بعد مواقفه المشرفة من القضية الفلسطينية د. أحمد سالم.. مدرس العقيدة بجامعة الأزهر يفند مزاعم الهجوم الإسرائيلى على الأزهر

د. أحمد الطيب
د. أحمد الطيب

كشف د. أحمد سالم- مدرس العقيدة والفلسفة فى جامعة الأزهر، المغالطات التي وردت فى التقرير الذى نشره معهد أبحاث ودراسات الأمن القومي الإسرائيلي INSS على موقعه الإلكتروني، وتضمن التقرير نقدا لموقف الأزهر الشريف من دعم القضية الفلسطينية، موضحا أن الباحثين ارتكبا أخطاء منهجية فى إعداد التقرير منها:

أولا: أنهما صدرا تبريرهما لجرائم الحرب التى ارتكبها الكيان الصهيونى ضد المدنيين من الشعب الفلسطيني، بأن ذلك يرجع إلى المذبحة التى ارتكبتها حماس ضد إسرائيل فى السابع من أكتوبر، وكان رد الأزهر إدانة قتل الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ دون وجه حق، وهذا ما نادت به جميع الأديان السماوية، والفطرة السوية.

اقرأ أيضاً| فحص 624 ألف طالب بمبادرة السيسي للكشف عن الأنيميا والسمنة والتقزم

ثانيا: أنهما اتهما الأزهر صراحة بأنه داعم للإرهاب، حيث ادعيا أن مؤسسة الأزهر فى مصر، والتى تعتبر مرجعية دينية سنية عريقة ومؤثرة، تصنفها مصر كمنارة «للاعتدال الدينى» وحاملة الراية الإيديولوجية للحرب ضد التطرف الإسلامي، انكشفت بالمعنى الحرفى للكلمة باعتبارها داعمة للإرهاب. ومع اندلاع الحرب، يقوم الأزهر بحملة تهدف إلى تأجيج العداء لدى الرأى العام العربى الإسلامى ضد إسرائيل ومؤيديها فى الغرب. وفى ظل الوضع المتفجر، يجب على إسرائيل ومصر والأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة أن تتحرك بسرعة وحسم لكبح هذا الخطاب الخطير.

شهادة للتاريخ

وأشار سالم إلى أن الكاتبين قد غفلا أن الأزهر فى خطاباته التى اعتبراها دعما للإرهاب ثمن جهود أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وهو يدعو العالم على أبواب معبر رفح، غير خائف ولا مجامل، إلى ضرورة وقف العدوان على الضعفاء والمستضعفين فى غزة وإلى ضرورة إدخال المساعدات لهم بعدما ارتكبه الكيان الصهيونى من مخالفات للقانون الدولى الإنساني، من قطع لكل وسائل العيش عن شعب فلسطين، ومنعهم من الماء والدواء والغذاء لمدة تجاوزت العشرين يوما، متسائلا: فهل على تفسير الكاتبين يعد الأمين العام للأمم المتحدة داعما للإرهاب أم داعما للإنسانية التى تجرد منها الكيان الصهيوني؟ وهو يستهدف المستشفى المعمدانى ويستهدف الأطقم الطبية، ومراسلى القنوات التلفزيونية والإعلاميين، ويقطع الكهرباء والانترنت، حتى يعيث فى قطاع غزة إجراما وسفكا للدماء وفسادا.

وتابع أن الكاتبين ادعى أن مؤسسة الأزهر «تستفيد بحسب الدستور المصرى من ميزانية الدولة والدعم المالى من دولة الإمارات العربية المتحدة».

وهذا كذب وافتراء وجهل بالدستور المصري، فالأزهر الشريف يحصل على اعتماداته المالية من ميزانية الدولة المصرية، وهذا ما نص عليه الدستور فى المادة السابعة: «الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساس فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه...».

 وأضاف مدرس العقيدة أن التقرير، ذكر أن د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر:  «الروح الحية وراء خط المؤسسة الأزهرية المتشدد تجاه إسرائيل، وأنه كثيرا ما يردد رسالة مفادها أن كل احتلال ينتهى به الأمر إلى الزوال عاجلا أم آجلا»، أى إن وجود إسرائيل مؤقت ومحكوم عليه بالانقراض”، مشيرا إلى أن موقف شيخ الأزهر من دعم القضية الفلسطينية، شهادة تدعو للفخار، لأنه القلب النابض للأزهر الشريف، كما أنها شهادة بأنه من الذين أعلنوا جهارا كشف الجرائم التى يرتكبها المحتل الصهيونى ضد المدنيين من الفلسطينيين، مستدركا وإن حسبا الكاتبان موقف الإمام الأكبر تشددا فهذا عين الصواب، وعملا بقوله تعالى: «واغلظ عليهم» لمن استوجب الغلظة لارتكابه البغى والفساد فى الأرض.

