محمد علي السيد يكتب: تحت المطر

محمد علي السيد
محمد علي السيد

(الاثنين 24فبراير 1992-20شعبان -16 أمشير
••
الحادية عشر صباحًا 
رياح  ثلجية تدهم الإسماعيلية فجأة.. أثر صباح  شتوي دافىء(11درجة) لطريقنا من القاهرة.. 
••
(أنخفضت الحرارة 15 درجة الى تحت الصفر
 بمنخفض جوى من تركيا 22درجة تحت الصفر و3م ثلوج بالشوارع ) 
••
سياط صقيع متواصلة سريعة تلاحق موظفى ورجال أمن مبني الأرشاد بهيئة قناة السويس، 
يهرعون للمبانى طلباً للدفء في فزع أرعبنى خارجا للتو من المبني، لتحقيق صحفي جديد 
أهرول في ممرات حديقة المدخل ملوحا لسيارتنا يفتح بابها، أندس منكمشا  لدفء، نفقده ثلاثة أيام قادمة.
.. أحسم بهدوء.
-إلي العريش ••المأمورية الأصلية!!

••
(سحب منخفضة كثيفة •أمطار رعدية غزيرة •كرات ثلج)
خراطيم مياه تغسل زجاج  السيارة (فيات 128) 
أصبحت ثلاجة تقهر ملابسنا الشتوية••وتغرز آلام عظامنا!!
••
العريش..  لتحقيق صحفي كبير 
عن المخدرات في سيناء.. بأصراررئيس تحريرنا 
محمد وجدي قنديل.
••
لم نك نعرف بصدور مجلة (أخبار الحوادث) كل خميس  تؤثر على توزيع مجلتنا (مجلة آخر ساعة ) من يوم الأربعاء
.. تشدد لتنفيذه لينشره  بغلاف رئيسي على 6 صفحات (8 أبريل 92 19) وتصدر أخبار الحوادث.
(9 أبريل 92)
❊❊
دراسة طويلة..في إدارة مكافحة المخدرات ••
مادة علمية ميدانية وفيرة  شاملة مع اللواء  الترساوي.. و زيارة لمكتب المكافحة الرئيسي لمدن القناة وسيناء،  في السويس واللواء الحمامي.. 
نرسم خط سيرى  
❊❊
أمطار غزيرة ••غيوم كثيفة ••نهار ساطع بالبياض.. الرمال هاجعه علي جانبي الطريق
طبيعة ربانية، رائعة.. نقية، 
نستهين بقلق أنزلاق للسيارة الصغيرة علي الأسفلت 
أو توقفها فى  الخلاء 
 وحدنا 
اللهم إلا رعاية الله.
❊❊

(سرعة الرياح 80كم فى الساعة ••أغلقت المطارات أقتلعت أشجار وأعمدة نور وقطعت التيار الكهربى وغاب التلاميذ عن المدارس  )
••
يواعدنا مدير مكتب المكافحة بالشيخ زويد..  بلقاء ليلي في نادي الشرطة بالعريش.. 
شاب .. نشيط يهمس حذراً
-حظك حلو .. أخبارية هيروين
.. يأمرنا بتتبع  سيارته عن بعد، سيارتنا مميزة بلونها الأسود.. وأسم أخبار اليوم
••.
الشيخ زويد  30 كم من العريش.. 
يتأخر موعد التسليم ساعتين.. 
نصعد إلي مكتب متهالك متهدم  الحوائط والسقف  وليس للصقيع سوى الشاي الساخن والسجائر وحوار طويل حول معاناة رجال المكافحة.. 
عدم توافرالسيارات القوية..والوقود •وتحركاتهم ليل نهار.. وعدم دقة المعلومات.. 
الأهالى يخشون بطش المهربين 
ولابد من البحث  في كل الاتجاهات للوصول إلي المهربين أو المخدرات أيهما أقرب.
❊❊
بعد أربعة ساعات كاملة.. جاء من يهمس بموعد  جديد.. نتحرك لمصيف مهجور علي الشاطئ.. 
نكمن يسارتنا وأمرونا ألا نستخدم فلاش كاميرا التصوير، 
حتى  لا نكشف موقعنا ونتحسب لضرب النار 
نجهز دواست السيارة للهبوط  عند الخطر.
••
البرد يزداد ضراوة مع الليل والبحر يهدر بأمواجه (أغلقت  الموانى والغيت رحلات الصيد  4أيام )
••
فى الفجر، تظهر سيارة (لاند لوفر)لدواعى القوة 
و السرعة على الرمال والوديان ) .. تستكشف المكان، تعطى أشارات بأضوائها، 
تتريث  قليلا .. ثم بسرعة تتراجع وتغادر المكان 
••.
يأتينا  الضابط متسللا بألغاء التسليم يأمرنا بالمغادرة.. منتظرا ورجاله..للأحتمالات .
❊❊
خرجنا وحدنا ••يلتبس علينا الطريق والليل 
نأخذ طريقا مغايرا نتوغل 
 وسط مزارع فواكه بأسوار عالية وبوابات مغلقة.. تعترضنا كثبان رملية 
و لانعرف مابعدها ونخشي الغرز ندور يعيدا عنها 
يطول الزمن عن الطريق الرئيسي

