أحمد الطاهرى يكتب: اتحاد القبائل العربية.. أسئلة مشروعة للرأى العام

أحمد الطاهرى
أحمد الطاهرى

لماذا قبل الرئيس السيسى الرئاسة الشرفية للاتحاد ولم يقبل رئاسة بعض الأحزاب؟

 كيف تلاقت مصالح الإخوان وإسرائيل فى استهداف الشيخ إبراهيم العرجانى؟

إذا وقف الإخوان ومن يدافع عنهم ومن يتحدث باسمهم وكتائبهم الإلكترونية واليسار النائم فى فراشهم وقنواتهم المشبوهة على جانب من الطريق، فاعلم أن الدولة الوطنية على الجانب الآخر.. هذه هى حقيقة الواقع والتاريخ والمستقبل منذ عصر الملكية إلى عصر الجمهورية الثانية، ومن مواجهة ثورة يوليو معهم إلى حرب ثورة يونيو عليهم وعلى كل الأفكار الضالة التى دفعت مصر ثمنها من دم أنبل وأطهر أولادها.
وإذا وجدت خطاب الإخوان مدعومًا من أدوات إسرائيلية فى الإعلام العبرى والدولى بتنسيق وتناغم واضح وأهداف محددة.. هنا عليك أن تنتبه أن المستهدف وطن وليس شخصًا.. وهنا أعنى الشيخ إبراهيم العرجانى رئيس اتحاد القبائل العربية، والرقم الذى شكله فى معادلة وجودية بالنسبة للإخوان وبالنسبة لأطماع إسرائيل.

هذه المعادلة الذى تحدث عنها العبقرى جمال حمدان فى رائعته «شخصية مصر»، عندما وصف حساسية الأمن القومى المصرى تجاه سيناء وأرض فلسطين، وأن من يسيطر على فلسطين يهدد سيناء، ومن يتحكم فى سيناء يهدد الوادى، من هنا كان ولم يزل صراعاً وجودياً للحفاظ على كل حبة رمل فى سيناء، ومن هنا أيضًا كانت حتمية وجود تنمية شاملة لسيناء وتعميرها، وهو ما يزعج إسرائيل على الدوام، ومن هنا أيضًا كانت حربًا لا تُبقى ولا تذر على الإرهاب فى سيناء، بل منتخب العالم للإرهاب دون مبالغة، جماعات التكفيريين الذين استقدموهم الإخوان على وهْم قدرتهم بتشكيل حرس ثورى لهم فى سيناء.

وهنا ظهرت قدرة الدولة المصرية وعنفوانها وجرأة وشرف قيادة سياسية وطنية لا تساوم ولا تعقد صفقات على حساب مصير الأمة المصرية وهنا يسجل التاريخ صفحة جديدة من البطولة لقبائل سيناء ومشايخها باصطفافهم الوطنى خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة، ومثلما فعلوها من قبل مع العدو الإسرائيلى فعلوها اليوم مع العدو الإرهابى..

فى لحظة الاختيار اختاروا الوطن ولم يقفوا على الحياد، ولم يتعاونوا مع التكفيريين وبيان حالهم «قالوا نموت ولا يدخل مصر خسيس وجبان»، ولا توجد قبيلة فى سيناء إلا ودفعت الثمن من دم أولادها فداء لمصر، وهنا مربط الفرس فى معادلة الشيخ العرجانى فى معركتى الإرهاب والتنمية بتوحيد القبائل فى خندق الدولة بالأدوات والإمكانيات لتحقيق المستهدف وقد كان، وفى بقعة كانت مرتعًا للإرهاب تم تشييد مدينة السيسى لتبقى الذاكرة الوطنية حاضرة، ودخلت شركات أبناء سيناء ومصر سيناء فى معترك التعمير يدًا بيد مع الدولة لتحقيق حلم التنمية فى سيناء، وهذا ليس حديثى، ولكن حديث مشايخ القبائل فى سيناء.