دعم الأزهر للمقاومة الفلسطينية

ولفت إلى أن التقرير ورد فيه انزعاج الكاتبين من قيام الأزهر بإدانة انتهاكات الكيان الصهيوني، وحثه الشعب الفلسطينى على الصمود، وهذا ذروة سنام التقرير، ذلك أن الكاتبين ذكرا فى تقريرهما انزعاجهما من دعم الأزهر للمقاومة الفلسطينية، واستشهادهما بما نشره فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر فى رسالته لحث المجتمع الدولى لحماية الفلسطينيين العزل من الجرائم التى يرتكبها المحتل الصهيوني، وقتله المستضعفين من النساء والأطفال بدم بارد، وزعم الكاتبان أن البيانات التى أصدرها الأزهر جاءت مخالفة لما قرره الساسة والمثقفون فى حق إسرائيل فى الدفاع عن أمنها، والذى تبين زيفه بعدما تبين للعالم الحرب الإعلامية التى استخدمتها إسرائيل لتضليل الرأى العام العالمي، وإسكات أصوات الحق، وحجب منشوراتهم من مواقع التواصل الاجتماعي؛ حتى تتحقق مآرب إسرائيل فى تبرير ما ترتكبه من جرائم حرب ضد المدنيين فى غزة، مضيفا أن الكاتبين «أوفير وينتر» و«مايكل باراك» اختتما تقريرهما بضرورة وضع خطة خبيثة، لقمع الأزهر الشريف بحسب زعمهما والمتمثلة فى:

أولا: الضغط على النظام المصرى لكبح جماح الأزهر.

 «يجب على إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أن تطالب الحكومة المصرية التى تعد المصدر الرئيس للنفوذ والسياسة بقمع الأزهر».

وبحسب الكاتبين الصهيونيين أن هذا يستلزم خفض تمويل الأزهر، «حتى تتوقف المؤسسة عن نشر الرسائل المتشددة، وتأجيج التوترات السياسية والدينية وتشجيع نظريات المؤامرة».

بالإضافة إلى حث الحكومة المصرية على المبادرة بتفتيش البيوت، «لأن شرنقة التطرف الدينى قد تثور على صانعها وتعرض النظام للخطر، وقد تتطلب هذه الخطوة تغييرات دستورية فى مصر تسمح باستبدال شيخ الأزهر».

ثانيا: الإضرار بسمعة الأزهر العالمية،

 “يجب على دولة إسرائيل والمنظمات اليهودية وشركائها حول العالم لفت الانتباه الدولى إلى حقيقة أن الأزهر لا يقوم بالدور الذى حددته له مصر فى الحرب ضد التطرف الأيديولوجي، والأيديولوجيات المتطرفة، ولكنها تعزز الخطاب المعادى للسامية وتشجع الكراهية وأعمال الإرهاب ضد الإسرائيليين، وما دامت هذه السياسة لم تتغير، فسوف يكون لزاما على السلطات الإقليمية والدولية أن تتوصل إلى الاستنتاجات اللازمة: إعادة النظر فى علاقاتها مع الأزهر وقادته، إعادة النظر فى قدرته على العمل كشريك موثوق به فى الحوار بين الأديان ومكافحة التطرف الديني، وزيادة الرقابة على فروعها الدولية”.

ثالثا: الإضرار بمصادر تمويل الأزهر.

 «ينبغى على الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التى تدعم الأزهر ماليا، بما فى ذلك الإمارات العربية المتحدة، إعادة النظر فى المساعدات المقدمة إلى المؤسسة، إن المساعدات الأميركية المقدمة لمصر باسم مساهمتها فى الحرب ضد الإرهاب يجب أن تكون مشروطة أيضا بكبح جماح الأزهر».

وأكد مدرس العقيدة بالأزهر، أن الاستراتيجية التى وضلوعها الكاتبان لكبح الأزهر تنم عن تضلعهما بتعاليم الصهيونية، وهى استراتيجية مستمدة من بروتوكولات حكماء صهيون، فهذا ديدنهم ضد المخالف لأغراضهم أو المعارض لسياستهم القبيحة التى يندى لها جبين الإنسانية، وتتحطم على صخرتها مزاعم الغرب فى قوانين حقوق الإنسان والقانون الدولى الإنساني، وقوانين الحروب التى تغنوا بها سنين عددا، وانتهكوا بها سيادة الدول، واستحلوا مقدراتهم، مستنكرا موقف الغرب وهو يكيل بمكيالين فيعمى بصره عن الجرائم التى ارتكبها الكيان الصهيونى ضد الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين، وقيامه بشطب عائلات بأكملها من سجلات الأحوال المدنية، لتخلد أسماءهم فى سجلات الشهداء.

واختتم رده مؤكدا أن ما ينضح به التقرير من أكاذيب ومزاعم لا تبرر مطلقا هجوم الكاتبين على الأزهر الشريف، ولن يثنى أصوات الحق أن تصدح به، منددة بجرائم الحرب التى ارتكبت ضد المدنيين من الشعب الفلسطيني، كما أنه متبع بالعنصرية الصهيونية، فلم يجرؤ الكاتبان ولو من باب تصنع الإنصاف توجيه نقد للجرائم الصارخة التى ارتكبت ضد المدنيين الفلسطينيين وراح ضحيتها  أكثر من ١٢ ألف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال، ووصل عدد الجرحى لعشرات الآلاف، وهدم وتدمير أحياء سكنية بالكامل، فى أبشع جريمة إنسانية شهدها التاريخ المعاصر، عندما تضع الحرب أوزارها سيجلد المجتمع الإسرائيلى حكومته نقدا ومطالبة محاكمة من تسبب فى هذه الجرائم الإنسانية، وجره البلاد إلى حرب خاسرة، وسيتم محاكمة مجرمى الحرب أمام لجنة (أجرانات) ثانية، مثلما حوكم أسلافهم أمام تلك اللجنة منذ خمسين عاما بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣م.