النصب والاحتيال باسم الدين.. لمن تذهب أموالك؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

محمد‭ ‬عطية‭ ‬

  احفر بئر صناعي.. ازرع نخلة في وادي.. اعمل عقيقه أطفالك.. اعمل عمرة أون لاين.. بكل هذا الكلمات بدأ تجار الدين النصب باسم «تبرع لفعل الخير ينتظرك قصر باسمك في الجنة»!،وحتمًا تجد من يهرع ليدفع كل ما يمتلكه ولوكانت جنيهات قليلة، لكن الحقيقة أن هؤلاء المحتالين يستخدمون وسائل مختلفة لإيهام الناس بصدق أهدافهم، وأنهم يجمعون هذه التبرعات لأغراض خيرية واللعب باسم الإنسانية، ومن بين هذه الوسائل الإعلانات والصور والفيديوهات والترويج لها في كل مكان، بانتحال أسماء جمعيات خيرية شهيرة لسهولة النصب لكن في الحقيقة هؤلاء محتالون لا يهتمون بفعل الخير أو الإنسانية، بل كل اهتمامهم هو الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من أموال المتبرعين وتحويلها إلى جيوبهم، تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم داخل السطور التالية.

قديمًا كانت التبرعات مقتصرة على صناديق جمع الأموال بالمساجد أو المستشفيات والمؤسسات الخيرية، إلا أن الأمر بدأ يتطور وزادت عمليات النصب باسم التبرع، في الماضي كنا نرى جمع هذه التبرعات يتم في المناسبات الدينية فقط اصبحنا الآن نرى من يستخدم هذا الاحتيال باسم جمعيات خيرية وهمية طوال العام؛ حيث تظهر العديد من الإعلانات سواء على القنوات الغير المعروفة أو على السوشيال ميديا أو عن طريق مكالمات النصب على هاتفك المحمول من منتحلي ممثلي جمعيات أو مؤسسات خيرية معروفة أوغير معروفة يدعون المواطنين للتبرع لشراء صك أضحية، بغرض ذبحها وتوزيع لحومها على الفقراء سواء في مصر أو خارج مصر، أو شراء شنط رمضان لمساعدة المحتاجين لتأخذ من ذلك ستارًا فقط وهي في الأساس للنصب على المواطنين وجمع الأموال الكثيرة منهم، لكن الأمر لن يستمر هنا فقط فهؤلاء وجدوا أن هذا الموسم ليس كافيًا لنهب أموال المتبرعين فجيوبهم لم تمتلئ بالشكل المرضي لهم، فقرروا اللعب باسم الدين والإنسانية بأشكال أخرى؛ آخرها عندما رأينا من يفتي ويزف بشرى لأهل الخير بأن من يتبرع لله يفتح له الخالق حسابًا ممتلئًا بالحسنات في بنك السماء، فـ للأسف كل الهدف هوالمتاجرة باسم الدين ومساعدة الفقراء، لتحقيق ثروات تحت مسمى العمل الخيري هذا هو ما قام به البعض من خلال إنشاء جمعيات خيرية وهمية قد لا يكون لها وجود من الأساس في وزارة التضامن الاجتماعي؛حيث تعمل تلك الجمعيات الخيرية دون وجود سند أو إيصال أو حساب بنكي لإثبات التبرع فقط يتم جمع التبرعات عبر مندوبين أو إرسالهم لحسابات شخصية أو عبر حسابات أشخاص عبر المحافظ الإلكترونية، إلى أن تحولت بمرور الوقت إلى صناديق متحركة لجمع التبرعات في كل مكان وفي أي وقت، والكارثة الأكبر هو أن أغلب المصريين يتعاطفون سريعًا مع الحالات الإنسانية التي يختلقونها.

