كتابة

مشروع المقاومة.. مرة ليست أخيرة

محمود الوردانى
محمود الوردانى

محمود الوردانى

توشك الحرب على غزة أن تنهى شهرها الثانى، ويتأكد بالنسبة لى أن مشروع المقاومة مازال منتصرا. أريد أولا أن أشير بسرعة إلى أن المقاومة ليست حماس وحدها، وهناك عدد من الفصائل المسلحة من بينها مثلا كتائب مصطفى على الجناح العسكرى للجبهة الشعبية، لكن مصلحة إسرائيل أن نظل نردد خماس خماس! كما أن هؤلاء المقاومين من الشعب الفلسطينى الذى يرفض التهجير القسرى، هم من بين الفصائل حتى لو كانوا لايحملون السلاح. 

أعلم جيدا أن الثمن فادح وأن أهلنا فى غزة يتعرّضون للإبادة الجماعية وأن غزة تُهدم بيتا وراء بيت وشارعا وراء شارع. أعلم حجم التضحيات وآلام الجوع والعطش وخروج المستشفيات من الخدمة وأعداد الشهداء والجرحى بعشرات الآلاف وقصف المدارس التابعة للأونروا والتى لجأ إليها أهل غزة بساكنيها من العائلات النازحة.

 أعلم كل هذا.. لكننى أعلم أيضا أن آلة الحرب الإسرائيلية الجبارة المدعومة بقوات أمريكية تشارك فعلا، وحاملات طائرات وبوارج ضخمة وجنرالات يعملون بأيديهم وليسوا مجرد مستشارين، لم تستطع حتى الآن أن تحقق أيا من الهدفين اللذين أعلنت عنهما وهما القضاء على حماس واستعادة الأسرى. أكثر من هذا هناك معارك تدور وقتلى من العدو وتدمير لآلياته. مازال هناك قتال ومعارك تدور فعلا، وليس مثل كل مرة الإسرائيليون يضربون ويضربون ولا أحد يرد عليهم.

  هذه المظاهرات الضخمة فى كل بلاد الدنيا، وهى مظاهرات لا تنقطع، وأشكال التضامن والدعم والتأييد تتسع كل يوم، بل وهناك بعض الدول تغِّير موقفها الرسمى وتحاول التقليل من التأييد الجارف الذى اعتادت عليه.

  ومن بين أهم مايؤكد انتصار مشروع المقاومة، التأييد الذى يلقاه حل الدولتين. طبعا لا ضمانات ولا خارطة طريق والمشاكل التى تكبل حلا كهذا لا حصر لها، لكننى أظن – اعتمادا على ما يجرى الآن - أن هناك تغييرا ملموسا، وهناك رفض واضح لتولى الجيش الإسرائيلى مسئولية غزة، وبدأ الحديث يدورعن دور للسلطة الفلسطينية، وإن كان مما لا يبعث على الارتياح عودة الكلام عن محمد دحلان.

  ولابد من مقارنة هذا الوضع الحالى بما كان يدور منذ 2014 عندما توقف الحديث تماما عن أى  حلول على الإطلاق. أطلقت يد إسرائيل، وجرى إضعاف وتهميش السلطة الفلسطينية ونزع صلاحياتها وإهانتها، واكتظت السجون بالأسرى، وانشغل العالم تماما، بينما كان قطار التطبيع بين إسرائيل وكثير من جاراتها العربيات يكسب أراضى جديدة.  

 أكرر أن الثمن الذى يدفعه أهلنا فادح ومؤلم ومخز لنا جميعا وغير إنسانى، وأن هناك كارثة إنسانية، بل وصمة عار يحملها هذا العالم بسبب التمثيل بالفلسطينيين على هذا النحو الهمجى، والإبادة الجماعية لشعب كامل.

 من جانب آخر، نشاهد الآن تفجر الأوضاع فى الضفة الغربية والعديد من مدن الداخل، وإذا كانت آلة القمع والتخريب والاعتقال تجتاح المدن والضفة تمارس الأسلوب الوحشى والهمجى نفسه، فإن هناك مواجهات بدأت تلوح بوادرها، وسوف تحتدم الأوضاع، وقد دخل المستوطنون على الخط ويهاجمون الفلسطينيين، أى أن الأمور تتعقد، ولابد من حلول.

 وأخيرا لابد من عمل مشترك من أجل توحيد الفلسطينيين، ولاننسى أن هناك نكبة لا تقل عن نكبة 1948 اسمها الانقسام الفلسطينى. هذا الانقسام وصمة ولايليق بشعب كالشعب الفلسطينى، أن تعجز قيادته عن الاتحاد، وجزء أساسى من نجاح مشروع المقاومة يكمن هنا: فى الوحدة.