«الكتاب الإلكترونى» يخمد لهيب الورق

صورة موضوعية
صورة موضوعية

يكتب: حسن حافظ

مع زيادة أسعار ورق طباعة الكتب ثلاثة أضعاف ومستلزمات الطباعة بسبب التداعيات الدولية الأخيرة، بدأت بعض دور النشر تبحث عن وسائل بديلة عن الكتاب الورقى المكلف على الدار والقارئ معا، لذا بدأت دور نشر فى التوجه إلى الفضاء الإلكترونى والعمل على إنتاج الكتاب الرقمى أو الإلكترونى، الذى باتت حظوظه أوفر فى الانتشار وإطفاء نار الورق الذى اشتعلت أسعاره.
وميزة الكتاب الإلكترونى أن بالإمكان قراءته على مختلف الوسائط، فضلا عن منصات قراءة الكتب الإلكترونية التى تكتسح العالم حاليًا، وتلوّح بتهديد عرش الكتاب الورقى عالميا، التى دخلت السوق المصرية على استحياء لكنها فى تصاعد مستمر منذ تداعيات جائحة كورونا، ثم حاليا مع أزمة الورق التى تدفع القارئ والناشر معا صوب الكتاب الإلكترونى.

وتوجد عدة منصات عاملة فى السوق المصرية والعربية لتوفير الكتاب بصيغة إلكترونية مقابل اشتراك شهرى، كما توجد منصات عالمية للكتاب الرقمى، فى مقدمتها (AppleBooks)، تتيح الكتب الإلكترونية بصيغة مقروءة ومسموعة عبر العديد من منتجاتها الشهيرة، كما انتشرت أجهزة القراءة الإلكترونية وفى مقدمتها جهاز (كيندل)، بينما توجد تطبيقات عِدة يمكن تنزيلها على أجهزة المحمول واللاب توب الشخصى من أجل قراءة الكتب إلكترونيا بسهولة فى ظل إضافة التكنولوجيا أدوات جديدة لتوفير قراءة سهلة مقابل سعر أقل مقارنة بسعر الكتاب الورقى، لكن الأخير لا يزال يسيطر على صناعة الكتاب، إذ لا يزال يمثل النسبة الأكبر من الكتب الصادرة فى بعض البلدان، بنحو 80%، لكن الكتاب الإلكترونى بات يحظى بمكانة تتنامى بمرور الوقت منذ المنعطف التاريخى المتمثل فى جائحة كورونا العالمية، التى أجبرت الكثيرين على البقاء فى المنزل، فكانت النتيجة اعتماد قراءة الكتب إلكترونيا فى ظل العجز عن شراء الكتب الورقية.

تجربة «هنداوى» ترسخ سمعة الكتاب الإلكترونى فى مصر

واستطاعت مؤسسة «هنداوى» أن تقدِّم تجربة ناجحة مكَّنت من تثبيت سمعة الكتاب الإلكترونى، وهى مؤسسة غير حكومية وغير هادفة للربح، وتهدف إلى نشر التعليم والثقافة، بحسب تعريفها لنفسها، وتتيح المؤسسة 2742 كتابًا حتى الآن، بصيغة معدة للقراءة الإلكترونية ومريحة للعين التى تقرأ عبر الوسائط الإلكترونية وأجهزة القراءة، ما دشن شهرة المؤسسة بين قراء العربية، خصوصا أنها توفر مؤلفات العديد من كبار المفكرين والأدباء العرب أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وزكى نجيب محمود وغيرهم الكثير.

وعبر موقعها الإلكترونى، تشير المؤسسة إلى أنه: «مع سرعة التطور العالمى الذى تشهده الوسائل التكنولوجية، بدا واضحًا حتميةُ فتح آفاق جديدة لنشر المعرفة والثقافة بكافة الصور الحديثة، حيث تقوم المؤسسة إلى جانب الطباعة الورقية بنشر المؤلفات القيِّمة مما كُتب بالعربية أو تُرجم إليها فى مختلِف المجالات: العلمية، والأدبية، والفنية، وغيرها فى صور إلكترونية، لتتيحها مجانًا عبر موقعها للقارئ العربى».