أسعار للشهرة

تحت أسماء مختلفة على صفحات التواصل الاجتماعي تجد انتشارًا لحملات من مؤسسات خيرية مجهولة وغير مشهرة بوزارة التضامن الاجتماعي، تروج  للمشاركة والمساهمة في إطعام الفقراء منها مثلا ما نقرأه على هذه المنصات؛ «اغتنم فرصة رخص أسعار الأغنام والماشية الآن واعمل عقيقه للأبناء كما يمكنك التضحية بالأضاحي سواء هنا أو في  بلاد فقيرة» بل وتقوم هذه الصفحات بعرض أسعار الماشية  ووضع رقم هاتف لتحويل الأموال بسهولة، ثم تقوم في الوقت المتفق عليه للذبح وتوزيع الطعام بإرسال فيديو توثيق لعملية الذبح والتوزيع، حتى أنهم يصورون  الناس وهم يحصلون على الوجبات، بل وستجد أشخاصًا يحملون لافتة باسم المضحي أو صاحب العقيقه باللغة العربية، فأسعار الأضحية المعروضة على هذه الصفحات أرخص بكثير مما متوقع بل لنقل هي أسعار للشهرة والنصب، فعلى سبيل المثال سعر الخروف بالإطعام 1500 جنيه، البقرة ذبح وتوزيع بسعر 8000 جنيه، البقرة بالإطعام بسعر 8500 جنيه، الماعز سعرها 1800 جنيه، أو بقرة حامل بسعر 9000 جنيه كنوع من الصدقة الجارية؛ لتهدى لإحدى الأسر الفقيرة للاستفادة من لبنها في صناعة السمن والجبن!، لكن الأغرب هو ادعاؤهم غلق باب الحجز سريعًا والأغرب أن هناك صفحة منهم أعلنت جمع أموال من 4000 شخص في يومين تقريبًا!

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، ولكن هناك خير يروجونه بطريقة أخرى وهو بث فيديو لبناء غير مكتمل على أنه مشروع لمسجد في إحدى القرى مع وجود ظهور شخص لحيته تطول صدره زعمًا عند التعريف به أنه داعية نجده، يتحدث عن فضل الصدقة الجارية وعن ضرورة اكتمال بناء المسجد مفتيًا؛ بأن بناء وفرش مسجد مقدم على بناء وفرش بيت!

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد أيضًا وإنما رأينا طريقة نصب أخرى باسم الخير؛وهي حفر بئر كصدقة جارية وهذا النوع من الإعلان ستجده بأشكال عدة منها الفقرات الإعلانية على القنوات غير المعروفة حيث يظهر على الشاشة مذيع ومعه ضيف يقدمه على أنه من علماء الأزهر أو أحد دعاة الدين، لكنهما لا يتكلمان مثلا عن فضل الصلاة أو الصيام وإنما يتحدثان فقط عن ضرورة التبرع لهذه الجمعية لأنها متخصصة في حفر الآبار باعتباره وجهًا من وجوه الخير، فتشاهد ذلك الشيخ والمذيع يتحدثان عن عظمة حفر الآبار، وثواب حفر الآبار، وجمال حفر الآبار، والآيات التي تتحدث عن حفر الآبار، والأحاديث التي تؤكد على قصور الجنة المحجوزة لمن يتبرع في حفر الآبار، وسط كل ذلك يردد المذيع والشيخ أرقام الحسابات البنكية والهواتف التي يمكن أن يتصل بها المشاهد إذا أراد أن يتبرع ويحجز لنفسه مكانًا في الجنة، لكن هل فكرت أو سألت نفسك بمجرد مشاهدتك أو قراءتك لهذا الإعلان؛ هل حصيلة تلك التبرعات تذهب بالفعل إلى مكانها الحقيقي؟!،ولماذا لم توجه هذه التبرعات الى قنواتها الشرعية التي نعرفها جيدا حق المعرفة،خاصة وأن حفر الآبار تهدف إليه الدولة المصرية بكل شكل لحياة كريمة للمواطنين بل وتمد العديد من شبكات المياه لكل قرى مصر وفق خطة منظمة بالفعل. 

وللأسف لم يتوقف الأمر عند هذه الفقرة الإعلانية فقط بل ستجد إعلانات ممولة على صفحات السوشيال ميديا لنفس الفكرة وهي حملة حفر الآبار، لكن مع زيادة أعداد المتبرعين ومع زيادة الأسئلة المحرجة لهذه الجمعيات تطورت عمليات النصب بوضع خزان مياه مع عدد من الحنفيات المشبوكة عليه، مع وجود خلفية وأرضية سيراميك أو رخام بألوان زاهية بلوحة أو لافتة مكتوب عليها اسم المتبرع الذي أقام المشروع صدقة جارية عن متوفى، وبالطبع واستكمالا لعملية النصب نرى في الفيديو وجود بعض الرجال والأطفال والنساء في محيط الموقع وهم يشربون الماء مع ترديد الدعاء للمتوفى.

