لستم جزءًا من الدين

علاء عبد الكريم
علاء عبد الكريم

‭‬متى‭ ‬يفتح‭ ‬أصحاب‭ ‬الانسداد‭ ‬التاريخي‭ ‬من‭ ‬جماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬–‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬الخيال‭ ‬–عيونهم‭ ‬وعقولهم‭ ‬على‭ ‬مشكلات‭ ‬الواقع‭ ‬وحقائق‭ ‬العصر‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬يرونها‭ ‬من‭ ‬قبل؟‭!‬؛‭ ‬عبثًا‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬يحلمون‭ ‬أنهم‭ ‬يستطيعون‭ ‬إعادة‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬أسقطه‭ ‬الشعب‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة،‭ ‬أقول‭ ‬لهم‭ ‬لو‭ ‬كنتم‭ ‬تحلمون‭ ‬بذلك‭ ‬فتلك‭ ‬أضغاث‭ ‬أحلام‭.‬

ما‭ ‬تحقق‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رئيس‭ ‬يدعمها‭ ‬باستمرار‭ ‬ويمنحها‭ ‬كل‭ ‬حقوقها‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬ومراكز‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬إلى‭ ‬تعيينها‭ ‬في‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬ومجلس‭ ‬الدولة‭ ‬تفعيلًا‭ ‬للاستحقاق‭ ‬الدستوري‭ ‬بالمساواة‭ ‬وعدم‭ ‬التمييز‭ ‬وتأكيدًا‭ ‬على‭ ‬جدارة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬تولي‭ ‬المناصب‭ ‬المختلفة‭ ‬وتعظيمًا‭ ‬لما‭ ‬تحققه‭ ‬من‭ ‬نجاحات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بها،‭ ‬لن‭ ‬تخسره‭ ‬أبدًا‭ ‬بأفكار‭ ‬ظلامية‭ ‬تعيدنا‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬مسجونة‭ ‬بين‭ ‬أربعة‭ ‬جدران‭ ‬بيت‭ ‬الزوج،‭ ‬تختبئ‭ ‬وراء‭ ‬النوافذ‭ ‬والشبابيك،‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحلم‭ ‬به‭ ‬–‭ ‬وعلى‭ ‬حد‭ ‬تعبير‭ ‬المفكر‭ ‬الراحل‭ ‬سلامة‭ ‬موسى؛‭ ‬‮«‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري‭ ‬يحيى‭ ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬وحدهم،‭ ‬وكانت‭ ‬المرأة‭ ‬المضروب‭ ‬عليها‭ ‬الحجاب‭ ‬تختبئ‭ ‬وراء‭ ‬مشربيات‭ ‬الشبابيك‭ ‬المخرمة‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬حتى‭ ‬ترى‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬الناس‭ ‬والأشياء،‭ ‬حتى‭ ‬تحس‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حية،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬جزءًا‭ ‬مهما‭ ‬صغر‮»‬‭.‬

