رانيا الزاهد تكتب: مهرجان العلمين الجديدة.. فن صناعة «الفرص»

رانيا الزاهد
رانيا الزاهد

أيام قليلة تفصلنا عن ختام فعاليات مهرجان العلمين الجديدة الذي ولد عملاقًا ويعتبر تجربة فريدة، ليس في مجال صناعة الترفيه ولكن في صناعة الفرص الاستثمارية والاقتصادية والسياحية ايضًا. على مدار شهر ونصف قدم مهرجان العلمين فاعليات فنية ورياضية وثقافية، للإعلان عن بقعة مميزة جديدة على أرض مصر، لكنها تمتلك اسم وتاريخ كبير منذ أن شهدت معارك بين دول الحلفاء والمحور في الحرب العالمية الثانية ضمت مدافن ونصب تذكارية ومتحفًا لتخليد ضحايا الحرب من مختلف الجنسيات أي أن المدينة لها قيمة خاصة على الساحة الدولية. 

على الرغم من أن مصر رائدة في مجال تنظيم وإقامة المهرجانات بمختلف أنواعها سواء السينمائية أو الموسيقية أو المسرحية على مستوى الوطن العربي، إلا أن تجربة مهرجان العلمين تعتبر تطور على مستوى أخر، فهو حدث كرنفالي يضم أكثر من 12 نشاطا، ويتمتع بالزخم الثقافي والفني والرياضي لمخاطبة جهات عديدة وتوجيه أنظارها لمدينة الجيل الرابع التي تهدف لإستقطاب مليون زائر كل عام، وتحويلها من قرى سياحية منفصلة لمدينة تنبض بالحياة وتوفر الخدمات العلاجية والتعليمية للخروج من ثوب المنتجعات الخاصة، ولكن ما هي أنجح وأسرع الطرق للوصول لهذه الاهداف؟ 

منذ التسعينيات وتحديداً عام 1996 افتتحت الدولة المسرح الرومانى بمارينا واقيمت عليه مجموعة من أكبر واضخم الحفلات لنجوم مصر والوطن العربي وغنى عليه كبار النجوم أبرزهم كاظم الساهر الذى كانت حفلاته تشتهر بتزاحم السيدات، بالإضافة إلى حفلات أنغام ومحمد منير وسميرة سعيد وجنات وغيرهم وشهدت تطور كبير حتى استضافت الحفلات نجوم عالميين مثل حفل النجم انريكى اجلاسيس وفي ذلك الوقت لمع اسم الساحل الشمالى على الساحة وأصبحت مقصد سياحي متميز بعد أن كانت منطقة منتجعات صغيرة مقتصرة على الأغنياء فقط. نفس التجربة تم تكرارها مؤخرًا من خلال إطلاق مهرجانات سينمائية في مدن ساحلية لجذب انظار العالم لها، ولنا في مهرجان الجونة خير مثال، فمنذ انطلاقه وخلال 5 سنوات تحولت الاستثمارات إلى هذه المدينة الصغيرة على سواحل البحر الاحمر وأصبحت واجهة سياحية من الدرجة الاولى بالاضافة لمهرجانات اخرى بعضها درامي والاخر مسرحي تحمل نفس الاهداف.. إذًا الفن هو الطريق الاقصر وعنصر الجذب الاقوى لإطلاق وضمان نجاح أي مشروع. هذا ما شهدناه ولاحظناه خلال الأسابيع الماضية منذ بداية المهرجان، الذي ضم حفلات غنائية ضخمة واستضافة المهرجان لحفل توزيع جوائز مهرجان القارة للدراما. لم تقتصر خطة مهرجان العلمين على الحفلات النائية وتواجد النجوم بل شهدنا ايضًا مشاركة عدد من الفرق والاتحادات الدولية لمختلف أنواع الأنشطة  الرياضية المختلفة، بالاضافة لعروض ترفيهية من فلكلور وسيرك عالمي وعروض ازياء لعلامات عالمية ومصرية وعرض جوى مصرى إماراتى "Alamien Air Show 2023" الذى انطلق في سماء مدينة العلمين الجديدة بمشاركة فريق الألعاب الجوية المصرى " النجوم الفضية " وفريق الألعاب الجوية الإماراتى " الفرسان".. ولكن هل استطاع المهرجان بالفعل ان يحقق النجاح المطلوب؟

هناك مؤشرات تؤكد نجاح مهرجان العلمين في تحقيق أهدافه على عدة مستويات الأول، الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي والذي أصبح في زمن الذكاء الاصطناعي وعصر الديجيتال من أهم المؤشرات، حيث اهتم زوار العلمين بنشر صور وفيديوهات ترويجية سواء من الحفلات او من الشاطئ الكريستالي الساحر مع هاشتاج شعار المهرجان "العالم علمين". على مستوى أخر ساهمت حفلات وفاعليات المهرجان في زيادة العرض والطلب على مستوى العقارات كما تم افتتاح عدد كبير من المطاعم والمتاجر والمراكز التجارية التي توفر فرص عمل للشباب. واخيرًا تصدرت اخبار المدينة الجديدة عناوين التقارير الدولية، بعدما أصبحت حديث الوطن العربي والعالم، وهذه ليست مبالغة، لكن أسم مدينة العلمين الجديدة  تصدر تقارير وسائل الاعلام الدولية، فعلى سبيل المثال وليس الحصر نشرت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية تقرير عن بطولة مصر الدولية لسباق السيارات الذي اقيم ضمن فعاليات  المهرجان، بينما نشر موقع "CLAYTON COUNTY REGISTER" المتخصص في مجال المال والاعمال تقرير يسلط الضوء عن مشاركة البورصة المصرية بفاعليات ترويجية تهدف لرفع مستوى الوعي حول أعمال البورصة والفرص الاستثمارية التي توفرها وذلك خلال فعاليات المهرجان التي استمرت لأكثر من شهر متواصل. نشر ايضًا موقع "global construction review " تقريرًا عن الاستثمارات الامريكية  في مدينة العلمين والمشروعات التي يتم العمل عليها في منطقة الأبراج، بينما نشر موقع "global cement " المتخصص في اخبار صناعات الأسمنت والتعدين واستغلال المحاجر والحراريات وتحسين العمليات والوقود البديل وتاثير البناء على البيئة، تقرير عن الأسمنت الأخضر ECOPlanet وأهميته في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والذي تهتم المدينة في استخدامه في بناء مشروع أبراج العلمين، كما نشر موقع "china daily"  تقرير مصور عن عرض الطائرات المذهل الذي زين سماء العلمين بالوان أعلام مصر والإمارات.  

كل ما يحدث على أرض الواقع من إنجاز يتحدث عنه العالم، يقابله نجاح أكبر في خلق التوازن من خلال الاهتمام بتخصيص وافتتاح شاطئ عام لمدينة العلمين بطول 14 كيلو متر، وتوافر أماكن ترفيهية مثل ميدان "نورث سكوير" الذي شهد عروض الفنون الشعبية والنافورة الراقصة ووفر شاشات عرض عملاقة لحفلات نجوم "مهرجان العملين" لمشاهدتها والاستمتاع بها مجانًا، وإعلان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أن صافى عوائد مهرجان العلمين سيتم التبرع بها لمبادرة حياة كريمة، إيمانا منها بالدور الذي تلعبه المبادرة في دعم الفئات الأكثر احتياجًا، لتصبح بذلك العلمين نموذج فريد لمدينة مستدامة ومقصد سياحي وترفيهي محلي وعالمي.