ضحايا يتحدثون

وهذا الأمر اثار جدلا كبيرًا خلال الفترة الماضية على صفحات السوشيال ميديا بعدما فجر شخص مفاجأة في منشور له على صفحات السوشيال ميديا يقول؛أثناء ما كان يتصفح صفحات السوشيال ميديا وجد صفحة لحفر الآبار كصدقة جارية وقتها أعجب بالفكرة وقرر التواصل معهم لحفر بئر كصدقة جارية لأمه المتوفاة،  سرعان ما تم التواصل معهم ودفع تكاليف حفر البئر بالكامل، إلى أن مر أسبوع وأرسلت له الصفحة فيديو البئر باسم والدته فرح كثيرًا بالفكرة وأثناء ذلك كان يتحدث مع صديق له عما حدث فأعجب بالفكرة هو الآخر وقرر حفر بئر كصدقة جارية لوالده،وتواصل معهم وطلب منهم حفر بئر لوالده ودفع التكاليف كاملة، لم يستمر الأمر عدة أيام قليلة وأرسلت له الصفحة فيديو للبئر التي تم حفره باسم والده فأعجب به كثيرًا وأرسله لصديقه، هنا كانت المفاجأة؛ فوجئ الصديقان أنه هو نفس البئر لكن الاختلاف في قطعة الرخامة التي وضع عليها اسم الشخص فقط، وأن الصفحتين لنفس الأشخاص وكل ما يتم فعله هو تغيير الرخامة فقط مع تغيير الأشخاص بعد كتابة الاسم الجديد وتصوير البئر بالفيديو وإرساله للمتبرع صاحب الصدقة الجارية، بعدها انهالت العديد من التعليقات التي وضحت أن كل ذلك نصب، لكن أثارنا الفضول مع كثرة التعليقات فتواصلنا مع عدد من الضحايا، فبدأ أحدهم وهو بائع شتلات نخل حديثة قائلاً:»أنا كنت بورد نخل لبعض الجمعيات وللأسف اكتشفت أن بعضها نصابه، فكنت أورد النخلة بسعر اقل كنوع من كسب الثواب 1500 جنيه، لكن بعد فترة تفاجئت أن الجمعية أو المؤسسة تبيعها للمتبرع بسعر مبالغ فيه للغاية وهو 5000 جنيه، لم يتوقف الأمر هنا فقط بل تفاجئت بعد زراعة النخلة يضعون اسما عليها ثم يتم تصويرها ثم رفع الاسم ووضع اسم شخص جديد وتصويرها مرة أخرى، وفي نهاية المطاف تم النصب عليا في مليون جنيه، فللأسف تلك الجمعيات والمؤسسات غير معروفة بل هي وسائل نصب يستولون من خلالها على أموال المتبرعين ويحولونها إلى جيوبهم ويتركون جزءًا لعمل إعلانات لجلب متبرعين أكثر للنصب أكثر وأكثر.

لتستكمل شروق قائلة: حسبنا الله ونعم الوكيل في نصابين الجمعيات والمؤسسات الخيرية الوهمية من فترة ظهروا ناس هنا عندنا وكان معاهم كاميرات وشيخ فقلنا أكيد بيتم تسجيل شيء هنا في بلدنا وبعد فترة وأثناء جلوسي أمام التلفاز بإحدى القنوات غير المعروفة وجدت جارتي وهي سيدة مسنة مقتدرة، تظهر فى اعلانات المساعدات، ولكن الصدمة التى ادهشتنى أن تلك السيدة ذهبت معهم لمنزل غير منزلها لتؤكد فكرة انها محتاجة للمساعدات الماديه.

المفاجأة التى أدهشتنى عندما علمت بعد ذلك أن كل ما حدث كان عبارة عن مشاهد تم التحضير لها وتم تصويرها بطريقة معينة ليلعبون على العاطفة لدى المشاهدين، فالمشهد كان عبارة عن ظهور الشيخ ويسأل السيدة المسنة:»يا حاجة مش شايف عندك ثلاجة أو غسالة أو بوتجاز عايشة ازاي»؟!، قالت له «الجيران بيعملوا أكل ويبعتولي» ثم بدأ الشيخ يدعو للتبرع لها ثم أعطاها مظروفا فتحته فوجدت فيه 4000 جنيه؛ وتتساءل هذه السيدة المقتدرة: كيف اختاروها؟! .