الحقيقة‭ ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬تدني‭ ‬وضع‭ ‬المرأة‭ ‬تاريخيًا‭ ‬بدأ‭ ‬عندما‭ ‬ضعفت‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬وسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الطغاة‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬حكام‭ ‬الدولة‭ ‬العباسية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬قرون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قضى‭ ‬عليها‭ ‬المغول،‭ ‬وأخذ‭ ‬العلماء‭ ‬يتجادلون‭ ‬وقتها‭ ‬منشغلين‭ ‬بالإجابة‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬عقيم؛‭ ‬هل‭ ‬الأليق‭ ‬بالنساء‭ ‬أن‭ ‬يُظهرن‭ ‬أيديهن‭ ‬وأرجلهن‭ ‬فقط‭ ‬أم‭ ‬تكون‭ ‬مغطاة‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬رأسها‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬قدميها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننشغل‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬انحدرت‭ ‬واحتجبت‭ ‬فيها‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بعدما‭ ‬سطعت‭ ‬شمسها‭ ‬قرونًا‭ ‬طويلة‭ ‬بشهادة‭ ‬الغربيين؛‭ ‬فما‭ ‬قدمه‭ ‬الإسلام‭ ‬وحضارته‭ ‬من‭ ‬اختراعات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العلوم‭ ‬من‭ ‬الطب‭ ‬والكيمياء‭ ‬والرياضيات‭ ‬والفضاء‭ ‬إلى‭ ‬الفلسفة‭ ‬كان‭ ‬ملكًا‭ ‬لكل‭ ‬البشر،‭ ‬حضارة‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬والعلم‭ ‬والحرية،‭ ‬وهي‭ ‬بالنسبة‭ ‬لجماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬أعداء‭ ‬لدودين‭ ‬أمام‭ ‬جهل‭ ‬مقدس‭ ‬يؤمنون‭ ‬به‭ ‬ويريدون‭ ‬منا‭ ‬ألا‭ ‬نخالفه‭ ‬وإلا‭ ‬نعتبر‭ ‬في‭ ‬نظرهم‭ ‬مروق‭ ‬من‭ ‬الإيمان،‭ ‬وكأن‭ ‬القضية‭ ‬الأهم‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬عليها‭ ‬الإسلام‭ ‬هي؛‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬شكل‭ ‬لباس‭ ‬المرأة‭ ‬كي‭ ‬تدخل‭ ‬الجنة؟‭!‬،‭ ‬فلا‭ ‬تكاد‭ ‬تجد‭ ‬سلفيًا‭ ‬إلا‭ ‬وهو‭ ‬ينادي‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬بأن‭ ‬يتحجبن‭ ‬رغم‭ ‬ازدواجيتهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر؛‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬اعتراف‭ ‬المرأة‭ ‬السلفية‭ ‬على‭ ‬شيخها‭ ‬السلفي‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬حين‭ ‬قالت؛‭ ‬‮«‬أنه‭ ‬هتك‭ ‬عرضها‭ ‬بوحشية‭ ‬وسادية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وعدها‭ ‬بالزواج‭ ‬ثم‭ ‬رفض‭ ‬الزواج‭ ‬منها‭ ‬زاعمًا‭ ‬أنه‭ ‬طلقها‮»‬،‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬العالم‭ ‬الأزهري‭ ‬المستنير‭ ‬وأستاذ‭ ‬القانون‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬راشد؛‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬ليس‭ ‬بجديد‭ ‬فغالبية‭ ‬مشايخ‭ ‬السلفية‭ ‬تزوجوا‭ ‬متعة‭ ‬من‭ ‬العشرات‭ ‬وأعرف‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬لأن‭ ‬المرأة‭ ‬السلفية‭ ‬تعتبر‭ ‬جماع‭ ‬الشيخ‭ ‬السلفي‭ ‬لها‭ ‬يقربها‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬ترفض‭ ‬أن‭ ‬يتعرف‭ ‬عليها‭ ‬شخص‭ ‬غير‭ ‬متطرف‭ ‬ويقابلها‭ ‬بغرض‭ ‬الزواج‭ ‬الجاد؛‭ ‬فأنا‭ ‬أعرف‭ ‬–‭ ‬والكلام‭ ‬للدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬راشد‭ - ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬مشايخ‭ ‬سلفيين‭ ‬حق‭ ‬المعرفة‭ ‬تزوجوا‭ ‬متعة‭ ‬من‭ ‬سيدات‭ ‬متزوجات‭ ‬بزعم‭ ‬أنهن‭ ‬أشتكين‭ ‬له‭ ‬ضعف‭ ‬أزواجهن‭ ‬فأحلوا‭ ‬لهن‭ ‬مجامعتهن‭ ‬لتعويض‭ ‬هذا‭ ‬النقص؛‭ ‬وقال‭ ‬لى‭ ‬أحدهما‭ ‬أنه‭ ‬مقرب‭ ‬من‭ ‬الشيخ‭ ‬فلان‭ ‬السلفي‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬يزوره‭ ‬ويهتم‭ ‬ببيته‭ ‬في‭ ‬غيبته،‭ ‬وأن‭ ‬ابنته‭ ‬الجامعية‭ ‬تجلس‭ ‬على‭ ‬رجليه‭ ‬مثل‭ ‬والدها،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المجتمع‭ ‬السلفي‭ ‬المجرم‭ ‬الذى‭ ‬قد‭ ‬يضرب‭ ‬امرأة‭ ‬لأن‭ ‬شعرها‭ ‬بدون‭ ‬غطاء‮»‬‭.‬

فكل‭ ‬جماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬تري‭ ‬نفسها‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬يرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬باقي‭ ‬المسلمين؛‭ ‬فعندما‭ ‬قبض‭ ‬نظام‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬علي‭ ‬بعض‭ ‬عصابة‭ ‬الإخوان‭ ‬سنة‭ ‬1954،‭ ‬فيما‭ ‬عُرفت‭ ‬بأزمة‭ ‬مارس‭ ‬خطب‭ ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬عودة‭ ‬في‭ ‬المتظاهرين‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬الإسلام‭ ‬سجين‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬انحراف‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬يعصف‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬الأصولية‭ ‬العمياء‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تنتهي‭ ‬بصاحبها‭ ‬إلي‭ ‬التطرف‭ ‬وبالتالي‭ ‬الإرهاب‭. ‬

قديمًا‭ ‬قال‭ ‬ابن‭ ‬المقفع‭: ‬‮«‬الدين‭ ‬تسليم‭ ‬بالإيمان،‭ ‬والرأي‭ ‬تسليم‭ ‬بالاختلاف،‭ ‬فمن‭ ‬جعل‭ ‬الدين‭ ‬رأيًا‭ ‬فقد‭ ‬جعله‭ ‬خلافا،‭ ‬ومن‭ ‬جعل‭ ‬الرأي‭ ‬دينا‭ ‬فقد‭ ‬جعله‭ ‬شريعة‮»‬‭.‬

[email protected]