محطات عالم أزهرى تكشف مسيرة كبار العلماء

جانب من لقاءات مسيرة عالم فى رحاب جناح الأزهر
جانب من لقاءات مسيرة عالم فى رحاب جناح الأزهر

حفل جناح الأزهر الشريف بمعرض الكتاب بعدة ندوات مهمة من بينها سلسلة «محطات فى مسيرة عالم أزهرى»، والتى استضافت عددا من العلماء كان آخرهم الدكتور أحمد معبد عبدالكريم، عضو هيئة كبار العلماء والذى تحدث عن نشأته فى قرية بالفيوم فى أسرة متوسطة الحال، وقد توفى والده قبل ولادته بثلاثة أشهر وأنه حفظ القرآن فى كُتاب القرية، وأتمَّ حفظ القرآن وهو فى عمر الثانية عشرة من عمره، ثم التحق بالأزهر بالقاهرة، لعدم وجود معاهد أزهرية بالفيوم.

وأوضح أن سبب دراسته أكثر من مذهب فقهى جاء خلال ذهابه لإحضار وجبة العشاء له ولزملائه، حيث وجد عند البائع مجلدين للمذهب الشافعى ورغم أنه كان مالكى المذهب إلا أنه اشتراه وأثر شراء الكتابين على الطعام، ومن وقتها أحب دراسة المذاهب الفقهية كلها.

وبيّن الدكتور معبد أنه حصل على درجة الماجستير فى التفسير وآخر فى علوم الحديث، ولم يكن وقتها مجال الحديث له باع مثل باقى الأقسام الأخرى، ولكن مع الوقت تخصص فى هذا المجال.

وكشف الدكتور على جمعة، عن كواليس نشأته وأبرز محطات حياته الدينية والعلمية، وأوضح أن والده كان قارئا نهما وكان يشجعه على القراءة وقال: «تعلمت منه حب التعلم والرغبة فى المعرفة، وزاد لى فى مصروفى الشخصى من (٣) جنيهات، إلى (٦) جنيهات، عندما علم أننى أشترى الكتب والمراجع، ثم زاد من دعمه لى وضاعف هذا المصروف تشجيعا لى، لدرجة أنه اشترى لى مكتبة خاصة بى»، مضيفا أن أكثر ما أثر فيه هو تعلم الأصول والقيم التى لا يوجد مثلها فى مجتمع المدينة.

قائلا: «كان جدى يقيم بمنزله الكبير على هيئة دوار، فى قرية طنسا التابعة لمركز ببا ببنى سويف، وكنت أذهب إليه كثيرا، وفى هذا المكان تعلمت معنى الاجتماع بالعائلة، والقيم والأصول، كما تعلقت بالريف وأحببته، واعتدت زيارة المزارع والحدائق التى كنت أذهب إليها كثيرا».

وأضاف أن شيخ الأزهر الأسبق، الشيخ جاد الحق، اختاره وهو فى سن الأربعين، ليكون عضوا رئيسيا فى لجنة الإفتاء بالجامع الأزهر، وذلك على الرغم من أنه كان هناك شرط تنظيمى لتقلد هذه العضوية، وهو أن يكون الشخص سنه تتخطى الخامسة والأربعين، ولكن كان اختيار شيخ الأزهر له بناء على ترشيح ملح من الشيخ عطية صقر، والشيخ عبدالرزاق ناصر-رحمة الله عليهما- موضحا أنه قد تعلم منهما الكثير والكثير فى عمله بمهنة الإفتاء.

وقال الدكتور حسن الشافعى إن اتجاهه فى المرحلة الابتدائية هو الذى حوله لدراسة المنطق والعقيدة، وقد كان شغوفًا بالدراسة واعتاد أن يعمل بهدوء ونظام وانضباط فى دراسته وعمله. وأضاف أن الكتاتيب فى مصر لعبت دورًا كبيرًا فى إعداد الشباب، مبينًا أن والده كان شيخًا أزهريًا من قراء صحيفة الأهرام، وكان يقرأ لوالده الصحف، وهو ما قوَّم لسانه وجعله مستقيمًا، مؤكدًا على أهمية إحياء فكرة الكتاتيب وعودتها بشيء أو بآخر.

وأكد أنه عاصر ١٤ شيخًا للأزهر الشريف ابتداءً من الشيخ المراغي، والشيخ حمروش، والشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ عبد الرحمن تاج، والشيخ محمود شلتوت. وأكد خلال الندوة أن العمل فى الدعوة الإسلامية شرف لا ينافسه شرف، وقرأت لأحد الزعماء الأجانب «أنه لابد من تحرير الدعوة الإسلامية من شيئين السياسة والعنف»، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يكون الدعاة المصريون دعاة تطرف، وأن مصر بفضل الأزهر الشريف ستظل بلد الوسطية والاعتدال، ومن يريد أن يشتغل بالسياسة فعليه أن يذهب للأحزاب، ومن يريد العنف فليذهب بعيدًا عن مصر، فهى بلد السماحة والأخوة والوسطية والاعتدال، ولا يوجد شعب ينافس المصريين فى محبة آل البيت والنبى صلى الله عليه وسلم.

وأوضح الدكتور الشافعى أن للجسد على الإنسان حقا كبيرا يجب عليه أن يرعاه ويسخره لخدمة الإنسانية، وأنه قد تبرع بمستحقاته المالية وتبرع بما يزيد على ثلاثة أرباع مليون جنيه لصندوق تحيا مصر، وساهم فى مساعدات وقوافل بيت الزكاة برئاسة الإمام الأكبر شيخ الأزهر.

والعالم الأزهرى الدكتور حسن محمود الشافعي، هو عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، وعضو مجلس حكماء المسلمين، ورئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، ورئيس مجمع اللغة العربية السابق، وهو صاحب الإسهامات العلمية الرصينة المتنوعة بالتأليف والتحقيق والترجمة فى الفلسفة وعلوم اللغة العربية، كما ساهم فى إنشاء الجامعة الإسلامية العالمية فى إسلام آباد، ووضع مناهج كلياتها، وتولى رئاستها، من ١٩٩٨ إلى ٢٠٠٤م، وله جهود كبيرة فى إنشاء سلسلة من المعاهد التى تعنى بالدراسة الأزهرية، وخدمته اللغة العربية خلال رئاسته مجمع اللغة العربية بالقاهرة، كما فاز بجائزة الملك فيصل العالمية بعد أقل من 10 سنوات من نيلها لأول مرة.