الفراخ.. «نافشة ريشها»

جهود حكومية للسيطرة على قطاع الدواجن والأعلاف.. والبداية بـ«عودة بورصة بنها»

جهود حكومية للسيطرة على أسعار الدواجن
جهود حكومية للسيطرة على أسعار الدواجن

«الاتحاد العام»: الإنتاج سيعود لمعدلاته الطبيعية

وزير الزراعة: لا يجب المغالاة فى الأسعار.. وحماية صغار المربين أولوية

عودة بورصة بنها بداية السيطرة.. ومطالب بتأسيس صندوق لمساعدة المتعثرين

الغرف التجارية: الصناعة «تمرض ولا تموت».. ويجب معاقبة المستغلين للأزمة

ساهمت صناعة الدواجن إحدى أهم الصناعات المصرية فى تحقيق الاكتفاء الذاتى خلال السنوات الماضية، بل إنها قبل عامين وتحديداً فى 2020 عادت من جديد للتصدير بعد أن توقفت عام 2006 بسبب إنفلونزا الطيور، كما أنه يعمل فى الصناعة ما يقرب من 3 ملايين فرد، وتصل استثماراتها إلى 100 مليار جنيه، ويصل حجم الإنتاج المصرى إلى حوالى  1٫4 مليار طائر سنوياً و14 مليار بيضة.

لكن الصناعة خلال الفترة الماضية واجهت تحديات كبيرة أهمها توافر الأعلاف واعتمادها الكامل على الاستيراد، حيث تقوم الأعلاف على محاصيل الذرة والفول الصويا التى لا تُزرع فى مصر إلا بمساحات محدودة للغاية، ما يضع الصناعة دائماً تحت رحمة الاستيراد والأسعار العالمية التى قد تتغير وفقاً لظروف لا دخل لمصر بها على الإطلاق، وهو الأمر الذى حدث مؤخراً عقب الحرب الروسية الأوكرانية والتى تسببت فى ارتفاع أسعار الأعلاف إلى مستويات غير مسبوقة وبالتالي تأثرت أسعار الدواجن فى مصر على اعتبار أن 70 % من صناعة الدواجن عبارة عن أعلاف وبالتالى فالسعر لا تتحكم فيه أى جهة إنتاجية هنا ونتعامل وفقاً للأسعار العالمية.

خلال الفترة الماضية ورغم استمرار عمليات الإفراج الجمركى عن الأعلاف والتى وصلت إلى ما يقرب من 1.7 مليون طن منذ منتصف أكتوبر وحتى الآن، إلا أن أسعار الدواجن لم تنخفض بل واصلت الارتفاع حتى وصلت فى كثير من الأماكن إلى ما يزيد على 60 جنيهاً للكيلو.
صناعة استراتيجية
أكد السيد القصير، وزير الزراعة، أن صناعة الدواجن من الصناعات المهمة الاستراتيجية فى الدولة، وتسعى الدولة للحفاظ عليها لما لها من دور مهم فى دعم الاقتصاد القومى وتوفير ملايين من فرص العمل، حيث تبلغ استثمارات هذه الصناعة حوالى 100 مليار جنيه، ويعمل بها ما يقرب من 3 ملايين أسرة، وأضاف أن الدواجن من الصناعات التى حققت فيها الدولة الاكتفاء الذاتى خلال السنوات الماضية، بل وعادت خلال عام 2020 إلى التصدير بعد أن توقف عام 2006 بسبب إنفلونزا الطيور، وأكد أن مصر تحقق الاكتفاء الذاتى من الدواجن وحجم إنتاجها حوالى 1.4 مليار طائر و13 مليار بيضة.
وأشار إلى أن 75% من صناعة الدواجن مركزة فى صغار المربين، والوزارة تعمل على حمايتهم، بالتحول من التربية المفتوحة للتربية المغلقة لدعم صغار المربين.


