«فرقاء السودان» إلى كلمة سواء

النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

يقول الرحالة الفرنسى بران روليه، الذى قام برحلات طويلة فى أراضى السودان خلال القرن التاسع عشر: «إن التاريخ يعلمنا أنه طالما كانت هاتان الأمتان، مصر والسودان، متحدتيّن عن طريق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، وعن طريق الدين والأخلاق والعادات والتقاليد، واستطاعت مصر بوحدتها مع السودان أن تحل مكان الصدارة بين الأمم، أصبح من العسير على أعدائها غزوها».

وعاشت مصر والسودان، كأمة واحدة، فكان يُشار إلى البلدين فى القواميس الجغرافية القديمة باسم «وادى النيل». وكان السودان، على مدار التاريخ سنداً لمصر، ففى أثناء العدوان الثلاثى عام 1956 أعلن السودان بكل وضوح أنه: «لا سلامة للسودان إذا كان الخطر محدقاً بمصر».

وقتها، وضعت الحكومة السودانية كل إمكانياتها تحت تصرف مصر، بما فى ذلك تأمين الطائرات المصرية فى مطار وادى سيدنا السودانى، وتكرر الأمر نفسه عام 1967 حينما احتضنت قاعدة جبل الأولياء الكلية الحربية المصرية، ثم كانت مشاركة الجنود السودانيين البواسل، مع نظرائهم من المصريين والعرب فى حرب أكتوبر المجيدة.

وبتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، كانت مصر هى أول دولة عربية وإفريقية تهب إلى نجدة الشعب السودانى فى محنته الراهنة، وتفتح حدودها وقلوبها لآلاف الإخوة السودانيين وسط تسهيلات لا مثيل لها على معبر «أرقين» الحدودى، حيث تم تخصيص قطارين إضافيين من أسوان إلى القاهرة يومياً، مع عشرات الأتوبيسات التى تنتظر على الأراضى المصرية، لنقل العابرين على متن حافلات قادمة من السودان.

انضم هؤلاء الإخوة السودانيون إلى أكثر من 5 ملايين سودانى، يعيشون معززين مُكرمين فى وطنهم الثانى مصر، وهى أكبر جالية سودانية فى العالم.
ويقول مراسلو وكالات الأنباء الدولية، إن الحديث عن السودانيين فى المجتمع المصرى، لا يدور إلا فى إطار أنهم «الأهل» الذين جاءوا إلى مصر فى زمن «القطر الواحد»، وإن المصريين والسودانيين شعب واحد، فرّقته الحدود، وجمعته العِشرة الطيبة.

ولقد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى، دعوة إلى تخصيص القمة العربية المقبلة الـ 32 والمقرر عقدها فى الرياض الشهر المقبل، لمناقشة الأوضاع فى السودان، من أجل الحفاظ على وحدة الأراضى السودانية.

ونحن مع هذه الدعوة التى أطلقها الكاتب سامى النصف، وزير الإعلام الكويتى الأسبق، والتى تعبر عن وجود وعى عربى، يدرك أهمية الحفاظ على وحدة السودان، باعتباره جسرا بالغ الأهمية يربط بين العرب وأشقائهم الأفارقة.

ولذلك، فمن الطبيعى أن ينتاب العالم العربى، القلق العميق تجاه التطورات المؤسفة فى السودان، حتى يتوقف «قتال الإخوة»، وتحقن دماء الأبرياء من الطرفين.

وأكدت مصر، وجوب الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة السودانية، بما يخرج بها عن الإطار التقليدى لأى دولة وطنية حديثة، وهو ما سيكون أشد خطورة على السودان وشعبه الشقيق.

كما أكد المسئولون المصريون، أن النزاع فى السودان شأن داخلى، محذرين من أى تدخل خارجى فى السودان حتى نتجنب معاناة تكرار التجارب المزعزعة للاستقرار كما فى دول أخرى فى المنطقة.

ونأمل، مع غيرنا على امتداد الوطن العربى، أن يتوخى الجميع فى السودان الحكمة، من أجل رأب الصدع بين فرقاء الوطن الواحد، وتغليب المصلحة الوطنية، وأن يتفق السودانيون فيما بينهم على كلمة سواء، حفاظاً على وحدة التراب السودانى.