أمل صبحي
2 شارع شجر الدر بالزمالك، من هذا المكان انطلقت الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو، من أمام وزارة الثقافة التي كانت مقرًا لاعتصام أطياف القوة الناعمة من مثقفين وأدباء وفنانين وإعلاميين، رافعين شعار «لا لأخونة وزارة الثقافة»، رافضين تعيين علاء عبد العزيز وزير ثقافة الإخوان.
لا أحد ينسى ما فعله الوزير الإخواني عندما بدأت خطته لأخونة الوزارة، وبدأها بإنهاء ندب قيادات بارزة منها الدكتور أحمد مجاهد، رئيس هيئة الكتاب السابق، والفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم، رئيس دار الأوبرا وقتها، واختيار بدلاء لهم منتمين لجماعة الإخوان الإرهابية.
هنا تجمع المثقفون على اختلاف توجهاتهم على هدف واحد، رافضين أخونة الثقافة، والعبث في الهوية المصرية الراسخة، تجمعوا من كل مكان في مصر من أجل مصر ولمصر، وأصبح الاعتصام داخل وزارة الثقافة أيقونة لكل المصريين، الغريب في الأمر ما قاله وزير الثقافة الإخواني حينها، «المعتصمين بالوزارة لا يمثلون مثقفي مصر»، على الرغم من مشاركة كل المثقفين الكبار منهم الشاعر الكبير سيد حجاب، والأديبة الكبيرة فتحية العسال، والروائي الكبير صنع الله إبراهيم، والأديب الراحل جمال الغيطانى، وغيرهم،
لم يغب عن المشهد الفنانون، الذين لبوا نداء الوطن وشاركوا في الاعتصام، منهم يسرا، وإلهام شاهين، ومحمود قابيل، وكريم عبد العزيز، وأحمد حلمى، وهاني رمزي، وغيرهم المئات من الفنانين، الذين جاءوا لرفض الأخونة، ليصبح الاعتصام نقطة تحول حقيقية في تاريخ الثورة.
يوسف القعيد: ثورة الاسترداد
يقول الكاتب والروائي يوسف القعيد: “ثورة 30 يونيو هزم المصريون فيها الجماعة الباغية الطاغية التي لا احب أن أذكر اسمها، وأستردوا مصرهم وبلدهم ووجودهم إسترداد تام في حدث لا يتكرر كثير في تاريخ الشعوب، وسلموا بلدهم للزعيم الأمين المخلص، الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وقتها، ليبني البلد بناءً عظيما لم يسبق أن حدث في تاريخها من قبل.. هذه أيام مجيدة سجلها التاريخ بشكل غير عادي، وعلينا أن نحفظها للأجيال المقبلة، لأن التاريخ لا يرحم أحد.. وأنا عشت هذه الأيام، ولي الفخر أنني عشت هذه التجربة العظيمة المهمة يوما بيوم، وساعة بساعة، ودقيقة بدقيقة، لأنه تاريخ عظيم دونه المصريون في مواجهة الطغاة البغاة”.
د. أحمد مجاهد: أنقذتنا من الهاوية
د. أحمد مجاهد، الرئيس الأسبق للهيئة المصرية العامة للكتاب، تحدث عن ثورة يونيو قائلا: “هي الثورة التي أنقذت مصر من الإنزلاق نحو منعطف خطير مثل باقي الدول المجاورة، أيضا هي الإستقرار الذي تحقق على كل الأصعدة، سواء أمنيا أو سياسيا أو اقتصاديا، فما وصلنا له حاليا غير مسبوق، خاصة أنه جاء بعد فترة من الانهيار وقبل سقوطنا في الهاوية”.
تصحيح الأوضاع المغلوطة
وفي السياق، يقول الأديب الكبير أحمد فضل شبلول، رئيس لجنة الجوائز باتحاد كتاب مصر: «لعلنا نذكر أن المثقفين، كانوا من أوائل من دعموا ثورة 30 يونيو قبل وقوعها وتشعب أحداثها، ونتذكر وقفة المثقفين المصريين واحتجاجهم على ممارسات جماعة الإخوان، ومن وصل إلى كرسي الحكم منهم، فاعتصم كثير من المثقفين أياما عدة إلى أن بدأت شرارة اعتصامهم واحتجاجاتهم تصل إلى دوائر أكبر أخذت تتسع وتتسع، حتى انفجرت الثورة وصححت الأوضاع المغلوطة التي أحس بها الشعب المصري».
يتابع: «الآن وبعد مرور عشر سنوات من عمر الثورة أرى أن دور المثقفين يتبلور في الحرص على حماية تلك الثورة، وحماية مكتسباتها، حتى لا نعود إلى الوراء في غفلة من الزمن. وأرى أن تلك الحماية تتمثل في تقديم الإبداع الجيد، وفي الحفاظ على القوى المصرية الناعمة ودعمها، والتعبير عن روح الثورة الكامن في الإنسان المصري، والحرص على توعية الجمهور من المخاطر المُحدقة بمصر وثورتها، عن طريق الكتابة والإبداع والنقد أيضا لما قد يراه المثقف انحرافًا لمسار الثورة لدى بعض الناس».
ويمضى قائلا، إن رسالة الثقافة والإبداع لا تقل أهمية عن العناصر المجتمعية الأخرى، والمبدع المثقف القارئ الجيد لمجتمعه يستطيع أن يكون مثل زرقاء اليمامة التي ترى الأخطار قبل وقوعها، وتنبه لها.
يضيف: «أيضا للثقافة دور مهم في ازدياد وعي الجمهور بحجم المنجزات التي تبذلها الدولة، وعلى ذلك يجب أن يكون المثقف مواكبًا بل شريكًا في وضع الخطط الحاضرة والمستقبلية التي تسهم في تخطي كل العقبات والتغلب على كل الصعوبات، ومن هنا أرى أن يتم دعوة عدد أكبر من المثقفين للمشاركة في جلسات الحوار الوطني التي من شأنها أن ترسم سياسة واقعية وأحلاما سعيدة للشعب المصري قابلة لأن تتحقق على أرض الواقع».
يستطرد: «لذا كنت سعيدا بطلب وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني بدعوة المثقفين للمشاركة في كتابة تقرير الحالة الثقافية المصرية الأول، لنعرف ماذا تم من إنجاز، وما هو المطلوب تنفيذه في المرحلة المقبلة، حيث يتضافر المثقفون مع كبار المسئولين في الدولة، في وضع خارطة طريق ثقافية تعود بالخير والجمال والوعي على الشعب المصري، وما كان هذا يتحقق لو لم تكن ثورة 30 يونيو».
طوق نجاة
أما الدكتورة سهام الزعيري، عضو اتحاد كتاب مصر، تقول، إن اعتصام وزارة الثقافة كان أيقونة لكل المصريين، لا أحد ينسى هذه الأيام، كانت أيام ثقال على كل المثقفين لتخوفهم من أخونة وزارة الثقافة والعبث في الهوية المصرية، حتى جاءت ثورة 30 يونيو لتكون المخلص لنا من الأخونة.
تتابع: «كل المثقفين وقتها كانوا مرعوبين من سيناريو الأخونة، أتذكر حينها المحادثات التي كانت تدور بين المثقفين، أعربوا عن تخوفهم الشديد من استمرار الإخوان في سدة الحكم، فكانت البلاد تسير نحو النفق المظلم، لكن انطلقت ثورة 30 يونيو لتكون طوق نجاة للمثقفين خاصة ومصر عامة».
اقرأ أيضًا : ثورة 30 يونيو l عندما قالت القوة الناعمة : « لا »