عصير القلم

يا ليلة العيد «نسيتينا»

أحمد الإمام
أحمد الإمام

‭..‬”إن‭ ‬لربكم‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬دهركم‭ ‬نفحات،‭ ‬فتعرضوا‭ ‬لها‭ ‬لعله‭ ‬أن‭ ‬يصيبكم‭ ‬نفحة‭ ‬منها‭ ‬فلا‭ ‬تشقون‭ ‬بعدها‭ ‬أبدا‭ ‬“‭ .. ‬بهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬العطرة‭ ‬أرشدنا‭ ‬رسول‭ ‬الانسانية‭ ‬سيدي‭ ‬وحبيبي‭ ‬محمد‭ ‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭ ‬إلى‭ ‬الطريقة‭ ‬المثلى‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالأعياد‭ ‬كما‭ ‬أرادها‭ ‬المولى‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬الذي‭ ‬شاء‭ ‬برحمته‭ ‬التخفيف‭ ‬على‭ ‬عباده‭ ‬فأهداهم‭ ‬أيامًا‭ ‬للبهجة‭ ‬والسعادة‭ ‬والاحتفال‭ ‬ونبذ‭ ‬الكراهية‭ ‬وترك‭ ‬الأحزان‭.‬

ويبقى‭ ‬السؤال‭ ‬هل‭ ‬استفاد‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬المنحة‭ ‬الالهية‭ ‬وأدركوا‭ ‬معناها‭ ‬السامي‭ ‬الذي‭ ‬أراده‭ ‬واهب‭ ‬النعم؟

الاجابة‭ ‬للأسف‭ ‬هي‭ ‬لا‭.‬

هناك‭ ‬من‭ ‬اعتاد‭ ‬أن‭ ‬ينبش‭ ‬في‭ ‬مناجم‭ ‬الألم‭ ‬ويستخرج‭ ‬منها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لذ‭ ‬وطاب‭ ‬من‭ ‬المنغصات‭ ‬التي‭ ‬تذهب‭ ‬بسعادته‭ ‬وسعادة‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬،‭ ‬فمنا‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يحلو‭ ‬له‭ ‬زيارة‭ ‬المقابر‭ ‬واجترار‭ ‬الأحزان‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬العيد‭.‬

ومنا‭ ‬من‭ ‬يقطع‭ ‬رحمه‭ ‬ويتعمد‭ ‬تجاهل‭ ‬تهنئة‭ ‬أهله‭ ‬بالعيد‭ ‬لأسباب‭ ‬واهية‭ ‬،‭ ‬وأحيانا‭ ‬بلا‭ ‬أسباب‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

ومنا‭ ‬من‭ ‬يمنع‭ ‬زوجته‭ ‬عن‭ ‬زيارة‭ ‬أهلها‭ ‬في‭ ‬العيد‭ ‬نكاية‭ ‬فيهم‭ ‬لخلافات‭ ‬عائلية‭ ‬بينه‭ ‬وبينهم‭ ‬،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬تحرض‭ ‬زوجها‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬معايدة‭ ‬والديه‭ ‬واخوته‭ ‬رغبة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬الانفراد‭ ‬به‭ ‬واقتلاعه‭ ‬من‭ ‬جذوره‭.‬

للأسف‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬البشرية‭ ‬البغيضة‭ ‬حولت‭ ‬الأعياد‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬للسعادة‭ ‬والبهجة‭ ‬إلى‭ ‬أيام‭ ‬للشقاء‭ ‬والألم‭ ‬والتناحر‭.‬

ولايقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المرفوضة‭ ‬فهناك‭ ‬التجار‭ ‬أصحاب‭ ‬الضمائر‭ ‬النائمة‭ ‬الذين‭ ‬يتعمدون‭ ‬رفع‭ ‬الاسعار‭ ‬في‭ ‬الأعياد‭ ‬لمضاعفة‭ ‬أرباحهم‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬اضطرار‭ ‬الناس‭ ‬للشراء‭ ‬في‭ ‬العيد‭ ‬أيًا‭ ‬كانت‭ ‬الاسعار،‭ ‬فهل‭ ‬هناك‭ ‬أب‭ ‬يتحمل‭ ‬دمعة‭ ‬حزن‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬طفله‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬ملابس‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العيد‭ .. ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬أم‭ ‬تتحمل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬العيد‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتناول‭ ‬صغارها‭ ‬كعك‭ ‬العيد؟

للأسف‭ ‬هؤلاء‭ ‬التجار‭ ‬يتاجرون‭ ‬بآلام‭ ‬الناس‭ ‬ويجعلون‭ ‬من‭ ‬الأعياد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭ ‬الدينية‭ ‬السعيدة‭ ‬أيامًا‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬الأسر‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتحمل‭ ‬ميزانياتها‭ ‬المنهكة‭ ‬أصلا‭ ‬أي‭ ‬أعباء‭ ‬اضافية‭ ‬وكفاها‭ ‬ما‭ ‬تعانيه‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬جنوني‭ ‬وغير‭ ‬مبرر‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭.‬

هل‭ ‬رأيتم‭ ‬ماذا‭ ‬فعلنا‭ ‬بالأعياد‭ ‬،‭ ‬تلك‭ ‬الهبة‭ ‬الربانية‭ ‬وحولناها‭ ‬بطمع‭ ‬البعض‭ ‬وغباء‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬إلى‭ ‬نقمة‭.‬

وتحولت‭ ‬كلمات‭ ‬الاغنية‭ ‬الخالدة‭ ‬لكوكب‭ ‬الشرق‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬من‭ ‬‮«‬ياليلة‭ ‬العيد‭ ‬آنستينا‭ ‬وجددتي‭ ‬الأمل‭ ‬فينا‭ ‬‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ياليلة‭ ‬العيد‭ ‬نسيتينا‭ ‬وزودتي‭ ‬الطمع‭ ‬فينا‮»‬‭!‬