إنها مصر

مجمع المحاكم بالجلاء !

كرم جبر
كرم جبر

كل يوم أمر فى طريقى على مجمع المحاكم فى شارع الجلاء الملاصق لمؤسسة الأهرام، الذى التهمته النيران فى أحداث 25 يناير، فصار بيتاً للأشباح، بعد أن أتت الحرائق على كل محتوياته.


يذكرنى بالأيام الأولى للعمل فى الصحافة، حيث كنت أذهب للمجمع ليلاً لتغطية الحوادث فى النيابات المختلفة، وكان نموذجاً للمبانى الحكومية التى لا تهدأ فيها الحركة ليل نهار.


المبنى الآن محاط بالستائر القماشية الطويلة التى تحجب أعمال إعادة تأهيله وإصلاح ما أتت عليه النيران، ولا أعرف التكلفة الحقيقية للإصلاحات، وأن كنت أتوقع أن تتجاوز مئات الملايين من الجنيهات.
المؤكد أن معظم الذين أحرقوه أفلتوا من العقاب، ولا يدفعون مليماً واحداً فى الإصلاح، مثل آلاف الخسائر التى حدثت، وتتجاوز 400 مليار دولار، كان يمكن أن تجعل مصر من الدول المنتعشة اقتصادياً.
من الذى يتحمل فاتورة الخسائر؟
يدفعها الاقتصاد المصري، ويتحملها المواطن الذى كان ينتظر مزيدا من التحسن المعيشي، حتى جاء الإخوان فكادوا أن يدمروا البقية الباقية من ثروات البلاد، لولا العناية الإلهية التى أنقذت مصر من مصير الدول المنهارة فى المنطقة.
وماذا كان يحدث لو لم تقم ثورة 30 يونيو واستمر الإخوان فى حكم البلاد؟
نغمض عينينا ونتصور السيناريو المأساوي:
المرشد وعصابته يحكمون سيطرتهم على البلاد، التى ستصبح امتداداً طبيعياً للتعذيب على أسوار الاتحادية، حيث يساق الناس إلى الجلادين، دون محاكم أو عدالة.
"سحرة فرعون" كما كان يسميهم "بديع" ويقصد "الإعلاميين"، إما مشردين أو يمكثون فى المعتقلات، ويحل محلهم أصحاب الجلاليب واللحى الطويلة والألسنة المتسخة والكراهية والعنف والسحل، وتحويل مدينة الإنتاج الإعلامى وماسبيرو إلى فروع لمكتب الإرشاد فى المقطم.


القضاء والشرطة والوزارات والمصالح الحكومية وكل الأماكن الأخرى، تتحول إلى غنائم حرب لأعضاء الجماعة الإرهابية، يحتلون مقاعدها ويحكمون فيها بقوانينهم وشرعيتهم، وبدأوا بالفعل فى عام حكمهم الكئيب ينشرون أعضاءهم فى مختلف المواقع الحكومية.
و..و..
الخلاصة: أن مصر "كانت لن تكون" مصر.. لا الشوارع ولا البيوت ولا المقاهى ولا وسائل المواصلات ولا المدارس ولا الجامعات ولا الفنون ولا السينما ولا المسرح ولا حتى المساجد ولا الكنائس.. ولا أى شيء.
كانت مصر ستصبح مثل مجمع المحاكم بشارع الجلاء، مبنى كان عظيماً وأتت عليه النيران فحولته إلى أنقاض وبيت للأشباح.
عناية الله فوق الأيدى التى تحرق والعقول التى تحرض والمؤامرات التى تدبر فى العلن والخفاء.. عادت مصر إلى المصريين، وسيعود مجمع الجلاء إلى العدالة.