متى يفتح أصحاب الانسداد التاريخي من جماعات الإسلام السياسي – وإن كان هذا ضرب من الخيال –عيونهم وعقولهم على مشكلات الواقع وحقائق العصر التي لم يكونوا يرونها من قبل؟!؛ عبثًا إن كانوا يحلمون أنهم يستطيعون إعادة النظام الذي أسقطه الشعب إلى غير رجعة، أقول لهم لو كنتم تحلمون بذلك فتلك أضغاث أحلام.
ما تحقق للمرأة في ظل رئيس يدعمها باستمرار ويمنحها كل حقوقها بداية من مشاركتها في المناصب القيادية ومراكز صنع القرار إلى تعيينها في النيابة العامة ومجلس الدولة تفعيلًا للاستحقاق الدستوري بالمساواة وعدم التمييز وتأكيدًا على جدارة المرأة في تولي المناصب المختلفة وتعظيمًا لما تحققه من نجاحات في كل المجالات التي تعمل بها، لن تخسره أبدًا بأفكار ظلامية تعيدنا إلى الوراء، عندما كانت مسجونة بين أربعة جدران بيت الزوج، تختبئ وراء النوافذ والشبابيك، أقصى ما يمكن أن تحلم به – وعلى حد تعبير المفكر الراحل سلامة موسى؛ «أن المجتمع المصري يحيى على الرجال وحدهم، وكانت المرأة المضروب عليها الحجاب تختبئ وراء مشربيات الشبابيك المخرمة تتيح لها النظر إلى الشارع حتى ترى شيئًا من حركات الناس والأشياء، حتى تحس أنها لا تزال حية، أو أن لها من الحياة جزءًا مهما صغر».
الحقيقة والواقع أن تدني وضع المرأة تاريخيًا بدأ عندما ضعفت الحضارة الإسلامية وسيطر عليها الطغاة بداية من حكام الدولة العباسية التي استمرت أكثر من خمسة قرون إلى أن قضى عليها المغول، وأخذ العلماء يتجادلون وقتها منشغلين بالإجابة على سؤال عقيم؛ هل الأليق بالنساء أن يُظهرن أيديهن وأرجلهن فقط أم تكون مغطاة من قمة رأسها إلى أسفل قدميها، دون أن ننشغل بالبحث عن الأسباب التي انحدرت واحتجبت فيها الحضارة الإسلامية بعدما سطعت شمسها قرونًا طويلة بشهادة الغربيين؛ فما قدمه الإسلام وحضارته من اختراعات في كل العلوم من الطب والكيمياء والرياضيات والفضاء إلى الفلسفة كان ملكًا لكل البشر، حضارة تأسست في المقام الأول على العقل والعلم والحرية، وهي بالنسبة لجماعات الإسلام السياسي أعداء لدودين أمام جهل مقدس يؤمنون به ويريدون منا ألا نخالفه وإلا نعتبر في نظرهم مروق من الإيمان، وكأن القضية الأهم التي يقوم عليها الإسلام هي؛ كيف يكون شكل لباس المرأة كي تدخل الجنة؟!، فلا تكاد تجد سلفيًا إلا وهو ينادي على النساء بأن يتحجبن رغم ازدواجيتهم في هذا الأمر؛ ولنا في اعتراف المرأة السلفية على شيخها السلفي خير دليل حين قالت؛ «أنه هتك عرضها بوحشية وسادية أكثر من مرة بعد أن وعدها بالزواج ثم رفض الزواج منها زاعمًا أنه طلقها»، وكما قال لي العالم الأزهري المستنير وأستاذ القانون الدكتور مصطفى راشد؛ «هذا الموضوع ليس بجديد فغالبية مشايخ السلفية تزوجوا متعة من العشرات وأعرف العديد منهم لأن المرأة السلفية تعتبر جماع الشيخ السلفي لها يقربها من الله في حين أنها ترفض أن يتعرف عليها شخص غير متطرف ويقابلها بغرض الزواج الجاد؛ فأنا أعرف – والكلام للدكتور مصطفى راشد - أكثر من سبعة مشايخ سلفيين حق المعرفة تزوجوا متعة من سيدات متزوجات بزعم أنهن أشتكين له ضعف أزواجهن فأحلوا لهن مجامعتهن لتعويض هذا النقص؛ وقال لى أحدهما أنه مقرب من الشيخ فلان السلفي لدرجة أنه يزوره ويهتم ببيته في غيبته، وأن ابنته الجامعية تجلس على رجليه مثل والدها، هذا هو المجتمع السلفي المجرم الذى قد يضرب امرأة لأن شعرها بدون غطاء».
فكل جماعات الإسلام السياسي تري نفسها مثلها مثل جماعة الإخوان الإرهابية جزءًا من الدين وبطبيعة الحال يرون أنفسهم أعلى من باقي المسلمين؛ فعندما قبض نظام عبد الناصر علي بعض عصابة الإخوان سنة 1954، فيما عُرفت بأزمة مارس خطب عبد القادر عودة في المتظاهرين قائلًا: «الإسلام سجين»، وهو انحراف واضح في الفكر يعصف بالمجتمع، أو كما أحب أن أطلق عليه «الأصولية العمياء» التي تنتهي بصاحبها إلي التطرف وبالتالي الإرهاب.
قديمًا قال ابن المقفع: «الدين تسليم بالإيمان، والرأي تسليم بالاختلاف، فمن جعل الدين رأيًا فقد جعله خلافا، ومن جعل الرأي دينا فقد جعله شريعة».