مجرد سبعة !!

هيثم مصطفى
هيثم مصطفى

في‭ ‬العام‭ ‬1954‭ ‬يخرج‭ ‬لنا‭ ‬المخرج‭ ‬الياباني‭ ‬الخالد‭ ‬أكيرا‭ ‬كيروساوا‭ ‬بتحفته‭ ‬العبقرية‭ ‬Seven Samurai،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬أهم‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬سينما‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬والتي‭ ‬تستخدم‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬بل‭ ‬ونراها‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الأبطال‭ ‬الخارقين‭ ‬مثل‭ ‬Avengers‭ ‬و‭ ‬Justice League،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬من‭ ‬قدموا‭ ‬فكرة‭ ‬الفريق‭ ‬الواحد‭ ‬في‭ ‬السينما‭.‬

ففي‭ ‬فيلمه‭ ‬السامورامي‭ ‬السبعة‭ ‬يصحبنا‭ ‬معه‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬القديم‭ ‬لليابان‭ ‬حيث‭ ‬عصر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬صراع‭ ‬الأباطرة‭ ‬والمسمى‭ ‬shogunate wars،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة،‭ ‬قد‭ ‬تحولت‭ ‬لكابوس‭ ‬مقيم‭ ‬على‭ ‬الفلاحين‭ ‬البسطاء،‭ ‬الذين‭ ‬عانوا‭ ‬ويلات‭ ‬الحروب‭ ‬الطاحنة،‭ ‬وبقوا‭ ‬في‭ ‬فقرٍ‭ ‬مضجع،‭ ‬خصوصًا‭ ‬وأن‭ ‬غالبية‭ ‬المحاربين‭ ‬قد‭ ‬فقدوا‭ ‬وظائفهم‭ ‬ورواتبهم،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬انتشار‭ ‬السلم‭ ‬وتوقف‭ ‬الحرب،‭ ‬فانقسم‭ ‬المحاربين،‭ ‬إما‭ ‬مجرمين‭ ‬وقطاع‭ ‬طرق،‭ ‬أو‭ ‬مجرد‭ ‬مقاتلين‭ ‬مأجورين‭ ‬لمن‭ ‬يدفع‭ ‬سعرًا‭ ‬أعلى‭!!.‬

فنرى‭ ‬أهالي‭ ‬إحدى‭ ‬القرى‭ ‬النائية‭ ‬قد‭ ‬عانت‭ ‬وبشدة‭ ‬من‭ ‬غارات‭ ‬قطاع‭ ‬الطرق،‭ ‬فقرر‭ ‬الأهالي‭ ‬إرسال‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بتأجير‭ ‬من‭ ‬يساعدهم‭ ‬ضد‭ ‬عدوان‭ ‬العصابات،‭ ‬وبالفعل‭ ‬يتم‭ ‬تجميع‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬يبلغ‭ ‬7‭ ‬من‭ ‬الساموراي‭ ‬الذين‭ ‬يتولون‭ ‬مسؤلية‭ ‬حماية‭ ‬القرية‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭!!.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المحكية‭ ‬قد‭ ‬تعرضت‭ ‬لأوجه‭ ‬عديدة‭ ‬وقصص‭ ‬متفردة‭ ‬تخص‭ ‬كل‭ ‬شخصية،‭ ‬فالزعيم‭ ‬امتاز‭ ‬بقيادته‭ ‬وهدوئه‭ ‬وحكمته،‭ ‬ومن‭ ‬الأعضاء‭ ‬نرى‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬ثابر‭ ‬وضحى‭ ‬بنفسه‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬المجد،‭ ‬وآخر‭ ‬قدم‭ ‬الحنكة‭ ‬والحيلة،‭ ‬وآخر‭ ‬قدم‭ ‬الشباب‭ ‬وحيويته،‭ ‬وآخر‭ ‬قد‭ ‬القوة‭ ‬المفرطة،‭ ‬وهكذا‭ ‬داخل‭ ‬فريق‭ ‬متناغم‭ ‬يعلم‭ ‬كل‭ ‬فردٍ‭ ‬منهم‭ ‬دوره،‭ ‬ليصبح‭ ‬ذلك‭ ‬الفيلم‭ ‬هو‭ ‬تجربة‭ ‬حية‭ ‬على‭ ‬معنى‭ ‬فرق‭ ‬العمل،‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تعرض‭ ‬للفرق‭ ‬بين‭ ‬حياة‭ ‬المغامرة‭ ‬والمخاطر،‭ ‬وحياة‭ ‬الدعة‭ ‬والسكون‭ ‬ليعطينا‭ ‬رسالة‭ ‬أن‭ ‬الفطرة‭ ‬الأصلية‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬الإستقرار‭ ‬والبناء‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ‬والقتال‭!!.‬

وبسبب‭ ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬تم‭ ‬اقتباس‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬لأكتر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ثقافة،‭ ‬ففي‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية‭ ‬فيلم‭ ‬The Magnificent Severn‭ ‬ليول‭ ‬براينر‭ ‬وستيف‭ ‬ماكوين‭ ‬قد‭ ‬عرضت‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬الغرب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فتم‭ ‬تقديم‭ ‬رؤية‭ ‬مغايرة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬المكسيكية،‭ ‬وانقلاب‭ ‬حال‭ ‬مقاتلين‭ ‬الغرب،‭ ‬فصاروا‭ ‬مجرد‭ ‬مقاتلين‭ ‬للإيجار،‭ ‬أو‭ ‬قطاع‭ ‬طرق،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬مبلغ‭ ‬تافه،‭ ‬ذهب‭ ‬السبعة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬القرية،‭ ‬فقط‭..‬لإنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬خسارته‭!!‬

وفي‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬تم‭ ‬أخذ‭ ‬نفس‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬شمس‭ ‬الزناتي‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬ومحمود‭ ‬حميدة‭ ‬ولفيف‭ ‬من‭ ‬النجوم،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬فارق‭ ‬أن‭ ‬الفكرة‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تمصيرها‭ ‬لتتحدث‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري،‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الإحتلال‭ ‬البريطاني،‭ ‬وعن‭ ‬دفاع‭ ‬السبعة‭ ‬عن‭ ‬واحة‭ ‬بدوية‭ ‬ضد‭ ‬هجوم‭ ‬قطاع‭ ‬الطرق‭ ‬أتباع‭ ‬المارشال‭ ‬برعي،‭ ‬وكيف‭ ‬أنهم‭ ‬قدموا‭ ‬أرواحهم‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬نقاء‭ ‬وطهارة‭ ‬وبكرية‭ ‬الواحة‭ ‬التي‭ ‬غسلت‭ ‬خطاياهم‭!!..‬ليصير‭ ‬مصير‭ ‬كل‭ ‬قرية‭ ‬أو‭ ‬مزرعة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬واحة‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬الأبطال‭ ‬السبعة‭ ‬الذين‭ ‬قدموا‭ ‬أرواحهم‭!!‬

فالمهم‭ ‬أن‭ ‬ينتصح‭ ‬الحق‭ ‬وتبقى‭ ‬الفطرة‭ ‬والبراءة‭ !!.‬

[email protected]