تآنس بها المصريون وشملتهم بركاتها «نفيسة العلوم».. عاشت فى القلوب ودفنت فى مصر بوصية نبوية

السيدة نفيسة «١٥» عاماً فى جوار المصريين

 مسجد السيدة نفيسة
مسجد السيدة نفيسة

أسماء ياسر

حين وصلنا لمسجدها، تجاوزنا عتبات مرشوشة بالرجاء، وتأملنا أسقفاً عالية يطوف فى فراغها البخور والدعوات، وزاحمنا أكتاف زوار اختلفت ألسنتهم وألوانهم، ولكن توحدت قبلة صلاتهم ومحبتهم باتجاه آل البيت النبوى الشريف.. فى الطريق إلى المقام اغترفنا من صحن المسجد نفحات، فامتلأت الروح بالسكينة، وعند الضريح وجدنا الزوار يتزاحمون بمشاعر تفيض بالمودة الكبيرة لآل البيت.

منهم من يشكو حاله، ومنهم من هام به الوجد فبكى حبًا لقدر حفيدة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولمسنا من تزاحم طالبى النفحات مدى تعلق المصريين وضيوفهم بآل بيت النبى الطاهرين.  

هى الطاهرة المطهرة، السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب، من سيدات أهل البيت، التى اشتهرت بالعبادة والزهد، وهى صاحبة المسجد المشهور بالقاهرة.. وعند وفاتها أراد زوجها «إسحاق بن جعفر» أن يدفنها بالبقيع، ولكن أهل مصر رفضوا ذلك بشدة، وتوسلوا إليه، وجمعوا له الأموال وترجّوه مرة أخرى، فرفض أيضًا، ولكن فى صباح اليوم التالي، فوجئ الناس بموافقته بعد رفضه الشديد!.. وحين سُئل عن سبب تغيير رأيه فقال «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام، وقال لي: يا إسحاق رُد على الناس أموالهم، وادفنها عندهم»..  تعلق بها المصريون فكانت أنيستهم وكم كتب كثير من محبيها وصية بأن يصلوا عليه فى مسجدها عند الوفاة تبركا بمقامها الشريف وعاشت بجوار المصريين ١٥ عاماً.

عشق مقامات آل البيت منذ طفولته الشيخ على الله الجمال يحكى قصته مع إمامة مسجدها

تعلق قلبه بمساجد آل البيت منذ كان طفلا، يتنقل فى المواصلات المنهكة ممسكًا بإصبع أمان أبيه، قاطعا المسافة من قريته بكفر الشيخ حتى يصل لمقام الطاهرة المطهرة السيدة زينب رضى الله عنها وأرضاها.

كان طفلا شديد الملاحظة يرصد هيام المحبين، وينصت بفضول لشكاوى وتمنيات ودعوات وطلبات الزوار فى مقام السيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرهما من مقامات آل البيت، ويستعجب من هذا الكم الرهيب من المترددين، فيقبض على سور الضريح بكفه الصغير، ويطلب منهما كما يفعل الآخرون، وكانت أمنيته التى سرها أمام الضريح أن يكون إماما حين يكبر لمسجد السيدة زينب. 

كبر الطفل وأصبح شابا وجاء إلى القاهرة ليدرس فى كلية الدعوة الإسلامية ولم تنقطع عادته فى زيارة السيدة زينب يوميا ثم يعرج على باقى مساجد آل البيت الطاهرين خلال الأسبوع، ومنها السيدة نفيسة رضى الله عنها.  

ويحكى الشيخ على الله الجمال إمام مسجد السيدة نفيسة عن تعلقه بمساجد آل البيت أثناء فترة دراسته بالأزهر فيقول: أثناء دراستى عملت فى مسجد بثكنات المعادى لجماعة من علية القوم، وطالبونى معهم حتى يتم تعيينى بالأوقاف، ولكنى رفضت حتى أكرمنى الله بتحقيق الأمنية وعينت بإدارة أوقاف السيدة زينب لمدة ثلاث سنوات، وبعدها نقلت إلى مسجد قاهر التتار.

وبعدها عملت فى إحدى الزوايا وحتى أصل إليها كنت أسير يوميا أمام مسجد السيدة نفيسة العلم فأنظر إلى القبة والمئذنة وأسلم عليها وأشكو لها حالى وظل الحال هكذا يوميا لمدة عام ونصف، وشاءت الأقدار أن يكون نقلى للعمل كإمام فى مسجد السيدة نفيسة.  

أكد الرجل أنه شعر بروحانيات عالية فى مسجد السيدة نفيسة، وعند دخوله لأول مرة لمقامها كإمام معين شكر الله وعلم أن السيدة الطاهرة استمعت شكواه واستجاب الله دعاءه.. وعن زوار السيدة نفيسة وكراماتها قال إن الآلاف يأتون إليها بفرحة كبيرة يملأهم الشوق للمقام الطاهر، ويشكون إليها حالهم، ويدعون فى المقام، وكم من زائر أتى إلى بعد الدعاء بأيام ليؤكد أن الله تقبل دعاءه وقضى حاجته.. ومن إحدى الكرامات التى لا ينساها إمام السيدة نفسية أنه جاءت سيدة من المشاهير إلى مسجد السيدة نفيسة جالسة على مقعد متحرك، نتيجة عدة جلطات وظلت تذكر فى مناقب السيدة وتدعو إلى الله أن يشفيها ببركتها وكانت المفاجأة أنها وقفت من جلستها لأول مرة منذ زمن طويل.. وأكد أن زوار آل البيت متنوعون من جميع أنحاء العالم ولكن هناك عدد كبير من زوار السيدة نفيسة من أهل المدينة المنورة ينتسبون إليها بشجرة العائلة الشريفة. 

وعن السلوكيات التى يتمناها من ضيوف المقام أن يتلاشى الزوار رفع الصوت، ومكوث الزائر فى المقام لوقت طويل، وأن ينتبه الزائرون من حيل الدجالين. 

وأوضح أن ضمن الخطة الدعوية بمسجد السيدة نفيسة مجلس الإفتاء بالإضافة إلى الدروس المنهجية وتشمل شرح كتاب فقهى أو كتاب علم شرعى كالتفسير، ويلقيها أئمة المسجد بالتناوب.. كما يتميز مسجد السيدة نفيسة بالمقرأة النموذجية ويكون بها بث مباشر على مواقع التواصل وهذه المقرأة تكون فى مسجد واحد على مستوى المحافظة، بالإضافة إلى الأسابيع الثقافية والدعوية الخاصة بمساجد آل البيت.