فى أوروبا .. مواجهة مع إدمان المراهقين والأطفال للمراهنات

المراهنات الرياضية في أوربا
المراهنات الرياضية في أوربا

مى‭ ‬السيد

  تحقيقات قضائية وعقوبات، وإيقاف لاعبين وفساد، جميعها مرتبطة بـ المراهنات الرياضية، التى كانت فترة التوقف العالمى خلال وباء كورونا، نقطة الانطلاقة الحقيقية لها فى كافة أنحاء أوروبا؛ حيث انتشرت المواقع الإلكترونية الخاصة فى القمار الرياضى، ووصل حجم تجارتها فى إحدى دول الاتحاد الى 50 مليار دولار سنويا.

وفى بعض الدول الأوروبية، أصبحت مشاهدة الرياضة والمراهنة عليها هواية مكلفة للعديد من الشباب، وتظهر الأبحاث الجديدة أن مشكلة المقامرة الرياضية تتزايد بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 34 عاما، وهو ما دفع دولة مثل أستراليا لإجراء تحقيق برلمانى فيدرالى عن المقامرة عبر الإنترنت وتأثيراتها، بهدف الوصول لتشريع يحد من إعلانات المراهنات الرياضية.

وتسعى تلك الشركات وفقًا للخبراء، إلى بناء قاعدة اجتماعية كبيرة فى أوروبا، وتحاول توصيل رسالة عامة مفادها؛ أن المراهنة الرياضية هى الطريقة التى تستمتع بها فى الرياضة، ومشاهدة الرياضة لن تكون إلا بالمراهنة، بل وتعلمهم القيام بالمقامرات مع زملائهم، كاشفين عن أن صناعة ضارة كالمراهنات، تحاول أن تجعل نفسها عادية ومقبولة اجتماعيًا على نطاق واسع.

ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، تغمر وكالات المراهنات الرياضية وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعى بالإعلانات، حيث يمتلكون كميات هائلة من الملفات الشخصية للأشخاص، ويروجون لكل شخص على حسب الفريق الذى يحبه واللاعبين المفضلين لديهم، ووفقا للخبراء، ذلك الأمر يجعل تلك الصناعة أكثر ضررًا بكثير مما كانت عليه من قبل مع تلك الآلية القوية للغاية.

إدمان الأطفال

فى المملكة المتحدة كشف تقرير نشرته الـ «بي بي سي» البريطانية عن ارتفاع عدد الأطفال الذين يُصنفون على أنهم يمارسون القمار إلى أربعة أضعاف، ليصل إلى أكثر من 50 ألف طفل فى عامين فقط، وأشارت الدراسة التى أعدتها اللجنة المعنية بالقمار إلى أن 450 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 11 و 16 سنة يراهنون بانتظام.

وأوضحت الدراسة؛ التى أجريت على أكثر من 3 آلاف طفل، أن هذا العدد أكثر من الذين يتعاطون المخدرات أو يدخنون أو يشربون الكحول، واعترف بعضهم باستخدام متاجر المراهنات أو مواقع القمار عبر الإنترنت على الرغم من كونها غير قانونية لمن هم أقل من 18 عاما.

والصادم فى تقرير اللجنة، هو وجود مخاوف من وصول عدد الشباب البريطانى المقامر فى المراهنات الرياضية إلى مليون شاب، حيث تعتبر ماكينات القمار وبطاقات القمار السرية، هى الأكثر شيوعًا، كما تعتبر إعلانات القمار التى تظهر خلال عرض الأحداث الرياضية على شاشات التلفزيون هى سبب اندفاع الشباب إليها.

50 مليار دولار

أما استراليا، فقد تجاوزت قيمة الرهانات التى تتخذها شركات المقامرة الرياضية الأسترالية كل عام 50 مليار دولار، حيث تظهر الأرقام الجديدة أن هجرة المقامرين إلى المنصات الرقمية أثناء وباء كورونا جاءت لتبقى، وبحسب وسائل الإعلام الأسترالية، فإن السياسيين يعملون على مراجعة تشغيل تلك الصناعة.

