كنوز| «الأخبار» تضىء الشمعة الـ 94 للساخر الأعظم مبتكر «2/1» كلمة

الساخر الأعظم أحمد رجب
الساخر الأعظم أحمد رجب

استقبلت الإسكندرية ولادة الساخر الأعظم أحمد رجب يوم 20 نوفمبر 1928، ويشرفنا أن نضيء له فى ذكرى ميلاده 94 شمعة نحتفى بها بضحكة مصر التى كان يرسمها على شفاهنا فى زاويته «نص كلمة»، ونؤكد أن نجم «الأخبار» الأول ما زال يسكن فينا حتى ولو غاب عنا بالجسد، فكتاباته ومؤلفاته وإبداعاته السينمائية ما زالت حية ولن تندثر أو تموت. 

يقول الكاتب الكبير مصطفى أمين فى مقدمة كتاب «2/1 كلمة» أن «على أمين هو من درب أحمد رجب على الإيجاز والتكثيف، عندما كان يعطيه مقالا من أربع صفحات ويطلب منه أن يلخصه فى 10 سطور فقط دون الإخلال بالمضمون»، بالتالى فأفضل ما نقدمه لقراء «كنوز» فى ذكرى ميلاد أحمد رجب بعض كتاباته التى تتسق مع اقترابنا من نهاية العام، على اعتبار أن الفضائيات والصحف سوف تزدحم فى الأيام القادمة بالمنجمين والمدعين الذين يقدمون قراءات لمواليد الأبراج الفلكية بشأن الحب والصحة والمرض والمال والفلوس، والعمل والسفر والبيع والشراء والحظ والنكد، وبهذه المناسبة نستدعى المقال الذى نشره أحمد رجب فى «آخر ساعة» بتاريخ 26 مارس 1969 بعنوان «أنت والقمر وبختك» الذى يقول فيه: 

يستحسن أن أقول فى البداية إننى لا أفهم شيئا فى علم الفلك وكل معلوماتى عنه تنحصر فى أن بالقاهرة شارعا اسمه شارع الفلكى، لا أفهم شيئا فى النجوم والتنجيم وقراءة الطالع غير أن هذا لا يمنع من الاعتراف بأننى اشتغلت منجما عندما كنت أحرر باب «بختك هذا الأسبوع» !

فى كتابة باب البخت لم أكن اشتغل بالتنجيم بقدر ما كنت أحاول بث التفاؤل فى نفوس القراء، فما الذى يمنعنى من أن أقول لمواليد العقرب مفاجأة سارة فى انتظارك، وأن أقول لمواليد «الحوت» سعادة فى محيط الأسرة، وأن أبشر مواليد «الميزان» بفلوس زى الرز!

صحيح أن المفاجأة السارة لواحد من مواليد برج «العقرب» قد تكون إيقافه عن العمل وإحالته إلى النيابة الإدارية، وبالنسبة لواحد حوتى قد تكون السعادة فى محيط الأسرة هى خنافة لرب السما تنتهى بالعبارة المأثورة «والله مانا قاعدة لك فى البيت» !

وفى الوقت الذى أبشر فيه واحد ميزانى بفلوس زى الرز قد يكون هذا الميزانى دايخ على جنيه سلف لأول الشهر، كل هذا صحيح، لكنه لا يمنع من أن أعطى القارئ الأمل وأملأ صدره بالتفاؤل، أليس هذا أفضل من أن أقول لقارئ «مصيبة محترمة فى انتظارك أو ضائقة مالية تنتهى بفضيحتك والحجز على هدومك» ؟ !

بل إننى كنت بهذا البخت أحاول أن أعالج صديقا يتوهم أنه مصاب بالقلب رغم تأكيدات الأطباء بسلامة قلبه فكان يسعد ويتفاءل بما اكتبه له عن تمتعه بكامل الصحة والعافية، وانتهى به الأمر إلى الانبهار بذلك الفلكى الهندى العظيم «بنادورا» الذى يكتب البخت كما أفهمته مع أن «بنادورا» هو اسم الطماطم فى سوريا ولبنان، على عكس ذلك فعل أنيس منصور، أو خبيث منصور، إذ أزعج طائفة من القراء لا ذنب لهم إلا أنهم من مواليد نفس البرج الذى أنتمى إليه فقد قمت بإجازة ليتولى هو تحرير البخت فإذا به - كل أسبوع - يتنبأ لى بمصائب ستقع فوق دماغى وهى مصائب أهون منها كثيرا المصائب التى يضعها المخرج «خميس فجلة» على دماغ بطل الفيلم الذى يصاب بالطرش والخرس والعمى والكساح والشلل !

