بتجرد

إسرائيل من الداخل.. نظرية الأمن (١)

المهندس أحمد العصار
المهندس أحمد العصار

لا شك أن ما حدث يوم السابع من أكتوبر هو زلزال كبير له توابع فى الداخل الإسرائيلى على مستويات عدة، السياسى منها والأمنى والاقتصادى.. وسوف نحلل بعضا من هذه التوابع فى مجموعة من المقالات، نستهلها بنظرية الأمن الإسرائيلى.

شكلت عملية طوفان الاقصى ضربة قاصمة للأمن القومى الإسرائيلى وهدمت نظريتها للأمن، فى مشهد غير مسبوق فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، فقد انهار «مبدأ الردع» حيث لم تنجح نظرية «جز العشب» فى تقويض قدرات حماس العسكرية أولا بأول، ولم تمنع الآلة العسكرية الإسرائيلية حماس من شن هجوم واسع وإلحاق خسائر بشرية كبيرة فى صفوف الجانب الإسرائيلى.

وصول حماس إلى العمق الإسرائيلى والسيطرة على المستوطنات لساعات هو حدث جلل فى العقلية الإسرائيلية، أدى إلى سقوط استراتيجية «نقل الحرب إلى أرض العدو»، كما تصدعت فكرة «كل الشعب جيش» على اثر عدم وجود أى مقاومة تذكر لمقاتلى حماس.

تراخى المنظومة الاستخباراتية الإسرائيلية وفشل جميع وسائل جمع المعلومات فى توقع العملية -على الرغم من طول فترة الإعداد- أتاح لحماس عنصر المفاجأة وعزز من فرضية قدرتها على العمل الاستخباراتى المضاد.

افتقاد إسرائيل لعمق جغرافى دفاعى واحتمالية تعدد جبهات القتال أدى إلى احساس إسرائيل بتهديد وجودى، وبالتالى استدعاء التدخل الأمريكى المباشر، فأظهر فقدان إسرائيل لمبدأ التفوق النوعى على الرغم من التفوق العسكرى الإسرائيلى على الدول العربية مجتمعة، وبالتالى صدّرت إسرائيل صورة عنوانها الضعف وكأنها تقول للدول العربية «اتحدوا كى تهزمونى فأنا لست بالقوة التى تتخيلونها».

من ناحية أخرى، فقد فشلت إسرائيل فى الرد السريع والحاسم، حيث لم تحقق الحرب على غزة أهدافها حتى الآن.

والتقدير أن إسرائيل ستدخل تعديلات جوهرية على نظريتها للأمن وحماس ستتمسك أكثر من ذى قبل بخيار المقاومة الاستراتيجى.