وتظهر الأبحاث الجديدة التى أجراها مركز أبحاث المقامرة الأسترالى، أن مشكلة المقامرة تتزايد بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 34 عاما، وكشفت عن وجود صلة مباشرة بين إعلانات المراهنات الرياضية وزيادة المقامرة بين الشباب، حيث يخسر الأستراليون ما يقدر بنحو 25 مليار دولار بسبب الأشكال القانونية للمقامرة كل عام.

الإدمان فى فرنسا

جمعية الإدمان فى فرنسا لم تكن بعيدة عن تلك الأزمة الآخذة فى الانتشار بين الأوروبيين؛ حيث نددت بتقنيات التسويق المشكوك فيها التى تتبعها شركات المراهنات الرياضية والكحول، مشيرين إلى أنهم يشجعون من خلال الإعلانات المكثفة على دفع الشباب إلى المقامرة، من خلال قيامهم بربط مشاهدة كرة القدم مع الكحول والمقامرة بصورة واضحة. v  كما تقدمت المجموعة الشيوعية فى فرنسا بمشروع قانون بشأن المراهنات الرياضية، والذى يهدف لتحسين تنظيم الإعلانات بشكل أكثر صرامة، من خلال حظر العروض الترويجية أو تشديد العقوبات ضد المشغلين ومواقع المراهنات، مؤكدين أن المراهنة الرياضية هى إدمان بنفس الطريقة التى يمكن أن يكون بها الكحول أو التدخين أو المخدرات.

ويستهدف القانون المقترح بشكل أساسى الإعلانات التى تشكل مشكلة حقيقية، والتى تسعى إلى جعل المقامر يقوم بالمراهنة طوال المباريات، وتجتذب الكثير من العملاء الذين يعتقدون أنهم بإمكانهم أن يصبحوا أثرياء للغاية، لذلك يطرح القانون تشديد العقوبات على المشغلين الذين لا يحترمون القانون بجانب اتخاذ إجراءات قانونية ضد أى شركة مراهنات لا تحترم القانون بعد إصداره.

كرة القدم

وتحاول الدول الأوروبية الحد من أساليب شركات المراهنات الرياضية المخالفة لجذب المقامرين؛ حيث جاء قرار أندية الدورى الإنجليزى الممتاز، بإزالة الرعاة من شركات المراهنات الرياضية على واجهة القمصان، اعتبارًا من موسم 2026-2027، كمحاولة لمواجهة الانتشار السريع أيضا لذلك الأمر، حيث تسعى الحكومة البريطانية إلى النظر فى القضية قبل ذلك الموعد لوضع حدود للترويج للمقامرة من خلال اقتراح قانون.

وأوقف الدورى الفرنسى لكرة القدم أيضا، العديد من اللاعبين الذين يلعبون فى دورى الدرجة الأولى أو الدرجة الثانية، حيث تم اتهامهم بعدم احترام الحظر على المراهنات الرياضية الذى يفرضه قانون الرياضة، كما كشفت الشرطة الإسبانية، عن قضية تلاعب بنتائج مباريات كأس إسبانيا لكرة القدم، حيث اشتبهت الشرطة فى حصول المتورطين على ما يقرب من 30 ألف يورو بفضل المراهنات والتلاعب فى نتائج المباريات فى دورى الدرجة الخامسة، وذلك بعد تلقيها بلاغا من رابطة الدورى الإسبانى.

أيضا إيطاليا، التى ينص القانون فيها على إبلاغ  المدعى العام بأى لاعب يقوم بعمليات مراهنات أو على وشك القيام بها؛ هزت فضيحة تورط فيها 3 لاعبين فى الدورى والمنتخب، والرأى العام الإيطالى، والتى كانوا يقومون فيها بعمليات مراهنة، وتم معاقبتهم بالإيقاف لمدد متفاوتة. 

اقرأ  أيضا : تطبيقات «المراهنات».. حلم الثراء السريع يضع الشباب فى ورطة الكسبان خسران

;