المنصات تتوسع فى إتاحة العديد من الكتب الإلكترونية

ومع نجاح «هنداوى» لم يعد التوجه إلى المنصات الإلكترونية مقصورا على جهة بعينها ولم يعد مقصورا على النشر المجانى، فالدكتور هيثم الحاج على، رئيس الهيئة العامة للكتاب، أعلن عن طرح العديد من الكتب التراثية وأخرى موجهة إلى الأطفال والنشء على منصة مكتبة الأسرة الإلكترونية خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أن النشر الإلكترونى سيقتصر على الكتب التى انتهت حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها، وهو ما بدأ فى إطار مبادرة «خليك فى البيت.. الثقافة بين إيديك»، التى أطلقتها وزارة الثقافة عام 2020 بالتوازى مع مواجهة تداعيات جائحة كورونا العالمية، ورغم أن وزارة الثقافة تنشر الكتب بصيغة (PDF) وهى صيغة تناسب تحويل الكتاب الورقى إلى الإلكترونى، وليس إنتاج كتاب إلكترونى مباشرة، فإن هذا التوجه يؤشر بوضوح إلى ملامح مسار الأمور مستقبلا.

اقرأ أيضًا| البحر الأحمر: دليل pdf للخدمات الطبية في الغردقة

بدوره، قال الناشر سعيد عبده، رئيس مجلس إدارة «دار المعارف»، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، إن الاتجاه العالمى حاليا هو التوجه إلى الكتاب الإلكترونى فى ظل تصاعد الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، لذا بدأت «دار المعارف» الاتجاه إلى نشر وتسويق كتبها إلكترونيًا، وأن الأعمال جارية لأرشفة أكثر من 120 ألف كتاب من إصدارات الدار، مع خطة لتحويل عدة كتب من خانة النشر الورقى إلى الإلكترونى.

وتابع: «علينا الاعتراف بأن سوق الكتاب الإلكترونى فى نمو وازدهار، وعلينا مواكبة هذا التطور العالمى الذى بدأ يظهر بوضوح فى مصر والعالم العربي، وأرى أنه سيكون مكملا ومتوازيا مع النشر الورقى ويحقق دخلا إضافيا للناشر، لذا على الجميع دراسة تجربة إنتاج الكتاب الإلكترونى سواء بصيغة قراءة أو الكتاب الصوتى لكى لا نفقد العلاقة مع الحاضر والمستقبل».
بينما تفكر دار «العين» فى التوسع فى النشر الإلكترونى مستقبلا، حيث قال شريف بكر، صاحب ومدير الدار: إن الكتاب الإلكترونى سيكون وسيلة من وسائل مواجهة ارتفاع أسعار الكتب نتيجة لارتفاع أسعار الورق، وأضاف: «نحن أمام فرصة ذهبية للمنصات العاملة فى مجال الكتاب الإلكترونى لاستغلال الموقف، واللعب على هذه النقطة من أجل تأكيد تواجدها فى السوق، وجذب شريحة أكبر من القراء، وتحويل الكتاب الإلكترونى إلى وسيلة من وسائل مجابهة ارتفاع أسعار الكتب، والناشر سيفضل هذا التوجه بلا شك».

ورجح بكر ألا يكون الكتاب الإلكترونى بديلا عن الورقى فى المدى المنظور: «إيرادات الكتاب الإلكترونى لن تتفوق على مبيعات الكتاب الورقى، لأن معظم المنصات تعمل بنظام الاشتراك، ونظام المحاسبة مع الناشر على ما تم قراءته من كتبه وعدد مرات قراءتها، وليس ما وضعه الناشر على المنصة من كتب، فمن الممكن أن تضع 100 كتاب فى حين أن المقروء لا يتجاوز الكتابين فستحصل على مستحقات قراءة الكتابين فقط، لكن رغم ذلك السوق فى لحظة نمو، وإذا أدرك الناشرون طبيعة هذا السوق وطبيعة قارئ الكتاب الإلكترونى جيدا، سواء كان ينتمى لشريحة جديدة لم تكن تقرأ من قبل أو بعيدة عن خطط التوزيع فى المحافظات، فسيكون هذا مفيدا لنا فى توسيع سوق القراءة».