بتجرد

إسرائيل من الداخل «٣».. الهجرة العكسية

المهندس أحمد العصار
المهندس أحمد العصار

شكلت الهجرة العكسية إلى خارج إسرائيل كابوسًا للمشروع الصهيونى وضربة لمناعة إسرائيل الديموغرافية، ولقد تصاعدت وتيرة الهجرة العكسية بشكل غير مسبوق بعد هجوم السابع من أكتوبر، إذ غادر إسرائيل ٤٠٠ ألف مواطن خلال شهرين مقارنة بـ ٩٠٠ ألف شخص منذ عام ١٩٤٨ وحتى ٢٠٢٢.

ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن ٤٧٪ ممن غادروا إسرائيل قرروا عدم العودة إليها، ووفقًا للإحصاءات واستطلاعات الرأى، يفكر ٣٠٪ من الإسرائيليين بالرحيل، وارتفعت طلبات الحصول على إحدى الجنسيات الأوروبية بنسبة ٦٨٪ مقارنة بالسنوات الماضية، كما ارتفعت نسبة الشباب الطامحين فى الهجرة إلى ٥٦٪.

يعد عدم الشعور بالأمان من الأسباب الرئيسية للهجرة العكسية فى ظل تصاعد عمليات المقاومة وتحول المواجهات فى الضفة الغربية إلى حالة شعبية. تقويض الحالة الديمقراطية على خلفية التعديلات القضائية أثار أيضا مخاوف الإسرائيليين على حقوقهم وحرياتهم.

هذا إلى جانب التبعات الاقتصادية للحرب الحالية وقضية الإصلاح القضائي، وبالتالى المساس بالعقد الاجتماعى بين المستوطن والدولة وأهم ركائزه وهى الرفاهية الاقتصادية. أحد الأسباب الرئيسة أيضًا هى الانقسام المجتمعى بين العلمانيين المتدينيين فى ظل صعود اليمين المتطرف وتخوف العلمانيين على شكل الحياة العامة.

وتقديرى أن الهجرة العكسية ضربت فكرة الوطن القومى لليهود فى مقتل، واعادت اقتران مصطلحات النزوح الشتات بإسرائيل، وأثرت سلبيًا على عناصر القوى الشاملة للدولة بسبب البعد الديموغرافى والتخوف من التفوق العددى الفلسطينى فى المستقبل، مما قد يدفع باتجاه نظام بارتايد. كما يؤدى الانقسام العرقى الايدولوجى إلى تحويل المجتمع إلى مجموعة من المستوطنين لا المواطنين.

مهما طال الزمن فلن تستطيع إسرائيل أن تستأصل فكرة المقاومة، ولن ينعم المجتمع الإسرائيلى بالسكينة وستظل تطارده لعنة الارض المحتلة، وتضج مضاجعه صرخات أصحاب الحق. الحل هو إقامة دولتين على أساس من السلم الشامل.