ومن هنا أيضًا قبل الرئيس عبدالناصر فى الماضى رئاسة المنظمة العربية للقبائل، ومن هنا أيضًا قبل اليوم الرئيس عبد الفتاح السيسى الرئاسة الشرفية لاتحاد القبائل العربية.. وهو ما يعنى أن تقدير الدولة المصرية للقبائل ليس لحظة زمنية ولكنه نسق له جذور فى الماضى ومعطيات فى الواقع وأبعاد مستقبلية.

خذ كل ما سبق وأطلق للعقل وظائفه فى التفكير، وأطلق للمنطق حكمته فى الاستشراف والتدبر.. وحديثى هنا للرأى العام المصرى وليس للإخوان وإعلامهم - الخنزير لا يصارع فى الوحل - ولإسرائيل وأدواتها الإعلامية، فلا مجال للاشتباك مع أطماع ومخططات معلنة الآن - سيأتى وقتها قريبًا - ولكن ما يهمنى هو الرأى العام المصرى، الذى لديه أسئلة مشروعة بعد زحام من التشويش والجدل وآخرها صورة علم مصر وقد وضع عليه شعار اتحاد قبائل سيناء يوم افتتاح مدينة السيسى، ولم ينتبه أحد أن لا أحد من الحضور قد رصد هذا العلم، ولم يفكر أحد أن هذه الصورة تحمل شعار اتحاد قبائل سيناء وهو مسمى قديم لاتحاد القبائل العربية..

قمت بسؤال الشيخ عبد الله جهامة رئيس جمعية مجاهدى سيناء عن حقيقة هذه الصورة؟ وكان رده أن الصورة كانت قبل خمس سنوات فعلها بعفوية شاب اسمه عيسى تعبيرًا عن وقوف قبائل سيناء مع الوطن.. وعندما سألته عن إمكانية التواصل مع الشاب كان رده صادمًا: «استشهد يا ولدى.. عيسى نحتسبه عند الله شهيدًا مثله مثل كل أولادنا اللى راحوا فى حربنا مع التكفيريين.. لا توجد قبيلة إلا وقدمت شهداء.. الشيخ إبراهيم العرجانى نفسه اللى بيهاجموه استشهد ابنه ومئات من أبناء قبيلته».

انتهى حديثى مع الشيخ عبد الله جهامة وأنا أفكر.. إلى أى حد وصل بنا التلاعب بالعقول؟ لم نتحقق، لم نفكر، ولماذا تركنا القصة التى تستحق أن تروى وهى قصة الشهيد عيسى واستسلمنا لأبواق السموم وروايتها؟

الإنسان بطبعه يخشى من المجهول لديه.. والشيخ إبراهيم العرجانى لا يتفاعل مع الإعلام منذ دخوله عالم المال والأعمال قبل ١٢ عامًا، وليس من المتنطعين على الوطن ليقص ويحكى ما قام به مع القبائل جنبًا إلى جنب مع قواتنا المسلحة للقضاء على الإرهاب، وبعض هذه التفاصيل موثقة ومصورة بحسب ما ذكره أحد مشايخ سيناء، وربما لم يحن الوقت بعد لنعرف حكايته مع الشهيد العقيد أحمد منسى وأبطال ملحمة البرث..

ولكن المنطقى أن نطمئن إلى المعلوم لدينا وهو الوطن الذى ننتمى إليه والدولة التى ندعمها وندافع عنها ومؤسساتها وقيادتنا الوطنية..

مصر التى ترسى دعائم الدولة الوطنية فى الإقليم كله ويقولها الرئيس السيسى بوضوح فى كل المحافل هل ستقبل بوجود ميليشيات على أرضها؟ مصر وهى الدولة الوحيدة فى الإقليم التى دشنت قواعد عسكرية لها فى كل الاتجاهات الاستراتيجية ستقبل أن تنتقص حبة رمل من سيادتها؟ مصر التى تحدت العالم وهى تعيش ظرفًا اقتصاديًا قاسيًا ولم ترضخ لضغوط تصفية القضية الفلسطينية على حساب سيناء هل من الممكن أن نظن ولو لحظة أنها من الممكن أن تفرط فيها؟ وكيف لنا أن نشوه أهل سيناء وبطولاتهم ونعتهم بمثل هذه الأوصاف؟

وللحديث بقية