لتستكمل «علا» قائلة: أنا إحدى ضحايا النصب باسم تبرعات أضحية العيد في إفريقيا؛ في يوم كنت أؤدي صلاة الجماعة في المسجد القريب من منزلي في الجيزة، وقتها تقابلت مع واحدة عرفتني بنفسها اسمها «سارة» وادعت أنها مندوبة لجمعية خيرية وطلبت مني التبرع في المشاركة لشراء أضحية للمسلمين في إحدى الدول الإفريقية، بدت البنت صادقة ولطيفة وودودة بل وأظهرت لى بطاقة هوية تثبت صفتها كمندوبة للجمعية وأخبرتني أنها تجمع التبرعات من النساء فقط، وأنها تتسلمها نقدًا، كما تعطى لكل متبرعة إيصالًا يثبت تبرعها، سرعان ماخرجت وذهبت لأقرب ماكينة لسحب أموال من أجل التبرع وبالفعل أخذت منها الإيصال، ووعدتني بإرسال صور الأضحية التي سوف تشتريها الجمعية باسمي، انتظرتها وقتًا طويلًا لكن لم ترسل شيئا وعندما حاولت الاتصال بها وجدت رقمها غير موجود بالخدمة، راودني الشك فقررت الذهاب إلى عنوان الجمعية المكتوب على الإيصال، وهنا كانت المفاجأة فوجدته محلًا تجاريًا مغلقًا، وبسؤال الناس في المنطقة عن هذا المحل، أخبروني بأنه يعود إلى صاحب العقار ولم يستخدم منذ سنوات كما أنه ليس له أي علاقة بالجمعية المذكورة من الأساس.

ليستكمل «محمود»قائلاً: أنا شخص أحب التبرع للجمعيات كنوع من الصدقة والخيرلكن من فترة تلقيت رسالة تدعو إلى التبرع لجمعية خيرية وكانت الرسالة مؤثرة بل وتم إرفاق صور لأطفال جائعين ومنهكين بها فكان الأمر مقنعا للغاية لدرجة أني تأثرت فقررت التبرع بـ 7000 جنيه اتصلت بالرقم واخبروني بطريقة تحويل المبلغ عبر خدمات الدفع السريع وأنني سأتلقى صورا وفيديوهات لما يتم التبرع به بأموالي، في الحقيقة انتظرت أياما كثيرة لكن لم يصلني شيء، وعندما حاولت الاتصال بالرقم مرة أخرى، وجدته مغلقًا، وقتها بحثت عن أي موقع أو صفحة تحمل اسم تلك الجمعية وأكتشف أنها غير موجودة نهائيًا، وأنني تعرضت للنصب، في الحقيقة أنا المسؤول لعدم تأكدي عن حقيقة هذه الجمعية خصوصًا أنها غير معروفة وتعلمت بعدم التعامل مع أي مؤسسة أو جمعية خيرية إلا بعد التأكد من تراخيصها الرسمية والاطلاع على أعمالها السابقة.

ضبطيات

في الوقت ذاته تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط العديد من النصابين باسم التبرع تحت مسمى جمعيات خيرية وهمية، تداول أحد الأشخاص منشورًا عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وتضمن شكوى مدعومة بصور لأحد الأشخاص مقيم بالجيزة، بتلقيه اتصالا من أحد الأشخاص ينتحل صفة ضابط شرطة ومحاولة إرغامه على إصدار شيك باسم إحدى الجمعيات الخيرية، بالتواصل مع الشاكي أفاد بوجوده خارج البلاد وقيام أحد الأشخاص بالاتصال التليفوني به من رقم هاتف محدد، وادعاؤه بأنه ضابط شرطة ويمتلك جمعية خيرية وطلب منه التبرع لصالح الجمعية، وحضر لديوان قسم ثان شرطة الشيخ زايد بالجيزة محامى وكيلًا عن الشاكي وأيد ما جاء بأقوال موكله، وبالفحص تم تحديد مستخدم الهاتف المشار إليه، وهو أحد الأشخاص له معلومات جنائية، مقيم بالجيزة، وتبين أن الجمعية المشار إليها كائنة بدائرة قسم شرطة الوراق ملك أشخاص محددين، وتقوم زوجة المشكو في حقه، لها معلومات جنائية، بإدارتها وتشغيلها وتلقيها تبرعات من جهات وأشخاص مختلفين، وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهم وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وأضاف باستغلال الجمعية للنصب على المواطنين دون علم زوجته، وتحرر محضر بالواقعة وإخطار النيابة العامة للتحقيق.

