بدون تردد

بالعقل.. وليس بالكلام

محمد بركات
محمد بركات

منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلى الشرس على الشعب الفلسطينى فى غزة، وطوال الأيام التسعة والأربعين التى استغرقها العدوان، الذى استخدمت فيه كل أسلحة ومعدات القتل والدمار وسفك الدماء،...، كانت مصر تدرك ان الشعب الفلسطينى يحتاج إلى ما هو أكثر بكثير من مجرد البيانات الحماسية الحنجورية، وصيحات الشجب والاستنكار للعدوان، ونداءات المطالبة بوقف القتال وتوقف الحرب.

كانت مصر ولا تزال كعهدها دائما تدرك أن الكلمات وحدها لن تفيد الشعب الفلسطينى فى شىء، وأن البيانات مهما ارتفع صوتها وزادت حدتها وعلت وتيرتها لن توقف العدوان، أو تنقذ أهالينا فى غزة من القتل والدمار.

كانت مصر تؤمن ولا تزال بأن المطلوب هو العمل الجاد والفعل الإيجابي، وليس مجرد الكلام،...، لذلك تحركت مصر بكل السرعة الممكنة والحكمة والخبرة المتراكمة، على جميع الأصعدة وكل المستويات ومع كل الأطراف، وعلى كل المحاور عربيا وإقليميا ودوليا، مع التركيز على الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى والتنسيق مع الجانب الأمريكي، للوصول إلى توافق مبدئى حول هدنة يتوقف فيها القتال مؤقتا، بما يفتح الباب أمام الجهود المبذولة للسعى الجاد للتهدئة ووقف إطلاق النار بصفة دائمة.

وفى هذا الإطار، احسب اننا لا نحتاج إلى التأكيد، على الحقيقة الواضحة والقائمة على أرض الواقع، والتى لمسها وأخذ بها العالم كله، خلال الأيام والأسابيع الماضية وحتى اليوم،...، وهى انه دون الجهد المكثف والمتواصل الذى بذلته مصر بقيادة زعامتها الوطنية والحكمة البالغة فى التعامل مع كل الأطراف، ما كان يمكن أن يتم التوصل إلى التوافق الحالي.

كما لا نحتاج إلى التأكيد كذلك، على انه بالرغم من النجاح الذى تحقق فى وقف القتال مؤقتا فى الهدنة الحالية، إلا أن ذلك ليس هو كل ما تسعى وتهدف مصر إلى تحقيقه بالنسبة للقضية الفلسطينية والصراع الفلسطينى الإسرائىلي.

وفى ذلك نشير بوضوح إلى تواصل الجهود المصرية الساعية لتثبيت وقف اطلاق النار، وفتح الطريق أمام الاتصالات السياسية المؤدية لحل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، يوفر السلام والأمن لكل المنطقة، وذلك بالاستجابة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى على أساس الشرعية الدولية، وفى مقدمتها حقه المشروع فى العيش فى أمن وسلام فى دولته المستقلة، التى تقوم بالضفة وغزة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. فى اطار حل الدولتين.