منال عبد الشافي تكتب: سد الفجوة بين الجنسين في بيئات العمل

منال عبد الشافي خبيرة موارد بشرية
منال عبد الشافي خبيرة موارد بشرية

"إذا قمت باستبعاد 50 في المائة من قائمة المواهب، فلا عجب من أن تجد نفسك في حرب من أجل المواهب" وهي مقولة لتيريزا جيه ويتمارش، الرئيس التنفيذي السابق لمجلس ولاية واشنطن للاستثمار.
ولا تزال هذه المقولة سارية حتى يومنا هذا لتسلط الضوء على الدور الذي يتعين على الشركات أن تلعبه في نشر المساواة لدفع أعمالها إلى الأمام، حيث يعد توفير المزيد من فرص العمل للنساء منفعة متعددة الجوانب، وفي بعض الحالات، يمكن أن تخلق الفرص لمجتمعاتِ بأكملها للارتقاء بها من خلال تمكين امرأة واحدة.
لكن يبدو أن هذا الأمر بعيد المنال، فلا تزال المرأة تواجه حواجز تمنعها من تحقيق المساواة في التمثيل والأجر في مكان العمل، بدءًا من التحيز اللاواعي ضدها وحتى عدم الحصول على الترقيات وشغل الأدوار القيادية، هذه العقبات تولد شعورا بعدم القدرة للتغلب عليها.
وفي إشارة لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للعام الماضي ،أنه على مدى العقود الماضية بينما تزايد إقبال النساء على الانضمام لسوق العمل، وزيادة تقلدهن مناصب قيادية في الصناعة، كانت هناك رياح معاكسة مستمرة تتمثل في التوقعات المجتمعية، وسياسات صاحب العمل، والبيئة القانونية ومدى توافر الوظائف، وكذلك توافر البنية التحتية للرعاية.
وتشير جميع الدراسات إلى وجود فجوة كبيرة بين الجنسين في القوى العاملة، وفقًا للبنك الدولي، ويبلغ معدل المشاركة في القوى العاملة العالمية للنساء 52.4 في المائة مقارنة بـ 80 في المائة للرجال . هذه الفجوة أوسع بكثير في مصر. إذا كان لا بد لي من الاستشهاد بمثال مصر وحدها، التي يبلغ عدد نسائها حوالي 50.6 مليون نسمة، فإن مرتبة مصر تظل ثابتة ضمن مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي، وإن شهد تغيرا هامشياً لينخفض في عام 2022 بنسبة(0.635) مقارنة بالعام الماضي.
ولكن ماذا لو كانت هناك طريقة لتحقيق تكافؤ الفرص وإعطاء المرأة المزيد من الامتيازات للنجاح؟
ففي أعقاب شهر المرأة، أريد أن ألقي الضوء على مختلف أشكال العمل المرن ونموذج "العمل من أي مكان" لتضييق هذه الفجوة.
يمكن أن يشمل العمل المرن مجموعة متنوعة من الأِشكال، بما في ذلك ساعات الدوام الجزئي وتقاسم الوظائف والعمل عن بُعد، حيث تتجه الشركات الآن نحو المزيد من العمل المرن والملائم للمرأة، ويعد أحد أسباب ذلك هو أن العمل عن بعد يسمح للمرأة بالموازنة بشكل أفضل بين التزاماتها المهنية والأسرية، بدون تنقلات طويلة أو ساعات عمل صارمة، فيمكن للنساء بسهولة تلبية احتياجات أطفالهن وحضور مواعيد الطبيب ورعاية الأقارب المسنين.
ويساعد هذا النموذج في الحد من التحيز بين الجنسين، حيث يمكّن المرأة من العمل في بيئة أكثر مساواة، خالية من التحيزات التقليدية في مكان العمل التي قد تواجهها في بيئة مكتبية تقليدية. كذلك، يمكن أن تؤدي هذه الفوائد إلى زيادة الرضا الوظيفي وتقليل التوتر وتحسين الرفاهية العامة، وتتجاوز فوائد العمل المرن الإنجاز الشخصي أيضا، حيث أظهرت الدراسات أن الشركات ذات القوى العاملة الأكثر تنوعًا تؤدي أداءً ماليًا أفضل، وأن العمل المرن يمكن أن يكون عاملاً رئيسيًا في جذب المواهب المتنوعة والاحتفاظ بها. وبتبني نموذج العمل عن بعد، يمكن للشركات الاستفادة من مجموعة أكبر من المرشحين، بما في ذلك النساء اللواتي قد لا يستطعن التنقل لمسافات طويلة.
وبالرغم من ذلك، هناك تحديات تواجه تنفيذ أنظمة العمل المرن. قد يتردد بعض المديرين في السماح بالعمل عن بُعد، خوفًا من فقدان الإنتاجية أو صعوبات في الاتصال، وقد تكون هناك مخاوف بشأن الحفاظ على ثقافة الشركة والتعاون في بيئة بعيدة، ولكن يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال الأنظمة والسياسات الصحيحة المعمول بها. كما يمكن للشركات الاستثمار في التكنولوجيا التي تسمح بالاتصال والتعاون السلس وتضع توقعات واضحة للعاملين عن بُعد.
وفي شبكة المشرق العالمية، ذراع التميز في التكنولوجيا والابتكار لبنك المشرق، نستثمر بكثافة في بناء بيئة عمل أكثر مرونة وتعاطفًا تغذي ثقافة الفرص المتساوية للنساء.
وتعد التكنولوجيا في صميم نموذج نجاح "العمل من أي مكان"، حيث نوفر للموظفين موارد وأدوات وإرشادات خاصة للنجاح في هذا النموذج.
لقد سمح لنا هذا النموذج بتوظيف الأفراد والاحتفاظ بهم بنجاح من مختلف محافظات مصر لتوفير تجربة وحلول عملاء لا مثيل لها، كما تشكل النساء 44 في المائة من قوتنا العاملة، فنحن جزء من الدليل على أن فوائد العمل المرن للنساء - وللشركات - أكبر بكثير من أن نتجاهلها.
وعلى الرغم من ذلك، فهذه هي الخطوة الأولى في سد الفجوة بين الجنسين في القوى العاملة، من خلال تبني أسلوب العمل عن بعد، وتوفير التدريب وفرص تحسين المهارات، وإنشاء برامج متخصصة في مكان العمل للنساء، يمكن للشركات في مصر إنشاء مكان عمل أكثر إنصافًا وشمولاً، مما يسمح لنا بتحقيق النمو.