وأضاف أن الأزمة الأخيرة الخاصة بارتفاع أسعار الدواجن تعود إلى تأثر واردات الأعلاف بما يحدث من أزمات فى الاقتصادات العالمية، حيث إن الذرة وكُسب فول الصويا من المكونات الرئيسية فى تركيبة الأعلاف المركزة والتى تستخدم  فى تغذية الإنتاج الداجنى والحيوانى، ويتم استيراد الجزء الأكبر من الذرة وفول الصويا من الخارج ما تسبب فى ارتفاع أسعاره خاصة فى ظل تأثر حجم احتياطات الدولة من العملات الأجنبية نتيجة الأزمات الاقتصادية العالمية، مما أثر على حجم الإفراجات اللازمة لتلبية الاحتياجات، ولهذا بدأ خلال الفترة الماضية الإفراج عن كميات مناسبة من فول الصويا والذرة وإضافات الأعلاف بصفة دورية.
إجراءات متعددة
وأضاف أن صناعة الدواجن من الصناعات المهمة والمؤثرة والتى حققت اكتفاء ذاتياً وتستوعب الملايين من العمال، وتم اتخاذ عدد من الإجراءات خلال السنوات السابقة للنهوض بها، حيث تم اعتماد 20 منشأة خالية من إنفلونزا الطيور لمساعدة هذه المنشآت على تصدير الفائض منها، إصدار 9 قرارات جمهورية للتوسع فى مزارع الدواجن فى المناطق الصحراوية خارج أراضى الدلتا القديمة، عمل حصر لكل المنشآت المرتبطة بالدواجن سواء مزارع صغيرة أو كبيرة ومحال الأدوية لتنفيذ رقابة محكمة عليها، زيادة قدرة معهد بحوث الأمصال واللقاحات من 300 مليون إلى 1.5 مليار جرعة لتوفير اللقاحات، ولكن رغم كل ذلك وبسبب الأزمة الروسية وقبلها جائحة كورونا أدت إلى نقص سلاسل الإمداد ونقص فى ضخ السلع الأساسية مثل الذرة والصويا وارتفاع تكاليف الشحن والنولون ونقص الاحتياطى فى كثير من الدول من العملات الأجنبية وبالتالى حدث نقص فى الإفراجات لكن تتم متابعتها أولاً بأول كما ذكرنا من قبل وذلك بالتعاون والتنسيق مع البنك المركزى وبإشراف ومتابعة دائمة من رئيس مجلس الوزراء، كما أنه يتم حاليا التجهيز لتوفير بذور لزراعة فول الصويا تكفى لزراعة 150 ألف فدان هذا العام مع التوسع مستقبلاً فى إنتاج فول الصويا باعتباره المصدر الرئيسى للبروتين فى الأعلاف بما يسمح بزيادة المساحات لزراعته لتصل إلى أكثر من 500 ألف فدان فى الأعوام القادمة، فضلاً عن التوسع فى الزراعة التعاقدية التى من شأنها تشجيع المزارعين على التوسع فى زراعة مثل تلك المحاصيل.
عدم الاستغلال
وأكد أنه بخصوص الشكوى من عدم كفاية الكميات المفرج عنها من الأعلاف على المزارع، فالأمر هنا يتعلق بالوازع الوطنى للتجار والشركات وكل المتعاملين فى الصناعة، حيث إنه يجب التعامل بحس وطنى للحفاظ على الصناعة والمربى الصغير، وطالب أيضا الجميع بعدم النظر إلى المكسب السريع واستغلال الظروف، وقال: من أجل ذلك بدأنا فى تطبيق منظومة رقابية بالتعاون مع الجهات المختلفة للقيام بحملات تفتيشية من أجل ضبط الأسعار وهو ما حدث مؤخراً ، حيث خرجت العديد من الحملات بالتعاون بين الزراعة والتموين والداخلية وتم ضبط عدد من المصانع التى تقوم بإخفاء الأعلاف أو بيعها بأعلى من سعرها الحقيقى لتحقيق أرباح كبيرة واستغلال الأزمة الحالية وتمت إحالتها للنيابة لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

وشدد وزير الزراعة على أهمية الرقابة وضرورة المسئولية المجتمعية، فلا يجب المغالاة فى الأسعار بعد الإفراج عن الأعلاف، وقال إنه يجب عدم استغلال صغار المربين وتحميلهم أزمات أكبر، مؤكداً أن نجاح هذا الأمر هو مسئولية كل أطراف المنظومة لذلك طالبنا اتحاد منتجى الدواجن بآلية لتحقيق هامش ربح معقولة ومراقبتها على أرض الواقع.
وأكد المهندس محمود العنانى رئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن أن السبب الأساسى فى ارتفاع أسعار الدواجن خلال الفترة الماضية هو أنه خلال الفترة من 24 نوفمبر وحتى 24 ديسمبر الماضى كانت كميات بيض التفريخ الموجودة بالمزارع محدودة والكتاكيت ضعيفة بعد التراجع الكبير فى أسعار الكتاكيت وقيام بعض المزارع والمربين الصغار ببيع بيض التفريخ للاستهلاك العادي، وبالتالى كان هناك عجز فى الكميات التى تمت تربيتها خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى تراجع القوة الشرائية للمواطنين وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار فى النهاية ..  وأضاف أن ارتفاع أسعار الذرة أكثر من مرة، والأمر نفسه مع الصويا، منذ الربع الأول من العام الماضى ومع ارتفاع أسعار كافة مستلزمات الإنتاج كانت أول الأسباب، ومن هنا وبما أن الجزء الأساسى فى صناعة الدواجن هو الأعلاف والأعلاف ما هى إلا ذرة وصويا والعنصران يتم استيرادهما من الخارج ومع ارتفاع أسعارهما ومع ارتفاع أسعار الشحن العالمى أيضاً عدة مرات حدثت الزيادة فى السعر النهائى للدواجن.

