أحمد الجمَّال يكتب: عامل النظافة وحرامي الهايبر

أحمد الجمَّال
أحمد الجمَّال

دخل رجلٌ فقير إلى فرع من فروع الهايبر ماركت البريطاني (Tesco) في ماليزيا وجمع بعض السلع وأراد أن يخرج بها دون سداد ثمنها، لكن مدير الفرع وكان اسمه محمد رضوان، كان يتابعه عبر كاميرات المراقبة، وحين واجهه اعترف بالسرقة، مبررًا ذلك بأنه ترك عمله منذ فترة لرعاية أبنائه الثلاثة الصغار وزوجته التي وضعت مولودًا جديدًا مؤخرًا قبل أن تتدهور حالتها الصحية بشدة.

أرسل مدير الفرع موظفًا من الهايبر إلى عنوان منزل الرجل للتأكد من روايته، وتبيّن صدقُه، وهنا منحه السلع التي كان قد اختلسها ومعها كمية من المواد الغذائية، بل وتكفلت الشركة المالكة للهايبر بسداد مصروفات أطفاله المدرسية ومعالجة زوجته المريضة.

القصة أحدثت أصداء واسعة فى ماليزيا، وجرى تناولها بشكل واسع فى القنوات الفضائية وعلى السوشيال ميديا، واشتُهر محمد رضوان فى ماليزيا وبريطانيا، وأشاد الجميع بتصرفه مع هذا الرجل المسكين.

ماذا لو كان مدير الفرع سلم هذا الرجل للشرطة؟ هل كنا سمعنا عن محمد رضوان؟ وهل كان سيحظى بكل هذا الثناء على حُسن تصرفه؟
أسوق هذه القصة إليكم، فى ضوء ما حدث قبل أيام مع عامل نظافة فى أحد محلات الكشرى بالقاهرة، حين جرى طرده حتى لا يجلس ويتناول وجبته داخل المطعم، ورغم تعاطف الجميع معه بعد نشر فيديو للواقعة، فقد تحوّل الأمر لشيء عبثى بعد الانتشار الممجوج لعامل النظافة على عدد هائل من المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، وكأنه أصبح مادة إلزامية يجب متابعة جديدها لحظة بلحظة، خصوصًا بعد استغلاله الواقعة أسوأ استغلال، فقد اتجه للغناء ووقع عقدًا لتقديم برنامج تلفزيونى، وظهر بمواقع تصوير أعمال سينمائية!!
باختصار، هذا هو الفارق بين حُسن التصرف وسوء التصرف.