يحيى وجدى يكتب: مديحة كامل.. صاحبة البدايات المتعددة

 الفنانة مديحة كامل
الفنانة مديحة كامل

الأسبوع الماضي مرت ذكرى ميلاد الفنانة المدهشة مديحة كامل (مواليد 3 أغسطس 1948) واحتفل بعيد ميلادها الآلاف على منصات السوشيال ميديا المختلفة، وهو احتفال حقيقي ومُقدر من جمهور حقيقي لفنانة ليست بيننا، وليس وراءها من يدفع ويمول الصفحات لتكون “تريند”..

هو احتفال بالجمال والموهبة والروح الخاصة التي مثلتها مديحة كامل في حياتها القصيرة على الأرض، الطويلة في حضورها الفني والإبداعي.. الحضور النادر في القلوب، الذي قليلا ما حققته فنانة من جيلها، وفي غيابها أو انسحابها الذي قررته في أوج مجدها وشهرتها.

لمديحة كامل أكثر من بداية، وكلها بدايات فنية الطابع، تليق بروح صاحبة الوجه الجميل والحضور الأخاء، وبعضها كان صدفة كأنها مشهدا في فيلم سينمائي أو رواية رومانسية!
الكاتب الصحفي محمد السرساوي وثق هذه البدايات المختلفة في كتابه الرائق “مديحة كامل.. سنوات الظهور والاختفاء” والذي نشر على حلقات في “أخبار النجوم” قبل صدوره مطبوعا عن دار “الرواق”.

البداية السينمائية الأولى جاءت عام 1964، حينما كانت مديحة عائدة من مدرستها الثانوية، وبعد أن دخلت عمارة “القاسم” التي تسكن بها في القاهرة مع والدتها،  وركبت المصعد مع رجل وقور متقدم في السن، حتى بادرها بالسؤال: هل تحبين السينما يا مدموزيل؟، ولم ينتظر إجابتها، أو تجاهل الإجابة أي ما كانت، وعرض عليها دورا في فيلم جديد!

الفيلم هو “فتاة شاذة” والرجل في المصعد هو المخرج أحمد ضياء الدين، الذي كان ذاهبا إلى صديقه المخرج حسين حلمي المهندس، وقد لفت نظره وجه مديحة الجذاب. وافقت مديحة على فرحة بالفرصة التي كانت تنتظرها، لكنها طلبت من ضياء الدين أن يحصل على موافقة والدتها حتى تشارك في الفيلم.

وبالفعل ذهب أحمد ضياء الدين مع حسين حلمي المهندس لمقابلة والدة الطالبة بالمدرسة القومية الثانوية في العجوزة، لكن صلابة الأم ورفضها ذابا أمام رغبة مديحة وإلحاح اثنين من المخرجين المرموقين لها.

وأخيرا وافقت الأم الخائفة على ابنتها بشرط أن تواظب على دراستها، وهكذا ظهرت مديحة كامل لأول مرة في فيلم “فتاة شاذة” وكان أول أجر لها مائة وخمسين جنيها.

كان الفيلم مستوحى من قصة الغانية الإنجليزية كريستين كيلر، صاحبة الفضيحة الشهيرة التي عرفت باسم "فضيحة برفيمو"، وكان الفيلم من بطولة النجمة شويكار، وكانت مديحة كامل من ضمن الوجوه الجديدة الذين كان من بينهم أيضا الفنان عادل أدهم.

ويقول الكاتب محمد السرساوي إنه يبدو كأن الدور كان يبحث عنها (أي مديحة كامل) فالدور لفتاة تعمل عارضة أزياء، تلك المهنة التي مارستها من قبل وشخصيتها في الفيلم فتاة تدعى ماندي تقابل كريستين كيلر “شويكار” والقواد الذي قام بدوره عادل أدهم بعدما أعجبا بجمالها.

ويجعلاها عارضة أزياء ثم يستدرجها إلى منزل يمارس البغاء وتزوره شخصيات شهيرة، من بينهم الوزير البريطاني برفيمو الذي لعب دوره الفنان رشدي أباظة، وكانت ماندي (مديحة كامل) مخطوبة لصحفي شاب لعب دوره الفنان أحمد رمزي وكان شديد الغيرة عليها، وكان يراقبها ويكتشف أنهم يريدون تجنيدها لتصبح عاهرة، فينقذها ويقوم بتصوير القصة ونشرها في صحيفته لتصبح الفضيحة قضية رأي عام.

لكن هذه البداية لمديحة كامل سبقتها بداية أخرى مع النجومية، وتلتها بداية جديدة كانت بمثابة تدشين لنجمة ذات حضور خاص في تاريخ السينما المصرية طوال النصف الثاني من القرن العشرين.

في الإسكندرية، وقبل أن تتعرض أسرتها لهزة عنيفة إثر تأميم مضارب الأرز التي كان يملكها والدها، لفتت مديحة كامل الأنظار بجمالها الخاص منذ أن كانت مراهقة، فحصلت على لقب فتاة الشاطيء في إحدى المسابقات الصيفية على شاطيء الإسكندرية.

وكان عمرها حينذاك ستة عشر عاما، ونشرت مجلة الكواكب صورة الفتاة النجمة على غلافها، وبعد نشر الصورة تلقت عروضا كثيرة للعمل بالتمثيل ولكن والدها رفض، حيث كان يخاف عليها من الوسط الفني، ولكي يرضيها وافق أن تشارك في بعض عروض الأزياء، ولكن الابنة الجميلة ظلت تحلم بفرصة للتمثيل.

أما البداية الحقيقية لمديحة كامل، فكانت في عام 1966 وبعد عامين من مشاركتها في فيلم “فتاة شاذة” وتمثلت الفرصة في فيلم “30 يوم في السجن” إخراج نيازي مصطفى، وكانت مديحة بطلة الفيلم أمام نجم نجوم الشباك آنذاك فريد شوقي.

وقد اعتبر صناع الفيلم ظهورها اكتشافا مهما لفتاة ستضيف كثيرا للسينما المصرية، ووصفوها بأنها ذات جمال خاص، وفي كواليس الفيلم “كشفت مديحة كامل للجميع عن شخصيتها الحقيقية، فقد لمسوا فيها المرح والشخصية الودودة، ورغم أنها كانت فتاتة موهوبة فإن الغرور لم يصبها بل حرصت على أن تتعلم من خبرات الجميع”.

بين عام 1966 وحتى اعتزالها عام 1992 أكثر من 40 عملا، لم تكن البطلة في أغلبها، لكنها بدون شك كانت صاحبة الحضور الأجمل فيها كلها.

اقرأ ايضا | مديحة كامل.. أميرة السينما المصرية | فيديو