيه‭ ‬لغير‭ ‬الصوم‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭. ‬بمادة‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬التعبير‭ ‬بها‭ ‬فى‭ ‬الدلالة‭ ‬على‭ ‬التحتم‭ ‬والثبوت‭ ‬لمقتضيات‭ ‬الذات‭ ‬الإلهية،‭ ‬أو‭ ‬لمقتضيات‭ ‬النظام‭ ‬الكونى‭ ‬الذى‭ ‬قدّره‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬سابق‭ ‬علمه‭ ‬للكائنات،‭ ‬ولا‭ ‬يعتريه‭ ‬فى‭ ‬سنته‭ ‬تغيير‭ ‬ولا‭ ‬تبديل‭. ‬وإنك‭ ‬وإذا‭ ‬قرأت‭ ‬فى‭ ‬الدلالة‭ ‬على‭ ‬تحتم‭ ‬تلك‭ ‬المقتضيات‭ ‬قوله‭ ‬تعالى:‭ ‬(كَتَبَ‭ ‬رَبُّكُمْ‭ ‬عَلَى‭ ‬نَفْسِهِ‭ ‬الرَّحْمَةَ)،‭ ‬وقوله‭ ‬(كَتَبَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬لَأَغْلِبَنَّ‭ ‬أَنَا‭ ‬وَرُسُلِى‭ ‬إِنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬قَوِىٌّ‭ ‬عَزِيزٌ).

>‭ ‬سافر‭ ‬وهو‭ ‬صائم‭ ‬فأفطر‭ ‬وقت‭ ‬دخول‭ ‬الصوم‭ ‬وقوله‭ ‬(قُل‭ ‬لَّن‭ ‬يُصِيبَنَا‭ ‬إِلاَّ‭ ‬مَا‭ ‬كَتَبَ‭ ‬اللّهُ‭ ‬لَنَا)،‭ ‬وقوله‭ ‬(‭ ‬أُوْلَئِكَ‭ ‬كَتَبَ‭ ‬فِى‭ ‬قُلُوبِهِمُ‭ ‬الإِيمَانَ)،‭ ‬فإنك‭ ‬نرى‭ ‬القرآن‭ ‬لم‭ ‬يقف‭ ‬فى‭ ‬شرع‭ ‬الصوم‭ ‬وطلبه‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭ ‬عند‭ ‬(المادة)‭ ‬المألوفة‭ ‬فى‭ ‬طلب‭ ‬الشيء،‭ ‬أو‭ ‬الأمر‭ ‬به‭ ‬نحو‭ ‬(فليصمه)‭ ‬أو‭ ‬نحو‭ ‬(وَأَقِيمُوا‭ ‬الصَّلاةَ‭ ‬وَآتُوا‭ ‬الزَّكَاةَ)،‭ ‬أو‭ ‬نحو‭ ‬(وَلِلّهِ‭ ‬عَلَى‭ ‬النَّاسِ‭ ‬حِجُّ‭ ‬الْبَيْتِ‭ ‬مَنِ‭ ‬اسْتَطَاعَ‭ ‬إِلَيْهِ‭ ‬سَبِيلاً)،‭ ‬بل‭ ‬سما‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬مادة‭ ‬(الكتب)‭ ‬والكتابة‭ ‬التى‭ ‬عرفت‭ ‬عنه‭ ‬فى‭ ‬مقام‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬مقتضى‭ ‬الألوهية،‭ ‬أو‭ ‬مقتضى‭ ‬التقدير‭ ‬الإلهى‭ ‬فى‭ ‬النظام‭ ‬الكونى‭ ‬الثابت‭ ‬المتقرر،‭ ‬ترى‭ ‬القرآن‭ ‬سما‭ ‬بالصوم‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المادة،‭ ‬ممهدًا‭ ‬له‭ ‬بالنداء‭ ‬الموقظ‭ ‬للشعور،‭ ‬وبوصف‭ ‬الإيمان‭ ‬الباعث‭ ‬على‭ ‬الامتثال،‭ ‬ومشيرًا‭ ‬فى‭ ‬الأسلوب‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصوم‭ ‬تكليف‭ ‬الله‭ ‬العام‭ ‬لهؤلاء‭ ‬ولمن‭ ‬مضى‭ ‬من‭ ‬عباده‭ ‬السابقين‭ ‬فقال:‭ ‬(يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُواْ‭ ‬كُتِبَ‭ ‬عَلَيْكُمُ‭ ‬الصِّيَامُ‭ ‬كَمَا‭ ‬كُتِبَ‭ ‬عَلَى‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬مِن‭ ‬قَبْلِكُمْ‭ ‬لَعَلَّكُمْ‭ ‬تَتَّقُونَ)،‭ ‬ثم‭ ‬حدد‭ ‬وقته،‭ ‬وفصّل‭ ‬أعذاره‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬لم‭ ‬يوجد‭ ‬فى‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الفرائض‭ ‬والأركان‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬أجمع‭ ‬المسلمون‭ ‬من‭ ‬عهد‭ ‬التشريع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أنكر‭ ‬فرضية‭ ‬الصوم‭ ‬أو‭ ‬أوَّلَ‭ ‬طلبه،‭ ‬أو‭ ‬حرَّف‭ ‬وضعه،‭ ‬أو‭ ‬ردَّه‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬الشوق‭ ‬إليه‭ ‬والرغبة‭ ‬فيه‭ ‬كان‭ ‬خارجًا‭ ‬عن‭ ‬ربقة‭ ‬الإسلام‭ ‬لا‭ ‬تجرى‭ ‬عليه‭ ‬أحكامه،‭ ‬ولا‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهله‭. ‬