❊❊
يتشيطن إبراهيم مسلم ••زميلي المصور على سائقنا القلق (أحمد على )••يسافر معنا أول مرة 
يسألنا مرعوبا 
ـ الطريق ده آخره أيه؟.
ـ الحدود ويعتبرنا الأسرائيليين
متسللين وتبقي حكاية!!
(المسافة إلي حدودنا الشرقية،بعيدة دونها 
سلك شائك وقوات طوارىء ومناطق سكنية.. 
ـ نعمل أيه؟!
ـ يستجوبونا ويسألونا عنا،.. ويتصلوا بمصر.و يفرجوا عنا.
••
خشيت أن يأخذها بجد فأفهمته .. الأمر
••.
عدنا  لنفس الطريق، نبدأ من الصفر، حيث  الضابط وقلقين من مغادرته فلا نجد من يدلنا  
ولانستطيع البقاء للصباح  فنصطدم بالمهربين ويحدث مالايحمد عقباه
••.
يدلنا  أحد المخبرين ..
❊❊
في العاشرة صباحا.. كنا فى أعلا نقطة ملاحظة حدودية، علي السلك مباشرة.. أعاين المشهد من نافذة الغرفة الصغيرة، ذات السلالم.. المطلة  شرقا علي قطاع غزة.. وغربا على منازل رفح المصرية .. أمامها طريق أسفلت 
••
أمامنا حفرة عميقة، أثار منزل قديم أكتشف به 
نفق للتهريب، بينه وبين منزل في قطاع غزة..أسفل الحدود.. وتم هدمه وردم النفق.
••
جئنا لتصوير جهود الأمن المصرى لوقف 
التهريب عبر الحدود (مخدرات -قطع غيار 
سيارات المرسيدس الإسرائيلية -أدوات زراعية -بذور )
❊❊
غرفة الملاحظة.. على عمود أرتكاز وبروز غربى••
 مظلة تحمي إبراهيم والجنود 
من سياط الأمطار الغزيرة..وإحساس طاغي بوقفها بفضل الله.. 
لنتمكن من التصوير.. 
❊❊
.. أقسم بالله العظيم ••ذلك ماحدث فعلا؟!
توقفت الأمطار وإنقشعت غيوم فتسطع 
أشعة الشمس الذهبية علي الموقع.. 
يزعق إبراهيم في الضابط والجنود يقفوا فى أماكن التصوير 
.. يبدل كاميراته وعدساته وأفلام الابيض والأسود والألوان
ومواقع الضباط والجنود.. وبعد دقائق يترك كاميراته تتدلى بأحذمتها علي صدره.. يرفع  يديه 
ـ أنا خلصت ..
وقبل أن يهبط ذراعيه.. عادت غزارة الأمطار وغامت الشمس 
يهرعون للمبنى  نردد جميعا.
ـ الحمد لله.. الحمد لله..
••.
(تعذر عبور حاملة الطائرات الامريكية (أمريكا )والفرقاطة (نورماندى )لقناة السويس  )
••
أقصي شمال الساحل.. توقفنا عن نقطة الحدود رقم (1)
أمامى هرم أسمنتي صغير، به دائرة مكتوب بها رقم (1)  •أول علامة حدودية لنا مع قطاع غزة.. 
يطل عليها من شرق سلك نقطة 
المراقبة الإسرائيلية مرتفعة بسلالم.. أعلاها جندي بنظارة سوداء.. 
أسأل ضابطنا المسئول.. عن نهاية خط حدودنا.. يجبني .. حتي منتصف عرض  العلامة.
ـ إذن من حقي لمسها.
ـ طبعا.
اتجه إليها وثقة  تملأني .. ألمسها.. 
أطلب من إبراهيم تصويري بجوارها، يهرع الضباط والجنود والسائق للتصوير.
يقلق جندي الملاحظة الإسرائيلي.. يتحدث في جهازه ، يخرج جندي آخر بسلاحه.. مسرعا  منزعجا من مبنى مجاور، يعدل هندامة.. يفاجأ ببرود نظراتي  يلوم بعينيه زميله في البرج 
ملامحه شامية، يتحدث العربية، وبحكم الجوار، هناك حوارت مع أفراد نقطتنا.. يطرح سؤالا عائما..
ـ هذه أول مرة تأتي إلي هنا!!
أنظره ببرود
يرد ضابطنا..
ـ إنهم  ضيوف.
❊❊
شرق مدينة الشيخ زويد.. تتمركز قبيلة رعاة 
.. بسطاء غلابة.. فيهم شيء لله.. ولايجرؤ أحد علي أذيتهم.. اتفقنا تمثيل عملية القبض على مهربين 
فهو أمر  لايحدث  كل يوم ولابد من التصوير
ويحرص إبراهيم علي عدم ظهور وجوههم 
••
كنا فى الظهيرة و قوس قزح بألوانه السبعة  في السماء.. وضوء نهاري جميل 
نشكرهم ••نستقر  في مقاعدنا .. نغلق زجاج السيارة.. 
ـ خلاص يا إبراهيم
ـ الحمد لله ..
وإذا أمامى صوت طلقات رصاص  أفزعني .. لأري قطع ثلج تتساقط من جديد 
نردد: سبحان  الله ••الحمد لله.. 
••
(شاليه أقامتنا بلا سخان مياه كهربى ••
ودش حتمية إفاقة صباحى (بارد ••ثلج )
يرتعد أبراهيم مسلم من مجرد صوت خرير المياه••
يدعو على  ••ويكرر عبارته الثابته••
-ها تموتنى بموضوعاتك المجنونة دى !!