وفي واقعة أخرى تمكنت الأجهزة الأمنية بكفر الشيخ من ضبط عاطل له معلومات جنائية، مقيم بالبحيرة؛ لقيامه بالنصب والاحتيال على أحد الأشخاص واستيلائه على مبلغ مالي منه على هيئة تبرع نظير إيهامه بأنه يعمل ضمن فريق إحدى المبادرات الاجتماعية، وتم ضبطه وبحوزته «66 ورقة خاصة بإحدى المبادرات الاجتماعية كاملة البيانات، ومبلغ مالي، وكمية من الأوراق سالفة الذكر غير مدون بها بيانات»، وبمواجهته أقر بارتكاب الواقعة لاحتياجه للمال، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وإخطار النيابة العامة للتحقيق.

بيان الأوقاف

في الوقت ذاته عممت وزارة الأوقاف منشورا على مديري المديريات وأئمة المساجد بالمحافظات، أكدت فيه عدم وضع أي صناديق تبرعات بالمساجد أو تلقي أى أموال نقدية بغير طريق الدفع غير النقدي بالحسابات البنكية الرسمية المعلن عنها سواء الحسابات المركزية أم حساب مجلس إدارة المسجد المعتمد من وزارة الأوقاف، وان ذلك القرار يشمل جميع المساجد المضمومة للأوقاف ضمًا كليا والتي يطلق عليها مسمى المساجد الحكومية والمساجد المضمومة ضمًا دعويًا والتي كان يطلق عليها مسمى المساجد الأهلية، وكذلك الزوايا والمصليات ومصليات السيدات وملحقات المساجد، والمساجد تحت الإنشاء، وكل ما يتصل بالمسجد من مرافق وملحقات، كما ناشدت وزارة الأوقاف المواطنين الإبلاغ عن أي مسجد يحتفظ بصناديق التبرعات، واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه أي مخالفة في هذا الشأن.

تواصلت «أخبار الحوادث» مع الدكتور هشام عبد العزيز رئيس القطاع الديني بوزارة الاوقاف بدأ حديثة قائلاً: عدم السماح بوضع أي صناديق لجمع التبرعات بالمساجد أن هذا الموضوع يرجع لعام 2014 عندما صدر قرار جمهوري بأن المساجد هي مسئولية الدولة وأنها ولاية عامة مثلها مثل القضاء والجيش بمعنى أنه مثلما لايكون للدولة جيشان اوقضائيان  فإنه ايضا لايكون للدولة خطابين للدين، فجمع التبرعات بهذا الشكل يعتبر  مخالفة تقع تحت طائل جمع الأموال خارج نطاق القانون، ومع ذلك فوزارة الأوقاف لا تمنع التبرعات للمساجد، بل تأتي قراراتها لوضع ضوابط لعملية جمع التبرعات؛ لتكون فى مسار طبيعى ورسمى يضمن حق المتبرع ويضمن عدم إهدار أموال التبرعات ويقضى على محاولات الاستيلاء على هذه الأموال التى يتم جمعها من التبرعات للمساجد لصالح أى جماعة، كما وضحنا أنه يمكن لمن يريد التبرع على سبيل المثال بأشياء عينية كأدوات النظافة وغيرها، أن يتبرع بها للمسجد مباشرة ويتم تسجيلها فى سجلات مخزن المسجد، أما من يريد التبرع بأشياء أو أجهزة معمرة مثل التكييفات فيمكنه أيضا اتباع نفس الأمر ولإمام المسجد قبول هذه التبرعات ووضعها فى عهدة المسجد وتدوينها فى سجلات مخصصة لذلك، أما من يريد التبرع بأموال لمسجد بعينه فيتم التبرع فى حساب مجلس إدارة المسجد الذى يعلن عنه كل مسجد، ومن يريد التبرع للمساجد بشكل عام فيمكن التبرع على الحسابات الرسمية التى أعلنتها الوزارة للتبرع للمساجد، ومن هنا ايضًا كان القرار بعدم اعتلاء المنابر الا لعلماء الاوقاف من الائمة والوعاظ، وبناء على القرار تم وضع خطه لغل يد المتطرفين عن المساجد وعدم التدخل في شئونها، وأن كل مايخص المساجد من بناء أوتعمير اوترميم او صيانة هومسئولية الدولة اولاً واخيرًا ومن ثم لا حاجة لجمع التبرعات اوضع صناديق بها، وفي الوقت نفسه انطلقت الدوله في بناء المساجد وتعميرها حتي بلغ إجمالي عدد المساجد في خلال السنوات الـ 9 الماضية ببناء 10553 مسجدًا وإجمالي ماتم الإنفاق عليها بلغ أكثر من 10 مليار جنيه، فالخطاب الديني هو أمن قومي بالدرجة الاولى لان ترك المساجد والمنابر في الماضي جعلها تسقط في أيدي المتطرفين والذين خطفوا المنابر واستولوا على المساجد والمدارس وفرضوا رؤيتهم المتطرفة وابتعدوا عن قيم الوسطيه والإسلام المستنير.