وأوضح أن الفترة الماضية شهدت الإفراج عن كميات من الأعلاف الموجودة بالموانئ والتى يجب أن تستمر وبشكل متواصل لكى يستمر الإنتاج الذى من المتوقع أن تحدث به إنفراجة من منتصف فبراير المقبل مع زيادة أعداد الكتاكيت ومعدلات التربية الأكبر خلال الفترة الحالية، وأضاف أن الصناعة تحتاج أسبوعياً ما يقرب من 120 ألف طن ذرة و35 ألف طن صويا حتى تبدأ عمليات الإنتاج فى العودة إلى طبيعتها وبالتالى بداية تراجع الأسعار.

وأكد أن الاتحاد فى اجتماعه الأخير وفى استجابة لنداءات الشارع المصرى بتوفير منتجات الدواجن بتكلفة اقتصادية، فقد أبدى المنتجون استجابة فورية وأكدوا أنه يجب توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار عادلة من خلال تدخل الدولة بآلياتها فى توفير خامات الأعلاف وفقا لأسعار البنك المركزي، الإفراج عن كميات كافية من الخامات لبث الطمأنينة لدى المنتجين لدخول دورات جديدة، التوزيع العادل للإفراجات على كل الشركات المنتجة وخاصة المنتجة للأعلاف، ومراقبة الإفراجات ذات الكميات الكبيرة والتأكد من عدم تربح هذه الشركات بشكل مبالغ فيه.


العودة للتصدير
وأوضح أن الربط بين العودة للتصدير خلال الفترة الماضية وبين ارتفاع أسعار الدواجن أمر مغلوط، فالتصدير يتم وقت انخفاض الأسعار، حيث يكون الحل للتغلب على هذه الخسائر هو التصدير، وأشار إلى أن التصدير لم يكن بالكميات التى يتخيلها البعض، فهناك دول تنافس بقوة فى سوق الدواجن العالمى بسبب حصول رجال الأعمال والشركات فيها على دعم كبير من الحكومات، لذلك نحن نطالب بالدخول فى برنامج المساندة التصديرية حتى نواجه أسعار الشحن والسيطرة على التكلفة.

وقال إن الاتحاد يبيع الدواجن والبيض من المزارع مباشرة وبالتالي كان الاتفاق الأخير بين الاتحاد ووزارتي الزراعة والتموين على طرح الدواجن والبيض بأسعار مخفضة فى المنافذ التابعة لهم، بدلا من تعدد الحلقات الوسيطة بين المزارع والمستهلك والتى تتسبب فى ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، والأمر لا ينطبق على القاهرة فقط بل امتد ليشمل عدداً من المحافظات أيضا من بينها الجيزة والإسكندرية والشرقية وبنى سويف والبحيرة، وأكد أنه حال نزول أسعار مستلزمات الإنتاج سيقوم المزارع بخفض الأسعار أيضا.


سوق الأعلاف
من جانبه أوضح د. عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية، أن الحل للأزمة الحالية التى يمر بها قطاع الدواجن هو إحكام الرقابة على سوق الأعلاف وبمنتهى الشدة والحزم، والتأكد من البيع للمزارع بالسعر العادل، وقال: من وجهة نظرى السعر العادل للذرة يجب ألا يتجاوز 9.5 ألف جنيه وليس 14.5 كما هو الآن، والسعر العادل للصويا يجب ألا يتجاوز 19 ألف جنيه وليس 29 ألفاً كما يحدث الآن، وقال: «طالما المستوردين بياخدوا من الدولة لازم يلتزموا بآلياتها».

