ارتكب 90 جريمة إلكترونية.. سقوط أشهر هاكر أوروبى

سقوط أشهر هاكر أوروبى
سقوط أشهر هاكر أوروبى

مي‭ ‬السيد

  أسدل القضاء البرتغالى الستار عن واحدة من أشهر قضايا القرصنة الإلكترونية، والمتهم فيها الهاكر البرتغالى روي بينتو؛ حيث ذاع صيته فى مختلف دول أوروبا، وتحدثت عنه كافة وسائل الإعلام فى القارة العجوز، لما تسببت فيه ملايين الوثائق التى كشفها عن فضائح مالية مرعبة وعمليات غسيل أموال ببعض القطاعات الحيوية، خاصة ملاعب كرة القدم الأوروبية.

فى عام 2019 اتهم الهاكر روي بينتو بارتكاب 147 جريمة، 75 منها وصول غير مشروع لأجهزة الكمبيوتر، و70 انتهاكًا للمراسلات البريدية الإلكترونية للأفراد والمؤسسات، وتهمة واحدة بتخريب الكمبيوتر وتهمة أخرى بمحاولة ابتزاز، وتمكن الهاكر البرتغالى من اختراق مكتب رئاسة الجمهورية ومكتب المدعى العام، بجانب الاتحاد البرتغالى لكرة القدم، وشركة شهيرة للمحاماة، واختراق أنظمة كمبيوتر نادى سبورتنج الشهير وصندوق دوين الاستثمارى، والتى مكنته من الحصول على الوثائق المشبوهة والتى بدأ بتسريبها فى أواخر عام 2015.

وكشف روي بينتو على مدار الثلاث سنوات الماضية النقاب عن 18.6 مليون وثيقة على الإنترنت تم نشرها على صفحات مجموعة من الصحف الأوروبية التى أبرزت التفاصيل، ووثائق سرية خاصة بهذه الكيانات، كان من أشهرها تسريبات «فوتبول ليكس» التى فضح فيها عن وجود  تعاملات مشكوك بها فى كرة القدم الدولية، والتى كشفت عن نظام التهرب الضريبى المتبع فى عالم كرة القدم، وخصوصا فى قضية رونالدو عندما كان يلعب فى نادى ريال مدريد الأسبانى.

ونشر بنيتو رواتب بعض النجوم الكبار على غرار الأرجنتينى ليونيل ميسى والبرازيلى نيمار إلى اتهام البرتغالى كريستيانو رونالدو بالإغتصاب، كما طالت الفضائح فريقى باريس سان جرمان ومانشستر سيتى بشأن مخالفتهما قوانين اللعب المالى النظيف بغطاء من الاتحاد الأوروبى لكرة القدم والاتحاد الدولى لكرة القدم، وتسببت تسريباته فى عالم كرة القدم عن إقصاء الاتحاد الأوروبى لكرة القدم مانشستر سيتى عن المشاركة فى مسابقاته القارية لمدة موسمين وغرّمه بثلاثين ملايين يورو.

وأدت التسريبات أيضا إلى فتح إجراءات قضائية فى فرنسا، إسبانيا، بلجيكا وسويسرا، ولا تزال حتى اليوم مصدر التسريب الأهم لكواليس كرة القدم، واستنادًا للمعلومات التى حصلت عليها تلك الدول، أطلق القضاء حملة واسعة ضد أبرز الأندية فى البرتغال ووكيل اللاعبين يدعى جورج منديش، مع عشرات عمليات التفتيش والاتهامات بسبب الاشتباه فى تهرب ضريبى فى موعد انتقالات اللاعبين.

كان روي بنيتو رهن الحبس الاحتياطى فى الفترة ما بين 22 مارس 2019 و8 أبريل 2020، وكان رهن الإقامة الجبرية حتى 7 أغسطس 2020، بعد أن أُطلق سراحه «بسبب تعاونه» مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولكنه لأسباب أمنية مدرج فى برنامج حماية الشهود، تم وضعه فى مكان غير معلوم وتحت حماية الشرطة.

وفى ١٧ يناير عام ٢٠٢٠ وجدت المحكمة أن الهاكر البرتغالى متهمًا في 90 جريمة وليس١٤٧ التى ظهرت فى لائحة الاتهام وهو ما استدعى المدعى العام لتقديم استئناف على قرار الاتهام إلا أنه فى يونيو ٢٠٢٠ رفضت محكمة الاستئناف فى لشبونة طلب المدعى العام وأبقت على اتهام روى فى ٩٠ جريمة فقط، وقبل أكثر من سنة أوقف بينتو فى المجر وسُلِّم إلى البرتغال.

