الحد الفاصل

د. محمد محمد زيادة يكتب: الخطوة الفارقة

د. محمد محمد زيادة
د. محمد محمد زيادة

لا يخفى علَى أحد ما تبذله الدولةُ المصريةُ مِن جهود حثيثة لدفع عجلة الاستثمار، وعلَى الرغم من هذا فإنَّ المستثمرين يواجهون عقباتٍ عديدة تكدر صفو المناخ الاستثماري، وهي عقباتٌ قد تعطي صورةً وانطباعًا خاطئي عن توجه الدولة المصرية.

اقرا أيضا للكاتب: من أجل صناعة مستدامة


عرقلة المسيرة الاستثمارية:
نعلم جميعًا ما خلفته العقودُ الطويلةُ الماضيةُ مِن قوانين كثيرة، كانت سببًا في جعل الاستثمار تائهًا بين لوائحها التنفيذية وموادها واشتراطاتها وإجراءاتها وآليات تنفيذها، فضلًا عن تعارض بعضها مع البعض الآخر؛فأصبحت أرضًا خصبةً لبعض العاملين في الهيكل الإداري بالدولة لتعطيل المسيرة الاستثمارية؛ ليجد المستثمر نفسه أمام موظف يستطيع بكل بساطة -ودون الخوف من أي عقاب- أنْ يضع العقبات في طريقه، الواحدة تلو الأخرى، لأي غرض كان، فسواء كان هذا متعمَّدًا أم حتى لجهل باللوائح والقوانين المنظِّمةِ لشأنٍ مَا، فالنتيجة الحتمية واحدة، وهي نفور الاستثمارات.

اقرا ايضا للكاتب: كلية التربية والاستثمار


القانون الموحد:
لذا، نحن في أشد الحاجة إلى قانون موحد ينظم العمليةالاستثمارية في مصر؛ ليكون المرجعَ الأولَ والأخيرَ، ويكون بمثابة الدليل القانوني الشامل لأي مستثمر يرغب في ضخ استثماراته في مصر. ونظرًا لأنَّ إخراجَ مثل هذا القانون إلى النور سيستغرق -بكل تأكيد- وقتًا طويلًا؛ لذا -حتى ذلك الحين- نرى أنَّ هناك خطواتٍ عديدة قد تساهم بشكل واضح في دعم الاستثمار، بتذليل جزء كبير من أهم معوقاته، ألا وهي البيروقراطية.

فالخطوة الأولى للقضاء علَى البيروقراطية تهدف إلىوضع الموظف -مقدم الخدمة- في موضعه الصحيح، باعتباره منفذًا للقوانين واللوائح، لا مبتدعًا فيها ولا مفسرًا لها. ومِن أكثر صور البيروقراطية انتشارًا وتفشيًا ما يُطلب -في معظم المؤسسات والجهات- من المستثمرين/طالبي الخدمة مِنطلبات غير منصوص عليها في اللوائح والقوانين، التي عادة ما تكون شفاهيةً؛ حتى لا يقع الموظف أو الجهة التي يعمل فيها تحت طائلة القانون!

اقرا ايضا للكاتب: عامانِ من قتل صناعة الأسمنت الأبيض

 

الخطوة الفارقة واجراءاتها الثلاثة:

لذا، تتكون الخطوة الأولى للقضاء علَى البيروقراطية من ثلاثة إجراءات متكاملة، لا غنى عن أي منها، وتتمثل فيما يلي:

الإجراء الأول: إلزام جميع مؤسسات وهيئات الدولة بإصدار بيان موثق ومعتمد بجميع المستندات والمتطلبات اللازم تقديمها للحصول علَى خدمة: موافقة، تصريح، رخصة.. إلخ؛ علَى أنْ تكون هذه المتطلبات علَى سبيل الحصر وليس المثال.

الإجراء الثاني: منع أي موظف من مطالبة طالب الخدمة بأي مستند/بيان غير منصوص عليه صراحةًفي الإجراءات اللازمة لتأدية الخدمة، تلك الإجراءاتالمعتمدة والموثقة، مع ضرورة تغليظ عقوبة مَن يخالف هذا، وتنفيذ العقوبة بشكل فوري.

الإجراء الثالث: يُمنع منعًا باتًّا أيُّ موظفٍ من طلب أيِّ مستند/بيان مِن طالب الخدمة بصورة شفاهية، وإنما لا بُدَّ مِنْ أنْ يكون هذا الطلبُ بخطاب رسمي مختوم، ومعتمد مِن الجهة الطالبة.

 

اقرا ايضا للكاتب:  قانون العمل.. عجلة الإصدار والاستثمار

سهولة التنفيذ وسرعة النتائج:

إنَّ تنفيذَ هذه الخطوة الفارقة -بشكل سريع- سيغلق البابَ أمام الطلبات غير المبررة قانونًا؛ لتَقضي علَى جذر رئيسي من جذور البيروقراطية المتوارثة، والمتشعبة في الهيكل الإداري للدولة.
إنني أؤمنُ بصدقِ وعزمِ نوايا القيادة السياسية في جعل مصر وجهةَ الاستثمارِ الأولى في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ولكن حتى نتمكن من تحقيق هذه الرؤية، يتوجب علَى الجميع أنْيقوم بدروه الوطني في حماية الاستثمار.

اقرا ايضا للكاتب: كارثة CSS صديق البيئة