إنها مصر

مواكب الشهداء!

كرم جبر
كرم جبر

مشكلة إسرائيل الكبرى أنها لا تعرف شعب فلسطين رغم أنها تحتل فلسطين، ولا تعلم أن نساءها ينجبن أبطالا لا أطفالا، وعندما يسقط شهيد تنبت الأرض الفلسطينية ألف فدائى جديد.

مشكلة إسرائيل المزمنة اعتقادها أن العنف هو طريقها إلى الهدوء والسلام، وتمارسه منذ أكثر من سبعين عاما بكل الوسائل، فكان حصيلته «طوفان الأقصى».

وسوف يأتى يوم يعود الحق إلى أصحابه، فى دولة فلسطين على ارض فلسطين وليس على حساب أراضى الآخرين.

يقول البعض: وماذا لو استقبلنا الاخوة الفلسطينيين فى مصر، مثلما يعيش بيننا عدة ملايين من الاخوة العرب؟

الفلسطينيون لن يخرجوا من أراضيهم لأن هذا معناه انتهاء قضيتهم الى الأبد، وهذا ما تتمناه إسرائيل وتحلم به، فتتخلص من حل الدولتين، ولا تكون دولة احتلال عليها التزامات طبقا للقرارات والقوانين الدولية.

ومنذ انشاء جامعة الدول العربية 1945، يرفض الزعماء العرب فكرة «مهاجرون» واستبدلوها بـ»عائدون»، ورفضوا منح الفلسطينيين جنسية الدول العربية، حتى تظل جنسيتهم الاصلية الباعث للعودة.

وتخطط إسرائيل منذ نشأتها الى التوسع والهيمنة على أراضى الدول المجاورة، فاحتلت الجولان وتسيطر أمنيا على الضفة الغربية، وأُجبرت على الانسحاب من سيناء، وتحاول استثمار احداث غزة الأخيرة فى إخلاء اكبر عدد من سكانها والقضاء على المقاومة، تمهيدا لضمها الى أراضيها.

السؤال الصعب: هل أخطأت حماس باستفزاز إسرائيل؟

والاجابة تتعدد بعدد من يجتهدون للإجابة عن السؤال، ولكن هناك شبه اتفاق على عدم اخذ المدنيين العزل كرهائن ووضعهم تحت سيوف الانتقام، دون ان يكونوا السبب فيما تعرضت له إسرائيل، التى تصنع بنفسها مأساتها الأخيرة.

مواكب الشهداء تفضح جرائم العدوان، تحت مظلة من الاحتفاء الدولى، بسقوط الضحايا من الاطفال والنساء والمدنيين، وتتصدر امريكا وأوربا مشهد الخزى، فيرون فى همجية إسرائيل دفاعا مشروعا عن النفس، ولا يذرفون دمعة على الضحايا الفلسطينيين.

مواكب الشهداء تدفقت كالنيران فى عروق الجماهير العربية، حزنا على اخوتهم واشقائهم فى الدين والعروبة والإنسانية، لترتوى رغبة إسرائيل فى الانتقام، بالغارات الوحشية وقطع المياه والكهرباء، وتجويع جماعى لشعب بأكمله.

واسرائيل تتصور انها بإسكات غزة تنعم بالأمن والهدوء، ولو استفادت من دروس التاريخ لأدركت ان العنف يولد العنف، وعلى مدى اكثر من سبعين عاما وهى تفعل مثلما تفعل الآن، فلم تنعم بالسلام، وتزرع فى أعماق الأجيال الفلسطينية الرغبة العارمة فى الثأر والانتقام.

فعلت ذلك فى مذابح صابرا وشاتيلا وجباليا وجنين ودير ياسين والطنطورة وخان يونس والحرم الابراهيمى وغيرها مئات، وتتعدد الاسماء والاماكن والجرائم، وكلما حدثت مذبحة وُلد آلاف الفدائيين الجدد.