عمالقة التكنولوجيا يكممون الأصوات المناصرة لفلسطين

شركات التكنولوجيا الكبرى خارجة عن القانون
شركات التكنولوجيا الكبرى خارجة عن القانون

■ كتبت: دينا توفيق

وراء الحرية والحقوق الدستورية يتستر عمالقة التكنولوجيا، لديهم أيديولوجية سياسية وأجندة مصالح واحدة، لا أحد بعيد عن مُراقبتهم وتحت سيطرتهم؛ أنظمة وحكومات ورؤساء وعامة، يعلمون عن مستخدميهم كل شيء، يُمكنهم فرض رقابتهم على وجهة نظرك مثلما يحدث منذ بداية الحرب على غزة، يتحكمون فيما يُنشر بالحجب أو الحذف، وما يتم عرضه من محتوى ومعلومات، يحاصرون الفلسطينيين ويتركون الكيان الصهيونى ينشر أكاذيبه دون تدقيق، ابتعدوا عن مبادئ حرية التعبير، وأصبحوا وسائل للتضليل وخنق صوت الحق، لقد باتت شركات التكنولوجيا العملاقة وسيلة للقمع، قوانينهم هى التى تحكم وتتحكم.

منذ بدء العلميات بقصف غزة، لعبت وسائل التواصل الاجتماعى دورًا مؤثرًا فى تشكيل وجهات النظر الأمريكية والعالمية حول الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، لم تعر أى اهتمام للتأثير غير المسبوق لحملة الحصار والقصف الإسرائيلية على الأطفال والصحفيين فى قطاع غزة.

تترك استخدام لغة عاطفية لوصف عمليات قتل الإسرائيليين، وتحذف أى محتوى لدعم الفلسطينيين. هناك مجموعة تطلق على نفسها مجموعة «الحقيقة الحديدية» تقوم بوضع علامة على آلاف المنشورات التى تتعاطف مع الفلسطينيين لإزالتها.

◄ اقرأ أيضًا | «خطة الـ6 أشهر».. نتنياهو يعلن تفاصيل جديدة بالحرب على غزة

هذه المجموعة هم متطوعون من قطاع التكنولوجيا فى إسرائيل يعملون على إزالة المحتوى على منصات مثل فيسبوك وتيك توك وX (تويتر سابقًا) بمزاعم أنه لا يتوافق مع قواعد هذه المنصات، وتستخدم المجموعة علاقاتها الشخصية فى شركات التكنولوجيا الكبرى لحذف المنشورات خارج القنوات الرسمية، حسب ما ذكره قائد المجموعة.

ووفقًا لموقع «ذى إنترسبت» الأمريكى، فإن اسم المجموعة يعكس نظام اعتراض الصواريخ «القبة الحديدية» لقوات الاحتلال. تدعى مجموعة «الحقيقة الحديدية» وهى من بنات أفكار مهندس البرمجيات «داني كاجانوفيتش» المقيم فى تل أبيب ويعمل فى جوجل، أن قنواتها الخلفية لصناعة التكنولوجيا أدت إلى إزالة ما يقرب من ألف منشور وصفها أعضاؤها بأنها كاذبة أو معادية للسامية أو مؤيدة للإرهاب عبر المنصات مثل X ويوتيوب وتيك توك. وتضمنت قائمة المنشورات التي طالبت مجموعة الحقيقة الحديدية حذفها من المنصات كل المحتوى الذى يشكك فى رواية قوات الاحتلال.

◄ محتوى عنصري
وحتى الآن، قام ما يقرب من ألفى مشارك بوضع علامة على مجموعة واسعة من المنشورات لإزالتها، بدءًا من المحتوى الذى يبدو عنصريًا أو كاذبًا وينتقد إسرائيل أو يتعاطف مع الفلسطينيين. ويوضح كاجانوفيتش قائلًا «إن مصالح مجموعة التحقق من الحقائق أو مجموعة مكافحة التضليل التى تعمل فى سياق الحرب تعود إلى طرف محارب أو آخر». فيما أوضح الباحث بمختبر أبحاث الطب الشرعى الرقمى التابع للمجلس الأطلسى «إيمرسون بروكينج»، أن مهمتهم هى البحث عن مصالح جانبهم، إنهم لا يحاولون ضمان مساحة مفتوحة وآمنة ويمكن الوصول إليها عبر الإنترنت للجميع، وخالية من المعلومات المضللة. إنهم يحاولون استهداف وإزالة المعلومات والمعلومات المضللة التى يرون أنها ضارة أو خطيرة على الإسرائيليين.

ويصف الباحث الأمريكى «مايكل كويت» بمشروع مجتمع المعلومات فى كلية الحقوق بجامعة «ييل» الأمريكية شركات التكنولوجيا الكبرى بأنها العمود الفقرى لدولة المراقبة القائمة على التكنولوجيا التى تعمل على عزل وإخضاع الفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية. وفى أعقاب الحرب الأكثر دموية فى غزة، تعرضت منصات مثل إنستجرام ويوتيوب وX للتدقيق مرة أخرى لدورها باعتبارها «ساحات مدن» حديثة.

وكان هذا واضحًا من رد الفعل العنيف الأخير ضد إنستجرام المملوك لشركة ميتا Meta بزعم حظر المستخدمين المؤيدين للفلسطينيين. حيث أبلغ العديد من المستخدمين عن انخفاض مفاجئ فى عدد المتابعين والمشاهدات على «قصص» إنستجرام الخاصة بهم.

لكن ميتا أرجعت ضعف الرؤية إلى خلل فنى ونفت أن يكون لها أى علاقة بمحتوى المنشورات. ولكن تم تصنيف أكثر من 795 ألف محتوى عبر المنصات المملوكة لشركة ميتا على أنها «مزعجة»، بينما تمت إزالة سبعة أضعاف عدد من المحتوى مقارنة بالشهرين بما قبل بدء العمليات العسكرية فى غزة، حسب موقع «ذا كوينت» الإخبارى الهندى.

فيما كان هناك أكثر من 1009 انتهاكات للحقوق الرقمية الفلسطينية التى وثقها المرصد الفلسطينى لانتهاكات الحقوق الرقمية بين حالات إزالة أو تقييد، وخطابات كراهية، وتحريض على العنف.

◄ المنشورات المريبة
فى 2021، بعثت السيناتور الجمهورية «مارشا بلاكبيرن» عن ولاية تينيسى برسالة إلى البيت الأبيض، ادعت فيها أن إدارة الرئيس الأمريكى «جو بايدن» تعمل مع عمالقة التكنولوجيا «لفرض رقابة على حرية التعبير لدى الأمريكيين». عارضت بلاكبيرن على وجه التحديد التصريحات التى أدلت بها السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض «جين بساكي» آنذاك، التى قالت فيها إن البيت الأبيض على اتصال منتظم بشركات التواصل الاجتماعى حول «المنشورات المريبة» المتعلقة باللقاحات. وأوضحت بساكى خلال مؤتمر صحفى أن البيت الأبيض لم يطلب من الشركات حظر أى منشورات فردية، بل أثار مخاوف بشأن معلومات غير دقيقة تتجه على منصاتها.

بينما شهدت الولايات المتحدة صدمة تواطؤ إدارة بايدن مع شركات التكنولوجيا الكبرى لفرض رقابة على ما يتعلق بالفيروس، والآن دعم الكيان الصهيونى وإهدار حق الفلسطينيين. من الواضح أن القضية المطروحة والسؤال الأعمق حول من يمكنه تحديد المحتوى، لشعب حر ذى سيادة أم فئة حاكمة منعزلة؟!.