غش وتدليس

ليستكمل الدكتور أحمد كريمة عضو لجنة العلماء بالازهر الشريف قائلاً: لقد سبق أن عرضت عليا جمعيات تتعامل مع بعض القنوات غير معروفة كي اعمل اعلان دعاية بدعوة حفر آبار او زرع نخيل وعرضوا عليا مبالغ ضخمة لكنني رفضت رفضًا تامًا؛ لاني اعلم أن الدولة تقوم بتوصيل مياه الشرب إلى القرى والمدن والمناطق النائية بدون اموال، كما لا يوجد لدينا حفر ابار ثم إن زراعة النخيل تقوم بها الدولة بمئات الافدنة، والرئيس عبدالفتاح السيسي اعلن عن زراعة ٤ ملايين نخله في الوادي الجديد، ومن هنا حينما تأتي بعض الجمعيات والافراد وتمارس جمع الاموال بالاحتيال والنصب باستمالة عواطف الناس في الداخل والخارج؛ فهذا امر يجب التصدى له بحزم وحسم لانه نصب بين وغش، والرسول صل الله عليه وسلم قال من «غشنا فليس منا»، كما إن اموال الصدقات والزكاه ينبغي فيها التدقيق لصرفها في مجالاتها الحقيقية ويجب محاسبة القنوات الفضائية التي تمكن لمثل هؤلاء المحتالين الذين يمارسون النصب والاحتيال ثم يكنزون الاموال ويضللون عباد الله، أما عن العقيقة والاضحية خارج البلاء فهذا ممنوع لانه يؤدي الى اخلاء البلاد حاضرًا ومستقبلاً من اقامة شعائر الله في الارض، الله عز وجل قال ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب «سورة الحج» وبما يتصل بالأضاحي والعقيقة والصدقات فإن المنهج النبوي فيها خيركم خيركم لأهله ثم أن البلاد وأعني بها مصر لابد أن تتبارك بهذه القربات، وأن النبي صل الله وسلم قال للسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها يا فاطمة قومي فاشهدي ذبح أضحيتك، فإنه يغفر لك عند أول قطرة دم منها «فشهود الأضحية من أصحابها من القربات الشرعية، فهناك قاعدة دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، والذين يتعللون بأن بلاد أفريقية هي في حاجة أقول لهم إذ كان من تبرع لذوي حاجات خارج مصر فبلادنا أحوج، وفي كل الأمور هل نحن كفينا أهلنا في الصعيد والدلتا وسيناء والواحات وغير ذلك، وعلى ضوء ذلك يمنع ذبح الاضاحي خارج الوطن بما في ذلك من مفاسد ونفس الشيء العقيقة لانه عند ذبح العقيقة يوجد شرطان أن «ياكل منها وأن يهدي منها» وهنا ينهدم أهم ركنين «الاكل والاهداء»، بجانب القاعدة في الإنفاق أنه لا تنقل الزكاوات من الوطن إلا إذ استكفى أهله، لذا فإن دعوة عمل أضاحي وعقائق خارج البلاد بدعة منكرة وتدل على جهل بالشريعة من جهة على مادية في نفس من يريد أن يدفع أموالًا قليلة، ولا ينتبه إلى المقاصد الحقيقة من إغناء ذوي القرابات، قال رسول الله صل الله عليه وسلم إبدأ بنفسك ثم بمن تعول ثم بذي قرابتك ويعني هنا بمن تعول الزوجة والأولاد، وذي قرابتك يقصد بهم الأرحام، فذبح الأضحية والعقيقة خارج البلاد تضيع هذه الأحكام، فإن من أقدم على شراء الأضاحي أو إقامة العقائق بهذا الشكل، أقول له أنت لا نفذت شرع ولا سنة بل قمت بمفسدة. 

