مصرية أنا

الرقم السرى !

إيمان أنور
إيمان أنور

بالامس فقط .. تنبهت ان ذاكرتى لم تعد كما كانت .. ربما بدأ العمر يترك بصمته .. او لعلها تأثيرات هذا الطقس الحاد المتقلب بين ساخن وبارد .. مع دخول فصل الشتاء وتحول الجو من البرودة الخفيفة الى قسوتها وهطول الامطار  .. دائما يصيبنى تغير ما مع بداية الشتاء .. اما مرضا او عرضا .. لا استطيع تفسيره ..

غير ان ايامى تخرج وتشذ عن نمطها الطبيعى فى هذا الوقت من العام .. وحياتنا جميعا باتت صعبة .. خاصة فى مصر العاطفية التى تؤمن بالمشاعر قبل الأرقام .. وإذااكتشفت ان على حفظ عشرات الأرقام وكلمات السر .. وان غيرى مثلى .. احسان الرقم اصبح سيد حياتنا !!.. ونحن اسرى له .. من رقم موبايلك المحمول الى رقم هاتف بيتك مرورا برقم تليفون والدك وأمك وإخوتك واقاربك واصدقائك .. ومع هذا حفنة ارقام لاناس يهمك امرهم فضلا عن مصادرك والصيدلية بجوارك والسوبر ماركت .. فتصحو بعد وقت وإذا بك لا تحفظ اى رقم !!.. وان الشريط سف !!.. ليس ذلك فقط وانما تأتيك أيضا الأرقام السرية .. رقم سرى لبطاقة حسابك البنكى .. وكلمة السر لإيميلك .. ولحسابك على الفيس بوك وتويتر وانستجرام .. شهادة ميلادك لها رقم .. ولذكرى يوم ميلادك رقم .. ولاولادك وزوجتك .. واعياد ميلاد كل فرد فى الاسرة رقم .. وعدد الاقساط لبعض مشترياتك وقيمتها وموعدها .. كل الذكريات باتت قائمة على الرقم قبل المشاعر .. تحفظ رقم سيارتك .. وتحفظ أيضا رقم راتبك الشهرى .. ومقدار علاوتك المالية .. تحفظ ديونك كلها .. وتحفظ تاريخ فك الوديعة فى البنك .. وتاريخ سحب الأرباح وقيمتها ..


كل شئ بات بكلمة سر والضغط على ارقام بعينها ليفتح ابوابه .. كل كل شئ باستثناء القيم الانسانية والتى لا يمكن فك شفرتها بارقام مثل غيرها .. فرقمهم السرى مودع فى القلب .. لا يتغير ولايتم السطو عليه ولا يمكن عبوره بالحساب !..
ما هذه الحياة التى توارت فيها المشاعر امام قسوة الأيام .. وباتت ارقاما x ارقام وكلمات سر فى حروف !!..