«هكذا أرادتني الأيام» قصة قصيرة للكاتبة الدكتورة شيرين الجلاب

شيرين الجلاب
شيرين الجلاب


 

 

 

مع كل طلعة شمس تتناقس أنفاسي لتشهد ميلاد يوم ولا تهدأ حتى تواريه التراب، تطاولت قامتي واستدارت حسب أرقام العداد لكن الأيام اختصتني لتكسبني رقما مزيفا ينكره الكل ولا يصدقه سواي.

تتصارع الأيام لتصنع المعجزات أن يتحقق حلم أو يسعد قلب أو يرد ظلم ولا نسمع سوى ضحكة تردد كلمة هيهات .

معزوفة هي الأيام أوتارها غزلتها الكلمات سيمفونية فرح شهدتها وكثيرا ما حفظت لحن الآهات، أجلس على مقعدي الخشبي أهنئ نفسي على نجاحاتي، وواسيتها في أغلب الأوقات، كم مللت الاعتياد، أصدرت قرارا نازيا سيكون الكرسي كرسي حساب.

أرصد زلاتي العنكبوتية لأدرك إلى أي سرب تنتمي، هل غزلت من أنسجتي، أم ورطني بها شيطان تقنع بزيف الإنسان، دائما يردد قلبي إن مع العسر يسرا، كم واستني عقيدتي الإيمانية وكثيرا ما لعبت دور المبرر لأخطائي، فمهما كان، ما أنا سوى لحم بشري ناطق يغمره الفكر العلم العرف الأمل، كما شئت أقدر الأمور وأكتب تاريخ الأزمان .

بيدي أسطر قصة قيصري وحكاية كسراي أضحوكة أجعل عنترة وأهزأ بكلمات نزار.

أبطال في ورقي هم غزاة، وغزاة بقلمي حكموا الأوطان، أتلمس أوراقي بين الظلمات لأكتب وأكتب وحدي، أملك حق الكلمات أبكي شعوبا ملت النعيم وأسعد شعوبا اعتادت الخشاش، فليس لها سواه بديل.

أنا من أنسج الحيرة أرسلها عبر النسمات تؤرق القلوب وتذبل اليانعات، وتبدل العاشق وغد جبان وتمنح الخائن شرف النزال، وتعلن النتيجة سحقا للحريات.

ترى من ألوم؟

ألوم نفسي، فهي من مزقتني أشلاء لا أدرك نهاية الطريق وقيدتني في قفص وهمي بلا أبواب، قيوده من جليد، تباطء خطواتي خوفا أن أقترب قد أجد مسخا عند الباب، أتردد أبكي أضحك أنهار أنهض، تتبدل خلفي اللوحة ما بين الأبيض والأسود وأنا أهذي خلف السر، أميرة منتظرة أنا؟ وإن كنت فمن أنتظر؟

أمتلك من الوجوه قرابة الألف أتزين بها عند الصحو وصوتي يتشكل ألوانا وضميري لا يملك لون.

أعجوبة الكون، أسموني ليس لفضل بل إنجاز، قدمت في زجاجة عقار يتناوله المرء وفي لحظة كل القيم وكل الأصول وكل الأعراف تنهار، فيرحبون به: أهلا بك في دنيا الفكر دنيا الوعي دنيا السم المنسال في فم الصغار قبل الكبار .

نسعد لموتانا نفرح لضياعنا نكره النجاح هكذا جعلنا العقار في دنيانا ليس لك أن تخذ أي قرار.