أسامة عجاج يكتب: بعد قرار الحسم بحل مجلس الأمة.. مرحلة جديدة عنوانها استعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي في الكويت

‫الكاتب الصحفي أسامة عجاج
‫الكاتب الصحفي أسامة عجاج

كل المؤشرات تذهب الي ان الكويت تسير بجدية شديدة باتجاه بدء مرحلة جديدة ظهرت مع الساعات الاولي لتولي الشيخ مشعل الاحمد الصباح مهام منصبه بعد ادائه اليمين الدستورية في منتصف ديسمبر الماضي تنهي عقود من الترهل والتأزيم الذي اثمر حالة من عدم الاستقرار السياسي والتراجع علي صعيد الاقتصادي بمقارنته باقتصاديات مثيلتها من دول الخليج الاخري وكان ذلك واضحا من الخطاب الاول في العشرين من شهر ديسمبر الماضي عندما وضع يده وبصراحة متناهية عن احد اهم اسباب الخلل في الكويت عندما شن هجوما علي الحكومة ومجلس الامة واتهمها معا بالتواطؤ في الاضرار بمصالح البلاد مستشهدا بما حصل من تعيينات في المناصب القيادية وكذلك السعي لتغيير هوية الكويت  وما جري في ملف العفو وتداعياته والتسابق لاقرار قانون رد الاعتبار وكانها صفقة لتبادل المصالح بين المجلسين يومها قدم الامير رؤيته لشكل العلاقة والتعاون بينهما في اقرار القوانين ولكن وفق ضوابط وهي مراعاة الثوابت والعدالة الاجتماعية والالتزام باحكام الدستور والتي تحكم العلاقة بينهما.

 ملامح المرحلة الجديدة 

وحدد الامير عنوان المرحلة القادمةفي الاصلاح والتطوير وركائزها العمل والاشراف والرقابة والمحاسبة واطارها الواجبات والحقوق الوطنية اعادة دوران حركة التنمية واسراع وتيرة تنفيذ المشاريع الحيوية وكان من الملاحظ ان الامور جاهزة باتجاه تنفيذ رؤية الامير مشعل والتي تمت علي مسارين وهما

الاول : الاختيار الدقيق لاعضاء السلطة التنفيذية وكان هذا واضحا في الانحياز الي استعادة دور الشيخ محمد صباح السالم والذي عاد بعد ١٣ سنة من استقالته من الحكومة ليقود اول وزراة في العهد الجديد وكان الاختيار دليلا علي رغبة الامير في اختيار شخصية لها خبرات وعلاقات دولية علي الصعيد الاقتصادي والسياسي ويتسم بالحزم والقوة والقدرة وله شعبية واسعة فهو ليس جزءا من الصراعات الداخلية ولم يرتبط باي قضايا فساد والذي بدوره نجح بصورة كبيرة في اختياراته لاعضاء فريقه الحكومي ونتوقف عند بعض المؤشرات هي كالتالي :

١-  التشكيلات تمت لاول مرة بعيدا عن التشاور مع المجاميع النيابية في مجلس الامة ذات النفوذ وبعضها كان له رأي في الاسماء المطروحة بل وطرح اسماء آخري وان كانت التشكيلة راعت بعض التوازنات ومنها توزير بعض المحسوبين علي هذه المجاميع

