بقلم د. علاء الجرايحي: حكاية وطن .. في حِمى الله والشعب

د. علاء الجرايحي
د. علاء الجرايحي

بلادى بلادى لكِ حُبى وفؤادى، مصر يا أم البلاد  أنت غايتى والمُراد وعلى كل العباد، كم لنيلك مـن أيادى، مصر أنتِ أغلى دُرَّة، فوق جبين الدهـرِ غُرَّة، يا بلادى عيشى حُرَّة، واسلمى رغم الأعادى.. وأزيدك على هذا النشيد الوطنى شطرين بأحشائى "شربنا من نيلك حتى ارتوينا، وأكلنا من أرضك حتى شببنا.. نُقدِّم الدماءَ فى سبيلك مهرًا، ونُسلم الأرواح ونحن فداءُ"، هذا ما يُمكننى تذكير بنى وطنى به دائمًا عندما يكون المستهدف "وطن"، لأنه كما يُقال فى ساعة الغضب يعمى البصر، وتغيب البصيرة.

لقد سرى فى دمائنا حُب مصر منذ قديم الأزل، فوهبنا هذا الحُب قوة الحفاظ عليها، ونعمة الولاء والانتماء لها، وشرف الدفاع عن عرينها  من كل ماكرٍ مُدلِّس، حتى أصبحت أفواهنا رطبةً بذكر اسمها فى كل محفلٍ، عطرةً بترديدها فى كل وقتٍ، بل إن التباهى بمقدساتها وتراثها وتاريخها الممتد لآلاف السنين، كاد يكون هوسًا مصريًا فى نظر العالم، للدرجة التى جعلنا فيها السياح الأجانب يتراقصون على أغانيها الوطنية فى شرم الشيخ، بصورةٍ أبهرت المصريين أنفسهم قبل المتابعين والمراقبين.

ومن نِعم الله على وطنى، أن حباها بقيادةٍ حَكيمة مُخلصة، مُحبَّة للتراب الوطنى عاشقةً له، تعمل بجدٍّ واجتهادٍ، وتبذل أقصى طاقتها للنهوض به، لتضعه فى المكان الذى يستحقّه بين دول العالم، بعد أن منحها الشعب المصرى ثقته، إيمانًا منه بأن مَنْ تصدى لعرش مصر، واحدًا من أبنائها الأوفياء، الذين حملوا أرواحهم على أكفهم لإنقاذها من مصيرٍ مجهولٍ كان يُحاك لها فى الغرف المُغلقة بليلٍ، فكان خير مَن حَمل الأمانة، إذ جعل وطننا فخرًا للجميع أمام العالم أجمع، وأعاد لمصر لمكانتها الإقليمية والعالمية، وهذا ما رأيناه وشاهدناه فى مؤتمر المناخ بمدينة السلام شرم الشيخ، من توافد قادة وزعماء دول ورؤساء حكوماتها وممثليها ومندوبيها إليها، فىٍ عُرس عالمى تاريخى، لحماية البشرية من آثار المناخ المُدمرة.. قيادة جعلت مصر حاضرةً فاعلةً فى كل المحافل الدولية، حتى يعلم الجميع قيمة مصر والمصريين معًا.

إن ما حدث فى مصر وما تشهده فى الآونة الأخيرة من مشروعات تنموية وقومية وبنية تحتية أذهل العالم أجمع، محليًا وإقليميًا وعالميًا، دولًا وحكومات ومسئولين، أفرادًا  ومؤسسات، المُحب منهم والكاره، فسارعوا إليها، منهم مَنْ أراد أن يكون فى وفاقٍ مع دولتنا العريقة؛ لِما رآه من مستقبلٍ واعدٍ مُشرقٍ لهذا البلد، وقدَّم حزمة من الاستثمارات والشراكات طويلة المدى؛ لإيمانه بأن مصر ستتقدم بشكلٍ أسرع مما يتوقع البعض، وعجلة دوران فى التطوير كقطار بلا فرملة لا يُريد أن يتوقّف عند محطة، ومنهم مَنْ نهم فى التجربة، ويسعى لنقلها لبلاده، بعد التعرُّف على محاورها وخطوات تنفيذها، بمساعدة مصر، لذا أراد التقرُّب ونيل الرضا.

ما قامت به القيادة السياسية من مبادرات قومية ووطنية كحياة كريمة، و100 مليون صحة، وتكافل وكرامة، ومشروعات تنموية شملت المرأة الريفية، والقضاء على قوائم الانتظار للتدخلات الجراحية، وسجون بلا غارمين وغارمات، وغيرها الكثير، حتى تعدّت المبادرات حدود الوطن، من علاج مليون أفريقى من فيروس سى، وإعمار غزة، كل ذلك يُؤكد أن مصر حاضرة بمكانتها وحجمها وقوتها، وأنها ليست مكانًا لطموحات المهزومين أو دعاة التخريب والفتنة وهادمى الأوطان اليائسين البائسين، الذين يُحدِّثوننا عن الوطنية وهم أبعد ما يكونوا عنها، ويتشدَّقون بالخوف على الدولة، فتراهم وقد باعوا ترابها بحفنة دولارات، وكانوا عُمالة للخارج المُغرض، يُنفِّذون خُططه دون أن يتحرك من موقعه، فأنشأوا المنصات الهجومية، وصنعوا الأبواق الإعلامية، وأخذوا يكيدون للوطن الخراب، وللقيادة السباب، وللشعب الموت والعذاب. 

المحبون لوطنهم، والداعمون لقيادتهم، والحالمون بمستقبل واعدٍ له، والمالكون لرؤى عظيمة مستقبلية لدولتهم فى كل المجالات العلمية والسياسية والحضارية والثقافية، يعرفون جيدًا أن هناك مُؤامرات سُطرت فى أجندات مشبوهة، تُحاك ضد الوطن من أعداء التقدُّم والنجاح وأعداء الإنسانية قبل كل شىء، لأنهم يرون أن كل ما تشهده البلاد من تقدمٍ يُمثل حائط صد ضد أهدافهم ورغباتهم الهدامة، ومصالحهم الضيقة، ومطامعهم السلطوية، لذلك وقفوا لدعوات التخريب بالمرصاد، وحوَّلوا دفتها لأفراحٍ بالميادين والشوارع الجانبية بكل المحافظات، دعمًا للدولة، وتشجيعًا لقيادتها، وتحفيزًا لحكومتها على مواصلة العمل والإنجاز، وإتمام المشروعات الإعجاز على جميع المستويات، مُفتخرين بما يحدث على أرضهم من إصلاحٍ، وما بلغوه فى فترةٍ وجيزةٍ من طموحات، وكيف لدولة خرجت للتو من مرحلة خرابٍ ودمار، إلى مراحل تطوُّر وإعمار، وسُمعةٍ دولية فى الانشغال بهموم ومشاكل عالمها، آخرها قضية المناخ والاحتباس الحرارى، التى تُقام فعالياتها على أراضى شرم الشيخ الآن. 

رغم ما طال مصر من تجريحٍ، ونالها من مكائد، ودُبِّر لها من خُطط فى الظلام الدامس، فإنها لن تسمح لمُثيرى الفتن، بطمس الحقائق أو وقف قطار التقدُّم والازدهار، لأننا جميعًا خلف قيادتنا سدًا منيعًا، فى وجه دُعاة الفوضى، هادمى الأوطان، بأرواحنا وكل ما نملك، وسوف تُجهض مصر بأبنائها المخلصين المخططات المشبوهة، والأجندات المسمومة،  التى تستهدف النيل من وطننا الغالى، وسوف تدحض دعوات التخريب التى يقودها بعض المأجورين فى الخارج، عبر أبواقهم الإعلامية القابعة وراء الجدران، تنتظر الين والدولار، لن تزيدنا أفعالهم الخبيثة إلا إصرارًا وتماسكًا وحفاظًا على وطننا ومكتسباتنا وقياداتنا الوطنية التى تعمل لصالح الدولة ومؤسساتها وشعبها.

مصر بلد الأمن والأمان، تُسابق الزمن، وتُسرع الخطى دائماً للأمام نحو البناء والتقدُّم فى جميع المجالات، لبلوغ الغاية وتحقيق الهدف، تصول وتجول بين عالمها، شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، فى عِزٍّ وكبرياء وشموخٍ، حتى يظل صوتها مسموعًا، وعَلمها مرفوعًا، ومكانها مرموقًا بين الأمم.. جعلك الله دائماً أمنًا وأمانًا للعرب والعروبة، ولمصر والمصريين، ولتسلمى يا مصر.