يقول مولانا جلال الدين الرومى : «لعل الاشياء البسيطة هى الأكثر تميزا، ولكن ليست كل عين ترى»، ولا شك أن نجاح أى عمل درامى لابد أن يعتمد على عدة عناصر، تبدأ بإختيار الفكرة الجيدة البسيطة والطازجة أيضا، ومرورا بالموضوع الذى يتناسب مع المجتمع، وسيناريو محبوك وصراع متوازن بين شخصيات العمل، ووصولا إلى دقة رسم الشخصيات وحُسن اختيار الممثلين المناسبين، وهو ما تحقق فى المسلسل القصير «وش وضهر» - 10 حلقات ـ والذى يعرض عبر منصة شاهد حاليا، والذى استطاع أن يفرض نفسه وسط ضجيج الاعمال التافهة، فقد تميز العمل بفكرته الجيدة والطازجة، وهى لورشة سرد بقيادة مريم ناعوم، وتدور حول جمال «اياد نصار» أمين المخازن فى شركة أدوية، الذى يقرر التمرد على كل الاخفاقات التى واجهها فى حياته وبدء حياة جديدة، فيترك منزله فى القاهرة، ليتوجه إلى طنطا التى لا يعرفه فيها احد ويتحول الى طبيب للفقراء ويفتتح عيادة، ليعيش رحلة عبثية مليئة بالمطبات والفشل، وهناك يلتقى فى عيادته حيث جاءت لتعمل فيها بـ «ضحى» شابة قروية بسيطة «ريهام عبد الغفور»، تكافح لإعالة عائلتها، فتعمل فى مصنع نهارا وكراقصة فى الأفراح الشعبية ليلا، رغم أن «جمال وضحى» يستمران بخداع بعضهما البعض، ولا يكشف أى منهما عن حقيقة عمله الأساسى للآخر، إلا أن الظروف تجمعهما وتوحدهما .
قدمت المخرجة مريم ابو عوف عملا ممتعا بكل المقاييس متمردة على الطرق التقليدية للاخراج، واهتمامها بالتفاصيل الدقيقة، بداية من خصوصية المكان حيث تدور الاحداث فى طنطا، والتى قدمتها بصورة صادقة معتمدة على التصوير فى أماكن طبيعية فقدمت صورة مختلفة عما هو سائد فلم تستسهل التصوير فى ديكورات مصنوعة بل صورت فى شوارع ومنازل واماكن طبيعية زادت الصورة جمالا ومنحت المشاهد احساسا بالمصداقية وقد ساعدها فى تقديم هذه الصورة المبهرة مديرا تصوير واضاءة بارعان ومصممة ازياء «ريم العدل» منحت الشخصيات خصوصية الزمان والمكان فجاءت ازياء واكسسوارات كل شخصية لتعبر عن تاريخ والحالة النفسية والاجتماعية لكل شخصية .
نجحت مخرجة العمل فى استخراج اقصى الطاقات التمثيلية الكامنة داخل ممثليها فقدمت «ريهام عبد الغفور» انضج الشخصيات الدرامية فى مشوارها وتمكنت من تحقيق التوازن بداخل الشخصية حسب الحدث أو الموقف الذى تتعرض لها ما بين القوة والضعف والجرأة والخجل والانتصار والانكسار، أما «اياد نصار»فقد امتلك قدرة فائقة على التقمص للشخصية فى مراحلها المختلفة كعامل مخازن ثم طبيب فاقنع المشاهد، أما «ثراء جبيل» فقدمت دورا بكل مشاعره الانسانية والنفسية باداء بارع، وحصد «اسلام ابراهيم» دور عمره، واضاف «محسن منصور» لمساته الكوميدية لشخصية المتدين.
