كيف نستعد لشهر رمضان المبارك؟

الاستعداد لشهر رمضان
الاستعداد لشهر رمضان

يشتاق المسلمون في شتى بقاع الأرض لشهر البركة والغفران المليء بالعبادات والمودة والمحبة، حيث اختص الله شهر رمضان بفضائل عظيمة ومكارم جليلة فهو محطة لتزكية النفوس وتنقيتها تٌضاعف فيه الأجور والدرجات وتفتح فيه أبواب الجنة ويعتق الله فيه عباده من النار.. لذلك يجتهد كل مسلم للاستعداد لشهر رمضان الكريم أملا في التقرب إلى الله والمغفرة من المعاصي والذنوب.

يؤكد الشيخ سعيد أحمد خضر رئيس الإدارة المركزية لمنطقة القليوبية الأزهرية، أنه ينبغي على كل مسلم أن يسعى ليكون من الفائزين في شهر رمضان، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يخطب في الناس إذا أقبل رمضان فيبين لهم أنه قد أتى شهر عظيم مبارك جعل الله صيام نهاره فريضة وقيام ليله تطوعا ينظر الله تعالى إلى تنافسنا فيه في الخير فيرفع لنا الدرجات ويحط عنا الخطايا والذنوب وبين لنا الرسول أنه شهر الصبر المواساة وشهر يزاد فيه رزق المؤمن وبين لنا أن الصبر ثوابه الجنة.

وأضاف خضر أنه علينا أن نستقبل شهر رمضان بالتوبة والعودة إلى الله وفعل الخيرات والبعد عن المعاصى والمنكرات ونتقى الله عزوجل في كل أحوالنا وعباداتنا الصيام والصلاة والزكاة ونحافظ على القيام ونكثر من إخراج الصدقات والتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة.

اقرأ أيضاً | د. خالد صلاح وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة: نجحنا فى تجديد الخطاب الدينى واستعادة المنابر

وتابع: عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن في الجنة بابا يدعى الريان يدعى له الصائمون فمن كان من الصائمين دخله ومن دخله لم يظمأ أبدا).. ألا فاستعدوا له استعداد الذي أعطي الفرصة ليفوز برحمة الله وجنانه ويحظى بعفوه وغفرانه ويعتق نفسه من نيرانه.

وأوضح الشيخ سعيد أنه من حسن استقبال شهر رمضان أن نسارع بالتوبة النصوح الصادقة وأن نعقد النية على الإخلاص في صيامنا وقيامنا ليغفر الله تعالى لنا ما تقدم من ذنوبنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
 



وأشار إلى أن المراد من الصيام تحقيق تقوى الله عز وجل  يقول تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) صدق الله العظيم.. والتقوى هي امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه ويحققها المسلم في رمضان بمراقبة الله تعالى في صيامه  وامتناعه عن الشهوات والمباحات في نهار رمضان وبالإقبال على صلاة القيام وقراءة القرآن وفعل البر والإحسان  وإخراج الزكاة والصدقات وبر الآباء والأمهات وصلة الرحم والقرابات وإطعام الطعام وإفشاء السلام وكفالة الأيتام  والعطف على الفقراء والمساكين وتفقد المحتاجين والقيام بالواجبات بنشاط وهمة  والتحلي بالصبر لنفوز بالجنة.

ولفت إلى أن الله تعالى ينظر إلى تنافسنا فيه في الخير والرحمة وفعل الخيرات والبعد عن المحرمات وعلى كل واحد منا أن ينظم فيه أوقات الليل والنهار ويسلك فيه مسلك الأبرار فيجعل وقتاً لتلاوة القرآن وآخر لذكر الرحمن لتعلم العلم والزيادة من الحكمة والفهم وقضاء حوائج الناس وساعة للترويح عن النفس ويكون في كل أوقاته مراقبا لله تعالى في سلوكه وأعماله فيرد الإساءة بالإحسان ويقابل الجهل بالصفح والغفران.

أوضحت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات، أن الاستعداد لشهر رمضان المبارك يختلف من شخص لآخر، وذلك حسب عمله وعلمه وحرصه على اغتنام الخيرات، فهناك فئات في المجتمع يزيدون بأعمالهم على بقية الناس لأنهم ممن يترتب على أعمالهم أعمال الناس مثل علماء الدين والأئمة والإعلاميين.



