حكايات| عمرو الحداد.. «النفخ في النار.. شغلانة اللي مبيخافش»

عمرو الحداد
عمرو الحداد

كتب حمد الترهوني 

«يفترش الأرض وسط آلة مدفونة ومطرقة وحديد مخلوط بالنار».. بوجه بشوش وابتسامة يكشف عمرو الحداد عن كواليس مهنته التي اعترف بأنها أوشكت على الاندثار.

أشياء رئيسية تلخص حياة عمرو الحداد من قرية «قصر هور» بمحافظة المنيا، كانت سببًا في رزق يومي ورثه عن الآباء والأجداد، مثلما كشف لـ«بوابة أخبار اليوم».

مهنة عمرو لا يعرف الكثيرون عنها كما وصفها، مشيرا إلى أنه يتفاخر بها ويتحدث دائمًا بأنها مهنة سيدنا داوود.

 

 

 

يبدأ عمرو عمله في السابعة صباحًا كما يكشف في حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم»، إذ يبدأ في إعداد قطع الفحم من الحجر الخام ثم تتمثل الخطوة الثانية في إشعال النيران، وعقب ذلك صب حفرة في الأرض بداخلها "ماسورة" مكونة من الحديد يتم ردمها ثم يوضع بداخلها الفحم ثم تشغيل الآلة.

يتحدث الشاب المنياوي عن صعوبات المهنة وكيف كان التقدم ولو كان بسيطًا عاملا مهمًا في إراحته قليلا، قائلا: "الماكينة تساعدنا في نفخ الهواء.. في البداية كنت بتعب في النفخ داخل قطعة كبيرة من جلد البقر، ثم أضعها بالحديدة المثبتة على الأرض ثم أنفخ مرة أرى وأخرج الهواء من الحديدة حتى يظل (الكير) مشتعلا».

لا تتوقف محاولات مهنة عمرو - ابن الأربعين - عند هذا الحد بل يصف الأمر بأنه يشكل الحديد مثل العجين في إحدى مراحل التصنيع، موضحا: «عقب الخطوات السابقة أضع الحديد في الفحم حتى يصل إلى درجة انصهار معينة، وبعدها يتم تشكيل الحديد حتى يصبح مثل العجين وأقوم بتشكيله وفق رغبتي وفي النهاية أصنع منه الطوارق ومقابض الحديد وسن المقصات ومسامير الكهرباء ومواسير السباكة ورأس الفأس للمزارعين والشواكيش للنجارين». 

ويستطرد عمرو: «شغلانتنا دي شغلانة اللي مبيخافش من لهيب النار وكمان مش بخجل من مظهري لأني بشتغل من شروق الشمس حتى مغربها وسط الفحم والنار، لكن الله بيهون وأكل العيش بالحلال طعمه حلو وليه نكهة».

 

 

ويوضح أن عمله في «نفخ الكير» وراثة عن الأجداد، قائلا: "متربي بين الحديد والفحم والنار جسمي خد عليها من وأنا عندى 8 سنوات امتهن هذا الأمر.. كنت ألازم والدي دائما في كل قرية يذهب لها حتى اعتمدت على نفسي لمساعدة أسرتي على أعباء الحياة المعيشية".

واستكمل حديثه: «طول عمرى قاعد في الشارع.. بس طريق الرزق الحلال صعب ويحتاج الصبر والحمد لله جميع البلاد بلدي والناس تقابلني بترحيب وكرم».

 

من 30 لـ40 جنيهًا

وتطرق عمرو في حديثه عن أجره، قائلا: "حسب طلب الزبون ممكن قطعة أحصل منها على 30 جنيهًا ولا تتجاوز 40 جنيهًا.. وماشية بستر الله».

كما كشف عن معاناته في هذه المهنة من الأمراض التي تصيب من يعمل بها، مشيرا إلى أن المشكلة الوحيدة التي تواجهه هي الأمراض الكثيرة التي تكون معظمها في الصدر، بسبب الرائحة التى تخرج من "فحم الكير" وتعرض العاملين فيها للإيذاء بسبب لهيب النيران.

وأكد رفضه التخلي عن هذه المهنة، موضحا: "فكرة التخلي عنها بعيدة لأنها صنعة ورثتها من أجدادي، وهي مصدر رزقي الوحيد معرفش اشتغل غيرها».