اقرأ أيضاً | محافظ كفر الشيخ يفتتح معرض «أهلاً رمضان» بمدينة بيلا

وهذا‭ ‬هو‭ ‬حكم‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬الصوم‭ ‬وفى‭ ‬سائر‭ ‬ما‭ ‬ثبتت‭ ‬فرضيته‭ ‬أو‭ ‬حرمته‭ ‬بمصدر‭ ‬تشريعى‭ ‬قطعى‭ ‬فى‭ ‬ثبوته‭ ‬عن‭ ‬الله،‭ ‬ودلالته‭ ‬على‭ ‬معناه،‭ ‬وتناقل‭ ‬جميع‭ ‬المؤمنين‭ ‬العلم‭ ‬به‭ ‬هكذا،‭ ‬جيلاً‭ ‬عن‭ ‬جيل،‭ ‬وطبقة‭ ‬عن‭ ‬طبقة‭. ‬وأثراً‭ ‬للتشريع‭ ‬بهذا‭ ‬النحو،‭ ‬استقر‭ ‬فى‭ ‬ضمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ثبتت‭ ‬به‭ ‬فرضيته‭ ‬أو‭ ‬حرمته‭ ‬ليس‭ ‬محلاً‭ ‬للرأى‭ ‬ولا‭ ‬مجالاً‭ ‬للاجتهاد‭ ‬الذى‭ ‬أباحه‭ ‬الله‭ ‬للعباد،‭ ‬واستقر‭ ‬كذلك‭ ‬فى‭ ‬ضميرهم‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يعبث‭ ‬بشىء‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأحكام‭ ‬القطعية،‭ ‬ويتخذ‭ ‬ذلك‭ ‬العبث‭ ‬باسم‭ ‬«الرأى‭ ‬وحريته»‭ ‬قنطرة‭ ‬يعبر‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬فتنة‭ ‬الناس‭ ‬فى‭ ‬دينهم،‭ ‬أو‭ ‬زعزعة‭ ‬إيمانهم،‭ ‬يكون‭ ‬خارجاً‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭.‬