وقالت إن العلماء عليهم أن يعدوا أنفسهم بتحمل المكاره من الآخرين والصبر عليها ليكونوا أولا أسوة وقدوة لغيرهم في الصبر والتحمل وحسن التصرف وذلك لأنه أولى الناس بالعمل بحديث النبي  -صلى الله عليه وآله وسلم- حيث قال: الصِّيام جُنَّة، فلا يرفث، ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين» كما عليه الاستعداد بالدروس والأدعية وتعليمها للناس وخاصة ما يتعلق بروحانيات الشهر الكريم وتربية النفس وتهذيبها لنيل الحكمة والغاية من الصيام تحقق التقوى كما أن عليهم تعليم الناس كل ما يتعلق بأحكام الصيام وآداب الصائمين، ثم يأخذ هو بكل هذا ويعمل به ويعلم أنه محاسب أضعاف ما يحاسب العامة وحتى لا يكون ممن خاطبهم الله بقوله: «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ».
 
استثمار الوقت

 وأضافت د. إلهام أن الإعلاميين عليهم أن يستعدوا لشهر رمضان بكل الأعمال المقروءة والمسموعة والمرئية كلٌ في مجاله وتخصصه مما يحث الناس ويعينهم على الصيام الصحيح واستثمار أوقاتهم فيما ينفعهم، وتحذيرهم من اتباع الهوى أو اتباع شياطين الإنس والجن ممن يغوونهم ليضيعوا عليهم إيمانهم في هذا الشهر الكريم ويلهونهم عن الصلاة والذكر ويفسدون عليهم صومهم.. وليعلم كل إعلامي أن له بكل عمل يدل عليه أجراً مثل أجر فاعله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله».

وأكدت أن المسلمين عموما عليهم أن يستعدوا للشهر الكريم بتدريب أنفسهم على الصوم والصدقة والصلاة والذكر في شهر شعبان لأنه شهر ترفع فيه أعمال العام كله فإذا ختمت صحيفته بالصوم والصلاة والذكر والصدقة وفتحت في شهر رمضان بصيام النهار وقيام الليل وصدقة الفطر والذكر فيلقى ربه وهو مطمئن النفس راضيا مرضيا.

التوبة الصادقة

وقال الشيخ علي عبد الستار علي الباحث بديوان عام وزارة الأوقاف: إنه يجب الاستعداد النفسي والعملي قبل بداية الشهر الفضيل عن طريق الدعاء قبل مجيء رمضان مثل ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) ، و (اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً)، بالإضافة إلى عقد النية قبيل قدوم رمضان على ختم القرآن لعدة مرات مع التدبر، ونية التوبة الصادقة من جميع الذنوب السالفة، ونية أن يكون هذا الشهر بداية انطلاقة للخير والعمل الصالح، ونية كسب أكبر قدر ممكن من الحسنات، ونية تصحيح السلوك والخلق، ووضع برنامج ملئ بالعبادة والطاعة ونشر الدين بين الناس.. ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث القدسي (إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا اكتبها له حسنة).  وشدد على ضرورة صيام شيئ من شهر شعبان فهو كالتمرين على صيام رمضان وهو الاستعداد العملي لهذا الشهر الفضيل تقول عائشة رضي الله عنها ( وما رأيته صلى الله عليه وسلم أكثر صياماً منه في شعبان ).  

وأشار إلى أهمية تهيئة من في البيت من زوجة وأولاد لهذا الشهر الكريم من خلال الحوار والمناقشة في كيفية الاستعداد لهذا الضيف الكريم، والمشاركة في جلسات التفكر وحضور بعض المحاضرات والندوات المقامة بمناسبة قرب شهر رمضان، والإعداد للوسائل الجديدة أو تطوير الوسائل القديمة ليكون شهر رمضان بداية جديدة.

 ووجه الشيخ علي عبد الستار بقراءة تفسير آيات الصيام من كتب التفسير، وتعلم فقه الصيام ( آداب وأحكام ) من خلال الدروس العلمية في المساجد وغيرها، قائلا: « فلنستثمر أخي المسلم فضائل رمضان وصيامه من مغفرة ذنوب ، عتق من النار، فيه ليلة مباركة ، تستغفر لك الملائكة، يتضاعف فيه الأجر والثواب ، أوله رحمة وأوسطه مغفرة.. استثمارك لهذه الفضائل يعطيك دافعاً نفسياً للاستعداد له.

الصدقة فى رمضان

 ولفت إلى أهمية التخطيط لصدقة رمضان عن طريق تخصيص مبلغ مقطوع من راتبك لعمل بعض المشاريع الرمضانية مثل الاشتراك في مشروع إفطار صائم، وحقيبة الخير وهي عبارة عن مجموعة من الأطعمة توزع على الفقراء في بداية الشهر، ومشروع مثمر لليوم الواحد من رمضان ( برنامج صائم ).