صدى الصوت

المبدع الكبير والمبدع الصغير

عمرو الديب
عمرو الديب

كتبت كثيراً عن جراح النفوس ذاك الفذ حقاً حين الرحيل، وفى الذكرى الأولى للغياب،  ثم فى عيد ميلاده، وتوالت المقالات، والكتابات التى تحاول سبر غور عالم أمير القصة المصرية د. يوسف إدريس.. ذلك المبدع الكبير الذى عبر فى نصوصه البارعة الشجية التى تشعرك بأن صاحبها عازف ماهر على أوتار الشجن العميق عن الشخصية المصرية الحقيقية بعيداً عن النماذج الزائفة والمدعاة  .. وكثير من قصص «إدريس» ورواياته حلقت فى أعلى ذرى المجد عبر الغوص فى أعماق الطمى، وتمكنت من النفاذ إلى ضمير العالم على الرغم من ارتباطها الراسخ بالجذور، والمحل،  وطين الأرض السمراء ، فقد عاش «إدريس» منتمياً لجذوره مصرى السمات مع أن ملامحه بدت أوروبية .. وفى حين بدا «محفوظ» هو المُعبر عن روح الحارة، وترجمان أشواقها انتصب المبدع الكبير   «د. يوسف إدريس» علماً دالاً على هوية القرية المصرية، وقد رفرف على سارية بلاده رمزاً لتفوق الإبداع المصرى، ولأنه لا يُنسى، تذكرناه فى عيد ميلاده الذى احتفلت به  مصر منذ أيام، ولم تولهِ المؤسسات الثقافية القومية ما يستحق من اهتمام، وبصورة تجعله ماثلاً أمام أجيال صاعدة لا تعرفه، وهى حشود تضم فى كثرتها، وزحامها آلاف المبدعين الواعدين فى شتى أفق النبوغ الإنسانى ، ولذلك نحتفى دوماً بذلك الضوء الكريم الباهر الذى يتوجه إلى أعماق الحشود مستكشفاً المطمور فى الخبايا، والقابع فى الظلمات من المواهب الفذة الدفينة، ففى قلب ذلك الزحام يكمن آلاف النابهين الذين لا يقلون موهبة عن المبدع الكبير «يوسف إدريس»، أو الأديب العالمى «نجيب محفوظ»، أو غيرهما من الأفذاذ فى كل مجال، الذين ينتظرون اليد المعطاءة التى تمتد لتفرز ، وتنتقى، وتمنح فرصة التحقق والظهور ، وذلك الدور القيم هو ما تضطلع  به جائزة «المبدع الصغير»-  التى ترعاها السيدة انتصار السيسى قرينة فخامة رئيس الجمهورية، وقد واكب إعلان الفائزين فى دورتها الجديدة عيد ميلاد «يوسف إدريس» لترتسم فى الآفاق ملحمة تواصل الأجيال فى مصر من المبدع الكبير إلى المبدع الصغير.