حكايات| «أمهات شقيانة».. «أحلام أولادهم حرمتهم الراحة»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اختلفت المهنة والصنعة، وجمعهم لين القلب، فكانت السيدات الأم والأب في آن واحد، فمع اختلاف الظروف كان قرار السيدات الشقيانة في سوق العمل هو التدخل السريع من أجل أحلام أولادهم.

نجارة، وسباكة، وحدادة، وسواقة، مهن كانت في فترات سابقة محجوزة سابقًا للرجال، لكن بعض السيدات اقتحمن الظروف، تعلمن الصنعة، شاركن أزواجهن أعباء الحياة.

من مصدر الأمان، إلى مفتاح الرزق للعائلة بأكملها، من أجل تعليم الأولاد، ومسعادتهم على الزواج، وأعباء الحياة، كان كل يوم بالنسبة لهم بمثابة عيد أم، بعد ما تكبدنه من عناء.

مريم احترفت النجارة 

داخل منزل ريفي بقرية بسيطة تدعى «منهري» بمدينة ملوي شمال محافظة المنيا تسكن «مريم حنا»، والتي تعمل في ورشة النجارة بصحبة ابنها.

قبل أن تتعلم مريم حنا، مهنة النجارة وأسرارها، كانت أحكمت قبضتها على تلابيب الصبر، بعد أن اختفى عنها زوجها في ظروف غامضة لا تعرفها حتى الآن، أصبحت الأم والأب في آن واحد. 

قصة كفاح جديدة بطلها «مريم حنا» التي تعمل بمهنة النجارة لكي تربي صغارها من حتى أصبحت ضمن أشهر النجارين المهنة التي يصعب على بعض الرجال العمل بها لكن الظروف دفعتها لذلك العمل الشاق.

تاكسي كوثر.. ديون ومشاوير

أمام متطلبات عائلتها، وبعد أن أصبحت وحيدة مرتين، الأولى بوفاة زوجها الأول، والثانية بهروب زوجها الثاني دون أن تعرف له طريق، لم تجد كوثر الشهيرة بـ«أم أحمد»، خيارًا إلا أن تتخلى عن شقة، لتشتري «تاكسي أبيض»، تنفق منه على ثلاثة بنات، وأربعة أبناء.

تتجه كوثر، إلى سيارتها، تطوقها كأنها تنظف بيتها، تطوف بها شوارع المحروسة تطلب الرزق، تنتظر نداءً، أو تلويحًا، في رحلة يومية لم تغب عنها منذ زمن بعيد.

تقول كوثر لـ«بوابة أخبار اليوم»: «كنت أساعد زوجي على المعيشة من خلال الحرف اليدوية أقوم بشراء المنتجات اليدوية وبيعها وكانت الحياة جميلة بيننا حتى توفي زوجي، وبعدها زوجت ابنتي من أعمال بيع المنتجات اليدوية، قبل أن تتراكم المصاريف».

مي أشطر سباكة في مصر 

من شقة صغيرة تتسع لعائلة مكونة من تسعة أفراد، خرجت منه «أشطر سباكة في مصر»، الأسطى مي حملها والده على اكتافه، أثناء ذهابه للزبائن، فشربت منه «الصنعة»، بالمراقبة والتقليد، فكانت الأطفال تلعب بالعرائس وهي تلعب بـ«عدة الشغل».

تحولت مي بعد وفاة والدها من «بلية» تقتصر مهمتها على مناولة العدة، إلى أسطى، تلم بأسرار المهنة، ترتدي «عفريته» خصصتها لأعمال السباكة، تترد على بيوت الزبائن، يقصدونها لأمانتها وقدرتها على معرفة أين تكمن المشكلة.

وتابعت :«أنا وزوجي متفاهمين جدا فكل منا يساعد التاني في جميع أمور الحياة حتى في العمل يقوم العميل بالاتصال بي يذهب زوجي له، وإن كانت العميلة أنثى أذهب إليها».

الأسطى «نورا» الكهربائية 

«بسم الله توكلت على الله».. بتلك الكلمات تبدأ «نورا»، يومها الشاق، بعد أن تودع أطفالها وتطعهم، ثم تتركهم وتنزل لكي تجلب لهم لقمة العيش، فتحمل المعدات الثقيلة فوق كتفها وتبدأ في التنقل من مكان لمكان داخل الجيزة، وأحيانا يأخذها أكل العيش، إلى أن تسافر من محافظة لمحافظة أخرى، فمجرد أن يتصل بها الزبون، تحمل كل أدواتها وتتجه مسرعة له، وتبدأ في عملها.

تتذكر ابتسامة أطفالها وتتقوى بها عندما يرهقها العمل، وتكون مصدر قوة لكي تستكمل عملها، فقد اختارت أصعب الأعمال ولم تمنعها أنوثتها أن تستمر بها، فتحمل "الصاروخ" و"الهلتي" وتعمل بكل قوة في تأسيس الكهرباء في الشقق.


 تغيب عن منزلها لساعات طويلة حتى تنتهي من عملها ثم تعود لشقتها وتجلب لأطفالها الطعام وتبدأ عمل أخر وهو إعداد الطعام لصغارها، ثم تستريح وتنام لكي تبدأ يوما جديد في العمل كفني كهرباء.

الـ«تروسيكل» أكل عيش «ماجدة» 

تحملت الصعاب، من أجمل لقمة العيش، بعد أن انفصلت عن زوجها منذ 12 عاما، فقررت أن تعمل على «تروسيكل»، بعد أن أصبحت الأم والأب في آن واحد.

وقالت نبيهه عبدالحميد، وشهرتها «ماجدة» إن سر اختيارها تلك المهنة، هو أنجابها طفلتين الأولى دينا وهى الآن بالصف الثالث الإعدادي، والثانية شهد ومقيده بالصف السادس الابتدائي.

دائما وأبدا كانت «ماجدة» ترفض أن تتواكل على أحد، ما دفعها لشراء تروسيكل بالقسط للعمل عليه لتوفير لقمة عيش حلال لأبنائها.

وأضافت «ماجدة»: «تعلمت قيادة الترويسكل خلال فتره قصيرة وأتوجه يوميا في الساعات المبكرة عقب صلاة الفجر للوكالة لنقل الخضار للباعة والتجار الكبار، ثم أعود لإعداد إفطار لأبنائي لكي يتوجهوا للمدرسة ثم أتوجه بعد ذلك لبعض البيوت للعمل في نظافتها، وبعد الساعة 11صباحًا أقوم ببيع المناخل، والسبته، حتى نهاية اليوم  بالقرى المجاورة».