وكان أنيس منصور يختتم قائمة المصائب بعبارة: التعساء هم مواليد 20 نوفمبر، وفى أسبوع آخر المعذبون هم مواليد 20 نوفمبر، وفى أسبوع ثالث: الأموات هم مواليد 20 نوفمبر! 

أما لماذا كان يكتب أنيس منصور هذه الأمانى الطيبة لى فلأننى كنت فى إجازة لأتزوج ولم أحاول بعد ذلك أن أنتقم منه فقد تزوج أنيس منصوربعدى على طول وإن الله لمنتقم جبار!

ويتناول الساخر الكبير أحمد رجب فى المقال حكاية زميل الدراسة «عدنان» الذى التقاه بعد سنوات، وسأله عن وجهته فقال أحمد رجب إنه ذاهب للحلاق، فرجاه ألا يذهب لأن القمر فى برج الحوت، ظل شعر أحمد رجب ينمو حتى زحف إلى عموده الفقرى وخشى أن يستمر كتكعيبة العنب، بينما عدنان مصمم على منع أحمد رجب من الحلاقة إلا إذا دخل القمر فى برج الحوت، ولم يكن ممكنا أن ينتظر «رجب» أكثر من ذلك فعصى أوامر عدنان الفلكية، وما إن انتهى الحلاق من مهمته حتى شعر بصداع رهيب لم تفلح معه كل المسكنات !!

ويقول أحمد رجب: «ربما تكون مصادفة لا علاقة لها ببرج الحوت غير أن الصداع المستمر حملنى على أن أنظر إلى كلام عدنان نظرة جديدة وأصبح مستشارى الفلكى، أصبح التليفون يدق لأسمع عدنان يقول «عطارد يقترن بزحل»، فقلت له «ألف مبروك عقبال البكارى»، قال «بكارى إيه.. هذه فرصة لتفكر فى أى مشكلة معقدة لا تجد لها حلا.. فكر حالا».

عدنان لا يقتنع أننى مشغول فى العمل ولا أستطيع التفكير فى مشاكل خاصة مستعصية، فيعلن غضبه لأننى أفوت فرصة ذهبية، ويدق التليفون فى يوم آخر ليقول «غدا القمر بربع المشترى والزهرة ثلث المشترى» وأجيبه «مش فاهم.. اتكلم عربى»، فيقول «هذا الوضع الفلكى مناسب جدا للغزل»، وأقول مستفسرا «غزل مين؟»، فيجيبنى «أى واحدة عايزها تحبك»!

ويغضب عدنان لأننى اضحك لكلامه، وأعده بانتهاز كل فرصة فلكية يشير بها حتى اتجنب صياحه المجنون: «تقرب من الحسناوات»، حاضر..، «لا تخرج من البيت غدا»، حاضر.. «عطارد مقارن للمريخ اياك تكذب وإلا وقعت فى بلوى»، حاضر.. !

ثم جاء وصمم على أن أحفر بير فورا لأن القمر فى برج الجوزاء ومنزلته «بدران» وحفر البير فيه خير كثير! وأسأله «بير ايه يا عدنان.. واحفره فين؟»، فيقول «خلف البيت.. اسمع كلامى»، وجاء مرة أخرى مصمما أن أبيع أى شىء من البيت لأن عطارد يسدس المشترى وأى بيعة فيها مكسب ضخم، جاء اليوم الذى تخليت فيه عن كل اهتماماتى بزحل وعطارد والمريخ، فقد دخل عدنان يبكى وفزعت نحوه استطلع الأمر فتبين أنه يبكى بمناسبة ذكرى وفاة قمبيز بن قورش ملك بلاد الفرس قبل الميلاد! 

واتضح لى أن النوبة عادت إليه ليعود مرة أخرى إلى مستشفى الأمراض العقلية!>>>

كل سنة وأنت طيب يا عبقرى الكلمة الساحرة الساخرة وأنت فى جنة الخلد بإذن الله. 


«كنوز»

إقرأ أيضاً |كنوز| حليم وثومة وفيروز وموسيقار الأجيال فى مرآة نزار قبانى