الشخصية السيكوباتية

أما الدكتور علي عبدالراضى استشاري العلاج والتأهيل النفسي فيقول: الانسان كثير التفكير وهذا واقع البشر ولكن التفكير انواع وانماط مختلفة؛ فتجد البعض يفكر في نفع البشر وهم قليل والبعض لديه حب ذات ورغبة في الثراء السريع وان يكون لديه من الاموال الكثير دون مراقبة ولا وضع حدود لذلك فقط يجمع المال بكل الطرق حتى لو استخدم الدين أو حتى الظروف التي تمر الناس بها، فهذا الشخص نطلق عليه في علم النفس «الشخص المعادي للمجتمع الشخصية السيكوباتية» هو يوهمك انه متسامح ولطيف وتنخدع فيه ويقنعك انه يسهم في عمل خيري وانت تقدم له الاموال رغبة في العمل الخيري او حتى الاستفادة منه وتكتشف انه نصاب وأن كل الممارسات و الطريقة التي كان يتقرب بها هي عبارة عن خداع لك واستغلال لك دون أن تشعر، لكن بعد التطور التكنولوجي وخصوصًا في السوشيال ميديا  وجدت تلك الفئة من النصابين طريقة لجمع الأموال بالخداع، ويكون الأمر اسهل لو يستطيع التحدث باسم الدين وقتها يستطيع اللعب على عواطف الناس، خاصة المتبرع فمن المعروف عن الانسان المصري حبه للدين والتعاطف مع الآخرين من المحتاجين لذلك ومع انتشار صفحات جمع التبرعات الانسانية وكثرة هذه الصفحات الوهمية وغير الحقيقية تم استغلال الناس فيها باسم الدين، وهنا يجب على المتبرع غير الواعي أن يعرف أن الصدقات لها جوهر او بمعنى يجب عليك المتابعة منك حتى لو كنت تتصدق عن ابيك او امك يلزم ذلك أن تتابع بنفسك العمل وتشعر بالمسؤولية في ذلك.

وهنا نستطيع أن نقول عليهم عبارة «تسول المتمشيخة»وهي تجارة العمل خيري فهو نمط تسول يرغمك على إخراج مالك تحت سطوة النصوص وإثارة عاطفتك الدينية، هذا النمط تجده في اعلانات ومنشورات تحت عناوين عدة كـ «احفر بئر لسقي الماء، تقديم عقيقة لفقراء افريقيا، ازرع نخلة، النفقة على طالب العلم والساحات العلمية، أداء عمرة دليفري ....» وغيرها كثيرًا، لو أمعنت النظر في حالة المتمشيخ قبل وبعد الإعلانات ستعرف أين تذهب أموالك.

نصيحتي للمواطنين انت في عيون النصابين فرصة لزيادة أمواله، انت في نظرة مجرد مبلغ من المال وعيك هو اللي الذي يحميك تريد عمل الخير فيجب أن تبحث حولك اعرف جيرانك وايه مشكلاتهم وقتها ستعمل الخير في مكانه، وتذكر أن الاتجار باسم الدين يبعد الناس عن الدين ويجعلهم يعممون فكرة أن كل متحدث باسم الدين هو نصاب ومخادع، وتذكر أن كثرة تعرضك لمثل تلك الاعلانات تجعل منك متابعا لهم وذلك بسبب طريقة التقديم المتكررة التي تشعرك بالقلق فتخضع وتستجيب لا تسلم عواطفك لغيرك وخليك واعي.

كما استكمل المهندس محمد سعيد خبير أمن المعلومات قائلا: يجب التأكد من هوية وسمعة المؤسسات الخيرية التى تنفذ تلك الاشياء، مع البحث عن مواقعها الإلكترونية وحساباتها الرسمية على صفحات التواصل الاجتماعى، كما يجب التحقق من رخصتها، ووقت التبرع يجب التواصل مع المؤسسات الخيرية مباشرة عبر قنواتها المعتمدة، والتبرع عبر حساباتها البنكية أو خدماتها الإلكترونية الموثقة، كما يجب عدم التعامل مع الأشخاص أو الجهات المجهولة أو المشبوهة، مع متابعة تقارير المؤسسات الخيرية وقت التنفيذ، كما يجب وقت التبرع لأى جمعية أو مؤسسة طلب إيصال رسمي يثبت تسلم قيمة التبرع، ومن الضرورى الإبلاغ عن أى حالات نصب تتعلق بالتبرعات مع تقديم شكاوى للجهات المختصة، اما عن المشروعات الخيرية خارج البلاد يجب التحقق منها عن طريق البحث عن معلومات عن تلك الجمعيات التي تقوم بالمشروع، والتأكد من هويتها وسمعتها، بالإضافة إلى الاطلاع على تفاصيل المشروعات، كما يجب التحقق من مدى تناسب احتياجات المستفيدين، كذلك التأكد من مصادر التمويل والميزانية والجدول الزمنى للمشروعات ومتابعتهم.