وأكد أنه يجب العمل بكل الطرق من أجل إعادة صناعة الدواجن إلى الطريق الصحيح قبل قدوم شهر رمضان والذى يزداد فيه معدل الاستهلاك بشكل كبير وبنسبة تتراوح بين 20 و30 %، وأكد أن صناعة الدواجن تمرض ولا تموت وبالتالى يجب أن تتدخل الدولة وتحكم قبضتها على سوق الأعلاف وأن تصادر الكميات التى يقوم أصحابها باستغلال الأزمات وبيعها بأسعار مغال فيها، حيث إن البيع بالسعر العادل من شأنه أن يعيد كل الذين خرجوا من المنظومة مرة أخرى إلى العمل والإنتاج.
بورصة الدواجن

وأضاف أنه بعد انتهاء تلك الأزمة يجب أن تعود بورصة الدواجن لممارسة دورها فى ضبط السوق، حيث كانت تتولى تحديد السعر المناسب لكيلو الدواجن، وبالتالى كان تواجد الوسطاء والسماسرة فى سوق الدواجن أقل من الوقت الحالي، وأكد أنه إذا كانت هناك رغبة حقيقية فى الحفاظ على صناعة الدواجن يجب إعادة العمل ببورصة بنها من خلال تعيين مجلس إدارة من مجموعة من الخبراء وظيفتهم رصد التكلفة الفعلية سواء للكتكوت أو العمالة أو سعر الأعلاف والنافق ثم تحديد سعر الكيلو بشكل يومي، على أن تلتزم بهذا السعر مختلف المحافظات حتى لا يكون هناك أكثر من ثمن فى السوق.


ودعا إلى ضرورة تأسيس بورصات فرعية فى المحافظات أيضاً لإحكام الرقابة على سوق الدواجن ومنع أى تلاعب به حماية للصناعة التى يتجاوز عدد العاملين بها 3 ملايين مواطن، وللحفاظ على الاستثمارات الخاصة بها وضخ مزيد من الاستثمارات إليها.
وأضاف أن أى بورصة تحتاج إلى آليات جديدة وإدارة محترفة تعرف المطلوب وتسعى إلى تنفيذه، حيث إن كل بورصة يجب أن يديرها مجلس إدارة من الشخصيات العامة وأهل الخبرة، فالدواجن مثلاً يجب أن يضم مجلس الإدارة كافة الفئات العاملة فى القطاع مثل غرفة القاهرة واتحاد الصناعات واتحاد منتجى الدواجن وأصحاب المزارع وممثلين عن المربين والمجازر وأن يكون كل ذلك تحت إشراف وزارة الزراعة، على أن يتم تحديد نسبة معينة بالاتفاق بين الجميع توضع كرسوم فى صندوق خاص بالبورصة يكون مسئولاً عن تطوير الصناعة ومساعدة المتعثرين.
عناصر أساسية

من جانبه قال المهندس محمد كشاف، مدير أكبر مصانع مصر والشرق الأوسط لإنتاج أعلاف الدواجن والأسماك على حد سواء والذى يقع فى مدينة السادات، إن هناك عنصرين أساسيين يؤثران فى تكلفة العلف وهما الذرة والصويا، فنحن نستوردهما بكميات كبيرة للغاية يمكن أن تصل إلى 100 %، وما تتم زراعته محلياً مساحات غير مؤثرة على الإطلاق، وقال إن أسعار الأعلاف فى عامى 2020 و2021 شهدت زيادة أكبر، وما حدث مؤخراً هو زيادة جديدة على القديمة وبالتالى التأثير يظهر بصورة أكبر، وأضاف أنه خلال 2020 زاد العلف من 1.5 جنيه إلى جنيهين فى الكيلو، أى بين 1500 و2000 جنيه فى الطن، وفى العام التالى كانت الزيادة 1000 جنيه فى الطن، ومازال الأمر غير ثابت لأنه يرتبط بالبورصة العالمية الخاصة بهذه الخامات.

وأوضح أنه من ضمن الأمور التى أثرت على البورصة العالمية جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، والركود فى إنتاج الذرة والصويا، وزيادة أسعار الشحن عدة مرات، وهو ما أثر على كل المستورد، لكن الحديث الأكثر على الدواجن طبيعى لأن 70 % من تكلفة الدواجن علف والـ 30 % كتاكيت وأدوية ومصاريف المزرعة بشكل عام.

وأضاف أن الحل لمشاكل صناعة الأعلاف لن يكون بين «يوم وليلة» بل سيكون من خلال خطط على المدى الطويل من خلال زراعة الكميات التى نحتاجها من مستلزمات الإنتاج خاصة الصويا والذرة، وهذا يمكن أن يكون من خلال استراتيجية على مدار 15 عاماً أى طويلة المدى، فالحل الجذرى هو التوسع فى الزراعة قبل أى شىء آخر.

وأشار إلى أن هناك عدة عوامل تؤثر على عملية التربية والإنتاج وليس العلف فقط، ومن بين تلك العوامل جودة المزرعة ونظام التدفئة بها والتهوية وكذلك نظام التغذية والتحصين والأدوية، وهذه العوامل لو أنها ليست فى أفضل حال لن تحقق المطلوب حتى لو تم استخدام أفضل أنواع الأعلاف.