٢- كما شهدت التشكيلة انخفاض عدد الوزراء من الاسرة والتي ضمت اثنان فقط بعد ان جرت العادة علي ان يصل العدد الي اربعة او خمسة كما تم اختيار عشر وزراء جدد ولم يتبقي من الوزراة السابقة سوي ثلاثة فقط  
ومن جهته كان واضحا ان رئيس الوزراء قد درس ملفاته بعناية شديدة حيث حدد ثلاث اولويات  ظهرت في البرنامج الذي قدمته حكومة الشيخ محمد الصباح للبرلمان في برنامجها الذي عمل عنوان وطن عادل وآمن ومستدام  الأولي الاصلاح الاقتصادي بدعم القطاع الخاص في توفير الالاف من فرص العمل فمن المتوقع دخول ٣٠٠ الف مواطن سوق العمل في العشر سنوات القادمة والقطاع العام والحكومي لا يستطيعان توفير مثل هذا العدد تصحيح الخلل في المرتبات  الاستثمار في البشر بعد ان اقر بمخاطر الاستمرار في الاوضاع المالية والاقتصادية والاعتماد فقط علي ايرادات النفط في ظل تذبذب اسعاره بعد مخاوف من وصول العجز في الموازنة خلال السنوات الخمس القادمة الي مابين ١٣٦ الي ١٩٥ مليار دولار كما طرح  رئيس الحكومة رؤية جديدة تجاه الخريطة التشريعية والتي يسعي اعضاء مجلس الامة الكويتي لتمريرها في سعي لكسب شعبيه في الشارع من خلال التركيز علي مشاريع تحمل الدولة المزيد من الاعباء تحت شعار تحسين معيشة المواطنين ومع ذلك وفي رغبة لبدء صفحة جديدة مع الاعضاء  وقال رئيس الوزراء( ليس لدي حكم مسبق حول ايا من بنود الخارطة التشريعية والامر قابل للمناقشة)                             

جناح السلطة التشريعي

المسار الثاني : ما يتعلق بالسلطة التشريعية اي مجلس الامة الكويتي الذي تعرض هو الاخر لانتقادات من الشيخ مشعل في خطابه الاول حيث لم تختلف اولويات النواب ومطالبهم ومنها العودة الي سياسة التوظيف بعد قرار وقفه بعد ان شابها المحسوبية والمجاملة دون اي اعتبارات لمعيار الكفاءة وحاجة العمل مما دفع الامير عندما كان وليا للعهد الي اصدار قرار بوقف التعيينات والترقيات والندب والإعارات لمدة ثلاثة اشهر قابلة للتجديد وطالب النواب بقصر هذا الامر  علي الوظائف الكبري كما كان هناك حرص من النواب في استمرار الحفاظ علي شعبيتهم لضمان استمرار عضويتهم بالتركيز علي فكرة الابقاء علي استمرار الدعم الحكومي للجماهير في ترسيخ لدولة الرفاه دون النظر الي ان الدعم يمثل ٢٠ بالمائة من الميزانية العامة للدولة ورؤية الحكومة في استهداف للطبقات الكويتية  الوسطي  وحصولهم منه علي النصيب الاكبر دون الطبقة العليا 
وحاول رئيس الوزراء الي ايجاد ارضية مشتركة مع المجلس علي صياغة علاقة تعاون علي اسس جديدة حيث تحدث عن (انهم شركاء في تحمل المسئولية الوطنية مؤكدا علي التعاون البناء ولكن وفق الاطر الدستورية والثوابت البرلمانية الراسخة) بعيدا  عن اسلوب المقايضات فالوقت ليس وقت مناكفات سياسية علي حساب مصالح الكويت العليا  وكان هناك حرص علي عقد اجتماعات تنسيقية مع رئيس مجلس الامة احمد السعدون للاتفاق علي الاجندة الخاصة بمشروعات القوانين المطروحة.                     

