عاجل

كنوز| أمير الصحافة يروي طرائف وغرائب بلدية استانبول

محمد التابعى - غلاف الكتاب
محمد التابعى - غلاف الكتاب

محمد التابعى

لأمير الصحافة الكاتب الكبير محمد التابعي عين لاقطة كان ينقل بها ما يرصده في رحلاته التي كان يقوم بها في أغلب دول العالم، وقد سجل هذه الحكايات في كتاب بعنوان «حكايات من الشرق والغرب»، ننقل لقراء «كنوز» واحدة منها رصدها في استانبول بتركيا والتي يقول فيها: 

بين النظم التي أدخلتها تركيا الحديثة نظام لا أظن أن له شبيها في أي بلد آخر، وذلك أن المجالس البلدية هي التي تتولى - بالنيابة عن أهل الفقيد - كلفة العمليات ابتداء من الغسل، والكفن، وتشييع الجنازة، إلى أن يوسد الفقيد التراب، ومن يدرى فقد يأتي يوم تتولى فيه البلدية أيضا الرد على أسئلة الملكين بالنيابة عن الفقيد!

وهذا النظام على ثلاث درجات: أولى، وثانية، وثالثة، تبعا لمقام المتوفى والمبلغ الذى يريد أهله أن ينفقوه؟!

مثال على ذلك: 

يلفظ مرحوم ما نفسه الأخير، وبعد أن ترقع الزوجة «هانم أفندي» صوتا أو صوتين - بالتركي طبعا - تمسك بالتليفون تطلب موظف البلدية المختص وتبلغ أن «كوجان فينفات أتيدى» بمعنى أن زوجها توفى، وكلمة «فينفات» تعنى وفاة.

ويستغفر الموظف أفندم الله ولكنه لا يقرأ الفاتحة على روح المرحوم إلا إذا طلبت منه ذلك الزوجة «هانم أفندى»، لأن كل شيء بالثمن، وبلدية استانبول مشهورة بدقة أقلام حساباتها! 

وبعد أن يستفهم الموظف المختص عن مقاس المرحوم وحجمه لإعداد النعش المناسب، وعنوان المنزل، وساعة الدفن، وهل للأسرة مقبرة خاصة أو لا ؟ فإذا لم يكن فإن البلدية تورد القبر المطلوب! كما أنها تورد العدد الكافى من المشيعين إذا لم يكن للفقيد أصدقاء! أو كان غريبا عن استانبول!

وبعدها يسأل الموظف «هانم أفندى»: 

- «برنجى ميفكى»، بمعنى «هل الدفن سيكون درجة أولى؟».

وترد الزوجة «هانم أفندى»، ويتوقف الرد على مقدار ما كان بينها وبين الزوج الفقيد من حسن العلاقات!

ونظام الدرجة الأولى يتناول نوع الكفن، من التيل أو الحرير، والسيارة التي تحمل نعش الفقيد، هل هي كبيرة أو صغيرة ؟ ماركة «فورد» أو مثلا «كاديلاك»؟ وطول سورة القرآن التي تتلى على الفقيد في المسجد وأمام القبر؟.. الخ.

ومنذ أيام شاهدت جنازة تدخل الجامع الوحيد فى شارع الاستقلال «استقلال جاديثنى» في حي «بيرا»، و كان النعش محمولا على عربة «تاكسى» مش ولابد، ويسير وراءها نصف دستة من المشيعين، وقفت وتلوت الفاتحة على روح المرحوم المدفون «ترسو».

اقرأ أيضاً| رسالة «أباظة» لـ«أمير الصحافة».. عندما يكون العتاب بين «رفاق العمر»