••
2
••
من أطرف معلوماتى 
- ظهور المخدرات من جبال خرسان بإيران  658 هـ  بمتصوف يسمي حيدر.. أصابه قلق فخرج يتريض وأعجب بشكل نبات القنب.. فأكله.. وسرى عنه (أنبسط )وأعتبره من أسرار الطائفة الحيدرية.. وأنتشر مع الاتباع ••-نبات  لا يوجد نص ديني يحرمه-
لجأت إدارة مكافحة المخدرات في مصر إلي مفتي الديار المصرية.. فحرمه في فتوي صدرت 1940 
بأنه مخدر أي مسكر فهو حرام ••
ووافقه كل رجال الافتاء في مصر حتي الآن.
-أول أمر عالي  (فرمان) بمنع زراعة الحشيش، أو استيراده  1879، 
  -1895 منع الحشيش من المحلات العامة
-أول مكتب لمكافحة المخدات  
••فى مصر والعالم 1929
بقيادة رسل باشا، حكمدار بوليس القاهرة
-أطلق  رسل باشا علي سيناء.. (البوابة الشرقية للمخدرات ) لطول سواحلها ودوربها  المتعددة وتأتي من لبنان.. 
-قال في أول تقرير.
إن زراعة الحشيش تجرى في عروق اللبنانيين، فهم قد بدءوا زراعته مبكرا وطوروه وتفوقوا  فيه، وساعدتهم الحروب الأهلية علي ذلك.
••  
-أول قائد مصري للمكتب •• اللواء سليم باشا زكي  1946.
••
وفى  سيناء.. يرى الأهالي أن الحشيش والأفيون، زراعة  حلال، ولايبلغون عن زراعتها حتي لايتعرضوا لبطش أهاليهم، ومن يبلغ عن أحد ويقبض عليه، يتحمل مصاريف أسرة السجين حتي خروجه 
تغيروا حاليا  لظهور جيل متعلمين 
فهموا خطورة الأمر 
و غيروا العرف، بخصوص الهيروين فقد تعاطاه شبابهم ومات بعضهم.. فأجازوا التبليغ .
- شيوع  ملكية أراضي جبال جنوب سيناء الصالحة لزراعة المخدرات. فيصعب تحديد صاحب الأرض
••.
-الأفيون يكسل الجسم عن أفراز الأفيون الطبيعي بالجسم لتحمل الألم.. وتتزايد احتياجات الجسم كلماأعتمد علي المخدر  من خارجه.
-تاريخ الهيروين ••تاريخ أجيال.. 
الجيل الأول مع المماليك استخدموه للخيول 
لتصبح أكثر حركة في المعارك.. وتعاطاه سياس الخيل السياس ومنهم للأمراء.. وانتهي  الجيل بموت مدمنيه.
- الثاني مع خريجينا من  الجامعات الأوروبية 
أدخلوه ، علي أنه سحلب، وانتهي بموت مدمنيه.
••
المزاج المصري يفضل الحشيش ثم الأفيون ثم الهيرويين ثم الأقراص المخدرة
••.
أهم مناطق زراعة الحشيش (إيران.. أفغانستان، باكستان بورما، تايون، لبنان، تركيا)
••.
عالم المخدرات  بلا جنسيات.. يضم المصري والإسرائيلي  التركي هكذا.
-الضبطيات لا تزيد  عن 10٪ من حجم التهريب.
-قضايا المخدرات.. (قضايا إجراءات) يفسدها خطأ في التنفيذ أو ضياع جزء من المخدرات أو ملابس المتهمين 
-يهتم رجال المكافحة بالقضاء علي المواد المخدرة.. 
أما المهتمين فرحلة طويلة مع القانون.
أهم الإجراءات:
أذن النيابة..  أمر هام .. يحدد بزمن.. و كثيرا ما يختلف توقيت القبض علي المتهمين مع توقيت الأذن فيجد المحامون منافذ للبراءة.
يمكن تمزيق الجيب الداخلي لملابس المقبوض عليه.. الذى به المخدرات.. فيضيع الحرز.. ويتبرأ المتهم.
70 فى المائة من قضايا المخدرات تفشل بسبب 
أختلاف  أسماء المتهمين أو توقيت القبض عليهم
أو ضياع  الحرز‮.. ‬أو عدم دقة محضر الشرطة
••
الجمعة 28فبراير _20 أمشير -24شعبان 
طقس شتوى دافىء -سطوع الشمس -أمواج البحر متوسطة -الحرارة حول معدلها  العظمى 17والصغرى 9
••
وأنتهت رحلتنا!!