فوق الشوك

الرؤية الجديدة لإدارة الاقتصاد القومي

شريف رياض
شريف رياض

فى حديث الرئيس السيسى خلال افتتاحه عددا من مشروعات الثروة الحيوانية والألبان بمحافظة المنوفية أمس الأول استوقفتنى عبارة غاية فى الأهمية وهى قوله إن دعوته للقطاع الخاص لزيادة مساهمته فى التنمية ليست دعوة للاستثمار بقدر ما هى دعوة لضمان تحقيق الاستقرار الأمنى من خلال الوصول إلى حالة الرضا المجتمعى لأن حالة عدم الرضا ـ لا قدر الله ـ تضر بالدولة كلها وبمواطنيها الذين تجاوز تعدادهم المائة مليون نسمة.

واستخدم الرئيس عدة عبارات للتأكيد أن مقصده هو تحقيق الاستقرار الذى يضمن حالة الرضا وليس الاستقرار الذى يحقق مصلحة النظام وضمان استمراره فى السلطة.

كان الرئيس صريحا عندما أكد أن القطاع الخاص أكفأ من الدولة فى عملية الإدارة والحوكمة وتعظيم الاستثمارات ولهذا لابد أن نستفيد من خبراته المتراكمة وندفعه ونشجعه على زيادة مساهمته فى الاقتصاد القومى من 25٪ حاليا إلى الحد المستهدف وهو 65٪.

من هنا يمكن القول إن مصر على مشارف مرحلة جديدة يلعب فيها القطاع الخاص الدور الأكبر فى التنمية ويتراجع دور الدولة تدريجيا بنسب متفاوتة فى القطاعات المختلفة بحيث تقتصر سيطرة الدولة وملكيتها على القطاعات الاستراتيجية فقط خاصة الصناعات العسكرية.
 هذه الرؤية الجديدة لإدارة الاقتصاد القومى يتم التجهيز والاستعداد لها منذ فترة بما يضمن لها أقصى درجات النجاح وهذا لن يتأتى إلا بحوار مجتمعى جاد أعلن عنه د.مصطفى مدبولى رئيس الوزراء وهو يطلق أمس الأول وثيقة سياسة ملكية الدولة.

السياق العام لهذه الوثيقة يتضمن عدة نقاط أهمها الأهداف والموجهات الأساسية لسياسة ملكية الدولة ومنهجية تحديد الأصول المملوكة للدولة والتوجه نحو المزيد من تمكين القطاع الخاص وآليات تنفيذ سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول العامة وتشجيع القطاع الخاص ودور صندوق مصر السيادى فى تعزيز المشاركة مع القطاع الخاص والمبادئ الحاكمة لتواجد الدولة فى النشاط الاقتصادى والحياد التنافسى والبيئة التشريعية المواتية للنشاط الاقتصادى.

حددت الوثيقة بدائل تنفيذ سياسة ملكية الدولة وتشجيع القطاع الخاص بما يشمل طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة المصرية لتوسيع قاعدة الملكية سواء بشكل كلى أو جزئى.. وضخ استثمارات جديدة للقطاع الخاص فى هيكل ملكية قائم للدولة بمعنى دخول مستثمر استراتيجى وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى هيكلة الملكية، بالإضافة إلى عقود المشاركة مع القطاع الخاص.

باختصار ستتوجه الدولة إلى إعادة هيكلة بعض المشروعات بما يسمح بزيادة مستويات جاذبيتها للقطاع الخاص وتعظيم العائد الاقتصادى من تلك المشروعات وبالتالى طرح جانب من أسهمها للقطاع الخاص لاحقا سواء بشكل كلى أو بشكل جزئى فى حالة رغبة الحكومة فى ضمان استمرار مساهمة هذا الأصل فى الخزانة العامة للدولة.

الوثيقة تقع فى 27 صفحة وبها تفاصيل كثيرة لا يتسع المقال لذكرها أو التعليق عليها والفترة الزمنية المتوقعة للحوار المجتمعى حولها ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر.. المهم هو هذا التوجه الجديد للدولة الذى نحن بصدده والأهم أن يسفر هذا التوجه عن سياسات جادة لتشجيع الاستثمار وهذا لن يتأتى إلا ببيئة تشريعية مستقرة لا يفاجأ فيها المستثمر بتعديلات تشريعية من حين لآخر وسياسات ضريبية عادلة تحفز الاستثمار وإجراءات ميسرة لتأسيس الشركات خلال أيام معدودة لتبدأ على الفور ممارسة نشاطها ودفع عجلة الاقتصاد القومى.