القانون

ليستكمل إسلام محمد المحامي قائلاً: امامنا شقين اذا كان طريقة جمع التبرعات شخصية أى فرد طبيعى هو من يقوم بجمع الأموال تكون جريمة نصب؛فعقوبة النصب في القانون المصري تختلف باختلاف أركان الجريمة، ولكل جريمة أركان وتختلف أركان كل جريمة عن الأخرى وبذلك نذكر الأركان المختلفة لجريمة النصب والشروع في النصب والعقوبة المقررة لهم في القانون المصري، فالركن المادي في جريمة النصب هو الركن الأول الذي يستلزم وقوع عقوبة النصب في القانون المصري ويشمل التالي الركن الأول استعمال وسائل احتيالية اختلفت الآراء الفقهية في تسمية السلوك الإجرامي للنصب، إذ سماه بعضهم احتيالًا وسماه الآخرون تدليسا، لذا فإن مبدأ التدليس أو الكذب هو الأساس في هذه الجريمة ويفعله الجاني بهدف الحصول على المال أو الركن المادي في جريمة النصب، فأكد القانون في عقوبة النصب في القانون المصري أن جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 عقوبات استعمال وسيلة احتيالية لسلب كل أموال الغير أو بعضها وذلك باستعمال طرق من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع مخادع أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بهدف الحصول على ربح وهمي، فعقوبة النصب في القانون المصري والشروع في النصب في القانون المصري إذ عرفت المادة 45 من قانون العقوبات الشروع بأنه البدء في تنفيذ أو قيام عمل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة، إذا وفق أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة المتهم فيها، فيفترض المشرع الشروع في النصب إتيان المتهم فعلاً يعد بدءًا في إنجاز الجريمة، ثم يتخلف النتيجة الإجرامية لسبب خارج عن إرادته، فالشروع يتحقق بكل عمل يؤدي حالًا ومباشرة إلى ارتكاب الجريمة وقد عبر الشارع عن الشروع في النصف بقوله في عجز الفقرة الأولي من المادة 336 أما من شرع في النصب ولم يكمله فينص القانون على عقوبة النصب في القانون المصري وعقوبة الشروع في النصب في القانون المصري، إذ يعاقب المشرع علي الشروع في جريمة النصب بالحبس مدة لا تتجاوز عام والمادة 336/2، ولم يفرق المشرع بين الشروع والجريمة الكاملة من حيث العقوبة التكميلية الجوازية، فيجوز وضع الجاني تحت مراقبة الشرطة لفترة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين في حالة العودة.

أما إذا كان جمع الأموال عن طريق تبرعات باسم جمعية أو مؤسسة تكون الجريمة وفقًا للقانون رقم ١٤٩ لسنة ٢٠١٩حيث أن تلك القانون الجديد ألغى عقوبة الحبس وأقر بدلا منها عقوبة الغرامات ورد أموال التبرعات؛ حيث نصت المادة (94) على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه كل من تلقي أو أرسل بصفته رئيسًا أو عضوًا أو عاملًا في جمعية أو مؤسسة أهلية أو أي كيان يمارس العمل الأهلي ولو بالمخالفة لأحكام هذا القانون سواء كانت هذه الصفة صحيحة أو مزعومة، أمولًا من جهة أجنبية أو محلية أو  جمع التبرعات بالمخالفة لأحكام هذا القانون وتقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد ما تلقاه أو أرسله أو جمعه من أموال، بحسب الأحوال وتؤول هذه الأموال إلى صندوق دعم مشروعات الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتضمنت (المادة 97) عقوبة تكميلية فضلًا عن العقوبات الأصلية، وهي نشر الحكم بوسائل النشر التقليدية والإلكترونية على نفقة المحكوم عليه، ومصادرة الأموال المضبوطة فى الجرائم المنصوص عليها في المادتين (96،95) وأيلولتها إلى الصندوق، أو بغرامة إضافية تعادل قيمتها فى حالة تعذر ضبطها أو فى حالة التصرف فيها إلى غير حسن النية، كما أجازت المادة للمحكمة فى جميع الأحوال أن تقضي بغلق المقار وحظر تلقي التبرعات والحرمان من مزاولة النشاط لمدة لا تجاوز سنة.

اقرأ أيضًا : المحتالون الجدد.. والنصب باسم الوظيفة


 

;