وأشارت المحكمة فى لشبونة حول تفاصيل الاتهامات الموجهة إليه أن من بينها  68 قضية كانت تتعلق بالوصول غير السليم لأجهزة الكمبيوتر، و14 انتهاكًا للمراسلات، وستة تتعلق بالوصول غير المشروع، وكان وصول البابا للبرتغال بمثابة طوق نجاة للهاكر الشهير، حيث تم العفو عنه فى 79 جريمة بموجب قانون العفو فى يوم الشباب العالمى، وقضت المحكمة بمعاقبته فى تسع جرائم فقط.

وجرى النطق بالحكم داخل المحكمة الجنائية المركزية فى لشبونة من قبل رئيس المحكمة مارجريدا ألفيس، حيث أكد فى البداية أن المتهم اعترف أمام القضاء بارتكاب عمليات اختراق إلكترونية غير قانونية للحصول على ملايين الوثائق وحكم عليه فيها بالسجن لمدة أربع سنوات مع وقف التنفيذ، فى قضية تسريبات فوتبول ليكس، كما حكم عليه لمدة سنتين فى جريمة الابتزاز، وسنة وثلاثة أشهر فى جريمة الوصول غير المشروع لأجهزة الكمبيوتر، وتسعة أشهر فى ثلاث جرائم تلاعب بالبريد.

وشددت هيئة القضاة على أنه ثبت على المدعى عليه انتهاك المراسلات بين نادى سبورتينج والاتحاد البرتغالى لكرة القدم، لكن لم يتم إثبات انتهاك المراسلات مع سبورتنج وبرونو دى كارفاليو، و تمت تبرئته من تهمة تخريب الكمبيوتر.

وفيما يتعلق بتهمة محاولة الابتزاز أكدت المحكمة؛ أنه لم يكن لديها أدنى شك، وثبت بوضوح أنه يريد الحصول على المال عن طريق ابتزاز رئيس صندوق «دواين سبورتس»، من خلال المطالبة بمبلغ يتراوح بين 500 ألف ومليون يورو للتوقف عن نشر الوثائق المشبوهة.

من جانبه قال محامى روي لوسائل الإعلام المختلفة عقب الأحكام التى تم إصدارها؛ أن موكله استفاد من العفو العام الذى أقرته الحكومة بمناسبة وصول البابا فى يوم الشباب العالمى، حيث دخل العفو عن الأحكام المتعلقة بالجرائم المرتكبة حتى 19 يونيو من قبل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 عاما.

وحول الأحكام غير الرادعة التى حصل عليها المتهم بوقف التنفيذ رغم القرصنة الإلكترونية التى قام بها، أكد المحامى أنها علامة إيجابية للعمل الذى طوره روي بينتو فيما يتعلق بالدفاع عن المصلحة العامة، حيث لم يكن هناك حكم فعلى بالسجن، وفهمت المحكمة أنه لا ينبغى لها أن تفعل ذلك، وأعتقد أن هذا صحيح.

وقال بينتو فى افتتاح محاكمته؛ أنه شعر بالغضب مما اكتشفه وقرر نشره على الملأ، مؤكدًا أن موقعه الذى كان ينشر عليه التسريبات «فوتبول ليكس» كان مدعاة للفخر وليس العار، كما ادعى بينتو أنه وراء تسريبات «لواندا ليكس»، وهو تسريب لنحو 715 ألف وثيقة تورط المليارديرة الأنغولية إيزابيل دوس سانتوس، نجلة الرئيس السابق جوزيه إدواردو دوس سانتوس، كما أعرب عن أسفه لسلوكه تجاه صندوق «دواين سبورتس» ورئيسه، ووصفه بـ «الغباء الكبير» وأكد أنه لم يكن ينوى أبدا الاستمرار فى ابتزازه.

وأكدت وسائل الإعلام البرتغالية أنه رغم أحكام وقف التنفيذ التى حصل عليها روي بنيتو من المحكمة لن تنهى مشكلاته مع العدالة البرتغالية؛ حيث أعد الإدعاء أخيرا لائحة اتهام جديدة تتهمه بارتكاب 377 جريمة اختراق جديدة، يُزعم أنه ارتكبها بين عامى 2016 و2019 ضد حوالى 70 شخصا أو شركة أو مؤسسة.

اقرأ أيضًا : باحثة: التنظيمات الإرهابية تستغل القرصنة الإلكترونية لتمويل أنشطتها الإجرامية

;