الاتجاه للتصعيد 

ويبدو ان اعضاء مجلس الامة كان لهم رأي آخر وكأنه يسعي الي اشعال الحرائق وافتعال الازمات وتصعيد المواقف وهو مشاهدته وقائع واعمال جلسة الثلاثاء الماضي  رغم انها كانت جلسة عادية جلسة يتضمن جدول اعمالها مشاريع قوانين حول زيادة المرتبات نتيجة غلاء المعيشة وطلبت الحكومة تأجيل هذه القوانين لشهر وانقسم المجلس حول طلب الحكومة البعض اعتبر الامر منطقيًا في ظل انها  جديدة وتحتاج الي وقت والي اعتمادات واعباء مالية وعند التصويت وافقت الاغلبية علي التأجيل الي الخامس من مارس القادم 
وتم عقد جلسة آخري في اليوم التالي ووقف  احد النواب ليقول بدون مناسبة ان (الامير قسا علي المجلس كما يقسو الاب علي ابنائه) واضاف انه (شخصيا لم يصوت علي اقرار مخصصات الامير في حين تأجيل زيادات غلاء المعيشة للمواطنين) وتدخل رئيس المجلس احمد السعدون لشطب كلام  النائب من المضبطة ومن تسجيل الجلسة  لانه تجاوز الخطوط الحمراء وفي ظل رفض النائب واصرار السعدون علي موقفه تم الاحتكام الي تصويت النواب وكانت المفاجاة ان كل اعضاء المجلس ماعدا السعدون طبعا ونائبه محمد المطير كانت مع الابقاء علي كلام النائب وخرجت النتيجة ٤٤ نائبا مقابل ١٦ بما فيهم بالطبع ال ١٤ وزيرا الذين يحق لهم التصويت ويوم الاربعاء الماضي  لم تحضر الحكومة الجلسة فلم تنعقد بالطبع وكانت مخصصة لمناقشة برنامج الحكومة وبعدها كتب وزير الدولة لشئون مجلس الامة ان المادة ٥٤  تنص علي ان الامير رئيس الدولة وذاته مصونة لاتمس  وكانت الرسالة واضحة في صدور مرسوم حل مجلس الامة وفقا للمادة ١٠٧ والذي تضمن الاشارة الي مابدر من مجلس الامة من تجاوز للثوابت الدستورية في ضرورة الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة فصدر قرار الامير الخميس الماضي بحل المجلس وفقا لمواد الدستور.

وتتعدد الاسباب في هذا التصعيد المفاجئ من مجلس الامة الكويتي وهناك اعتقاد لدي العديد من الاوساط السياسية في الكويت ان ماحدث من حل المجلس  جاء علي خلفية صراعات داخل الاسرة الحاكمة علي منصب ولاية العهد وهو ماصرح به عدد من اعضاء مجلس الامة ويلاحظ في هذا الشان ان الامير لم يعين حتي الان احدا في ذلك المنصب فالدستور يتيح له مدة عام تنتهي نهاية هذه السنة واستعاض بذلك بتعيين رئيس الوزراء الشيخ محمد الصباح نائبا له مما يكشف عن ان الوضع مستمر الي حين  الانتهاء من التوافق علي اسم من بين الاسماء المطروحة ومنها الشيخ احمد النواف رئيس الوزراء السابق واحمد الفهد وهناك بعض التقارير تتحدث عن ابنه الشيخ احمد مشعل الصباح  والذي يشغل منصب رئيس مجلس متابعة الاداء الحكومي.

وعندما سئل رئيس الوزراء الكويتي في لقائه منذ حوالي عشرة ايام مع رؤساء تحرير الصحف الكويتية  عن ذلك كان واضحا ومحددا وقال ( ان الحديث عن خلافات الاسرة فيه (دراما بزيادة ) واكد( ان الاسرة حالها كحال العائلات الكويتية لديها تفاوت في الاراء ولكن لاترقي الي مستوي الصراع واري كلمة الصراع ثقيلة علي) واضاف (من قبل كان خلافات في السابق ولم تؤثر في المسيرة ولم تتأثر الكويت وحكمة الحكماء احتواء اي خلاف).

وبعد فان الكويتيون مدعون الي الاقتراع للمرة الثالثة خلال ثلاث اعوام بعد انتخابات يونيو الماضي وسبتمبر ٢٠٢٢ في انتظار المرسوم الاميري بتحديد موعدها وان كان الدستور ينص علي انها تتم بعد شهرين من صدوره وبعدها تكون الكويت مع مرحلة جديدة مع الامير مشعل الاحمد عنوانها الاستقرار والتفرغ لاستعادة عافية البلاد علي كافة الاصعدة دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا.