كنوز| « إستر ويصا » علامة مضيئة فى سجل النضال الوطنى

إستر فهمى ويصا
إستر فهمى ويصا

يفخر تاريخ مصر الحديث بقائمة طويلة لمناضلات مصريات قدمن أروع نماذج النضال الوطنى فى حب مصر والدفاع عنها فى وقت المحن، ومن بينهن «استر فهمى ويصا» التى ربما لا يعرفها الجيل الحالى، هذه المناضلة التى اشتعلت حماسا عند اعتقال سعد باشا زغلول لمنعه من حضور مؤتمر الصلح بباريس ونفيه مع رفاقه إلى مالطة، تفاعلت مع الشرارة الأولى التى أشعلت فتيل ثورة 1919 التى خرج فيها الشعب فى مظاهرت اختلط فيها الرجال بالنساء لمواجهة رصاص الانجليز وهم يهتفون باسم الزعيم والوطن، واستشهدت «شفيقة محمد» برصاص الغدر الإنجليزى، وأبرزت المظاهرات اسم إستر أخنوخ فانوس التى لازمت صفية زغلول «أم المصريين» وهدى شعراوى فى مسيرة النضال الوطنى. 

ولدت إستر اخنوخ فانوس فى 19 فبراير 1895 بمديرية أسيوط فى أسرة قبطية، والدها محام تخرج من الحقوق بجامعات بيروت، وساهم فى تفتح وعى ابنته بما كان يدور من أحاديث سياسة فى صالون البيت بين القيادات الوطنية، وما كانت تقرأه من صحف وكتب بمكتبة والدها الذى أسس «الحزب المصرى» الذى لم يعش طويلاً. كانت إستر تتشرب الحماس الوطنى من مكرم عبيد الذى كان على صلة بأسرتها، وعندما علمت بالقبض على سعد باشا لمنعه من السفر للتفاوض حول استقلال مصر ونفيه لجزيرة مالطة وخروج المصريين فى مظاهرات تطالب بعودته كتبت رسالة إلى «ويلسون» رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قائلة: «أرسلنا أربعة أشخاص للقتال فى هذه المعركة - تقصد سعد زغلول ورفاقه - وإذا كانت هناك ضرورة ملحة سوف نرسل 400 وقد تصبح 4000 أو 4 ملايين لتحرير هؤلاء الأربعة»، وسافرت للقاهرة لمقابلة صفية زغلول التى وقعت على الرسالة مع هدى شعراوى ومئات من المناضلات، فتحولت الرسالة لعريضة احتجاج، جعلت المرأة المصرية تخرج للشارع فى مظاهرة نسوية وهن يرفعن الأعلام ويرددن الشعارات الوطنية. 

وكان الوعى الوطنى النضالى قد نما عند إستر أخنوخ بعد زواجها فى 24 يوليو 1913، وأصبح اسمها «إستر فهمى ويصا»، زوجها ظل عضوا بمجلس الشيوخ، وشغل منصب وزير «الوقاية المدنية» فى وزارة مصطفى باشا النحاس السادسة، وتمكنت إستر ويصا من تنسيق العمل الوطنى مع هدى شعراوى عندما قررتا تشكيل لجنة الوفد المركزية النسائية لتمثل النساء للعمل بصورة مشتركة مع حزب الوفد فى اجتماع تاريخى عرف باجتماع الكاتدرائية المرقصية احتجاجا على وزارة وهبة باشا ولجنة ملنر وطالبن بإعلان استقلال مصر، وانتخبن هدى شعراوى رئيسة للجنة، واختيرت إستر أمينة للجنة مع فكرية حسنى وإحسان القوصى، ومن الجدير بالذكر أن سعد باشا قال عند عودته من منفاه: «المرأة المصرية شاركت بجهد خلاق فى نهضتنا الحاضرة وأثبتت شجاعتها فى موقفها أيام الثورة، فلتهتفوا جميعا..

تحيا السيدة المصرية»، ومما يذكر لإستر ويصا مشاركتها فى تأسيس الاتحاد النسائى المصرى لتحسين مستوى المرأة الثقافى والاجتماعى، وأسست جمعية «العمل من أجل مصر» لتعليم الفتيات التمريض والمهارات المنزلية، ورحلت إستر ويصا بعد معاناة مع المرض فى 28 أغسطس 1990 تاركة أثرا كبيرا فى الوحدة الوطنية وتحرير المرأة.

مجلة «حركـة مصـر المدنيـة»

إقرأ أيضاً|السينما المصرية و« الأوسكار ».. حب من طرف واحد