بدون تردد

منخفض الهند الموسمى

محمد بركات
محمد بركات

يوم الجمعة الماضى الرابع عشر من يوليو الحالى، تناولت فى هذا المكان انطباعاتى عن «الحر فى مصر»، وقلت «إنه من المؤكد أن الدنيا ليست حرا فقط، بل هى أسخن من ذلك بكثير بحيث أصبح هذا القول قاصرا عن التعبير أو الإلمام الصحيح بالواقع، وأن كلمة «الدنيا حر» أصبحت وصفا متواضعا جدا لما نتعرض له هذه الأيام، من سخونة شديدة تشعها الأرض ونار حارقة تقذفنا بها الشمس».

قلت هذا يوم الجمعة الماضى، وقبل أن يهبط علينا ويحيط بنا ذلك «الهلاك الحرارى» المسمى منخفض الهند الموسمى، الذى فاق فى سخونته وحرارته كل احتمال، وتعدى فى رطوبته ولزوجته كل الحدود، بحيث أصبح ما كان قبله أكثر رحمة بكثير مما جاء به وما وقع فيه لنا ولكل الناس، ليس عندنا فى مصر فقط، بل فى كل الأنحاء المحلية والإقليمية بل وأيضا إلى ما هو أبعد من ذلك بطول العالم وعرضه من أمريكا وحتى الصين واليابان وكندا وأوروبا كذلك .

وفى هذا الذى نتعرض له هذه الأيام، لا نملك غير أن نتوجه بالدعاء لله الرحمن الرحيم بأن يكون فى عوننا جميعا، فى مواجهة موجة الحر الحادة وشديدة الوطأة، التى نتعرض لها حاليا فى هذا الصيف الملتهب بحرارته اللافحة وسخونته القاسية التى تشوى الوجوه وترهق الأجساد وتقض المضاجع، وتباعد بيننا وبين هدوء النفس وصفاء العقل .

ولعلى لا أتجاوز الواقع إذا ما ذكرت، أن ما نتعرض له الآن من متغيرات حادة وجسيمة فى المناخ بلغت ذروتها فيما نراه ونتعرض له حاليا من موجات شديدة الحرارة والرطوبة فى الصيف، وأخرى قارصة البرودة فى الشتاء .

وأحسب أن الكل أصبح على علم ومعرفة يقينية حاليا، بأن ما نتعرض له الآن وخلال السنوات القليلة الماضية من تقلبات حادة فى المناخ، وتغيرات جسيمة فى الطقس، هى نتاج تلقائى وطبيعى للعبث الإنسانى بالطبيعة فى كل أنحاء العالم، وخاصة فى الدول الصناعية الكبرى والعالم المسمى بالمتقدم على وجه الخصوص .

والمؤكد أن ما تسبب فيه الإنسان من تلوث كبير للهواء والتربة والمياه، وما نتج عن هذا التلوث من احتباس حرارى، وارتفاع فى نسبة انبعاث الغازات الدفيئة فى الجو، وزيادة نسبة ثانى أكسيد الكربون بالذات فى الغلاف الجوى قد أدى إلى الارتفاع الحظر فى درجة حرارة الأرض، وصولا إلى زيادة معدل ذوبان الجليد فى القطبين وارتفاع منسوب المياه فى المحيطات والبحار .

وفى مواجهة ذلك.. هناك إجماع بين علماء المناخ، على أن كل ذلك سيؤدى إلى مزيد من الكوارث والأخطار الجسيمة للعالم كله وليس فى منطقتنا فقط،...، وهو ما يتطلب حلولا مباشرة وسريعة وشاملة.. فهل يحدث ذلك ؟!