بدون أقنعة

تجارة حرام

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

هذه المحادثة بين شخصين سمعتها بالصدفة البحتة فى محل الحلاقة.. الأول بائع متجول ابنه الشاب من ذوى الإعاقة ويريد أن يشترى له سيارة ومن ثم يقوم بإعادة بيعها ويحصل على الفرق.. بمعنى أنه يستغل إعاقة الابن فى إيجاد مصدر دخل له.. والشخص الآخر يعمل سمسارا فى بيع وتجارة سيارات المعاقين.. الحوار حول عدم استطاعة الأول الدخول على الموقع الذى خصصته وزارة الصحة لحجز ما يسمى «بطاقة الخدمات المتكاملة» ولأكثر من مرة ويطالب بتوسط الثانى الذى يؤكد له أن هذا من رابع المستحيلات وأنه إذا أراد عليه «دفع المعلوم» لكى يفتح الموقع الإلكترونى ويتم الحجز وكل شيء سيبقى سهلا ويسيرا بشرط أن «تفتح مخك».


وجدتنى فجأة أتدخل فى الحوار وأقول: لهذا الحد يتاجر البعض فى حاجات المعاقين.. أليس هذا حراما.. وإذا بأحدهم يرد قائلا: بص يا باشا.. لو عملت المستحيل عشان الموقع يفتح مش حيحصل.. دى شغلتنا إحنا بس.. ثم المفأجأة: عندك ناس فى البلد دى عايشين من شغلانة عربيات المعاقين.. طول عمرهم أبا عن جد!
الذى عرفته من هذا الحوار أن الموقع الإلكترونى غالبا ما يكون معطلا.. ولو حدث ونجح أحد من أصحاب الإعاقة فى الدخول إلى الموقع فلن يجدوا موعدا ولن يتمكنوا من استكمال الإجراءات المطلوبة.. بالعربى المسألة خلصانة لفئات أخرى تعرف طريقها جيدا لهذا الموقع وتحجز فيه وهم «السماسرة» الذين يعرفون كل شيء ويفعلون كل شيء ويعتبرونها «أكل عيش»!


كيف يحدث ذلك أمام أعين الحكومة التى تعرف كل شيء.. ولماذا نترك كل الأمور حتى تتحول الحكاية إلى «مافيا» كبيرة من الصعب تفكيكها وكذلك من الصعوبة تركها تعيش من «إعاقات الغير» وأنه من الضروى البحث عن حل يعطى الدولة حقها ويعطى المعاق حقه فى حياة كريمة هو الآخر بدلا من هذه التجارة الحرام التى إن سلكت طريقها فسوف تسمع حكايات أغرب من الخيال.


هل سمعنا يوما عن موقع إلكترونى يعمل على مزاجه.. يفتح ويغلق بحساب.. المهم.. السمسار عندما ينتهى من حجز «بطاقة الخدمات المتكاملة» هناك رحلة أخرى لا يقدر عليها سواه فهو يعرف مداخلها ومخارجها.. المطلوب عمل تقارير بنوعية الإعاقة ودرجة الإعاقة وهذه حكاية أخرى يطول شرحها فالتقارير جاهزة تماما عند فئة أخرى تتكسب من وراء ذلك هى الأخرى وإذا حدث وانتهت هذه الخطوة بسلام فالمطلوب العودة إلى «الموقع الإلكتروني» وهو كما قلنا سابقا إما مغلقا أو لا يستجيب أو أنه استنفذ الأعداد المطلوبة فيتوقف تلقائيا.
مرة أخري.. السماسرة وحدهم يستطيعون الدخول إلى الموقع والحجز فيه والحصول على «الجوابات» وهذا الجواب وحده هو باب الرزق للسمسار والمعاق.. مبالغ كبيرة يتم دفعها للحصول على «الجواب» ولهذا أصبحت تجارة رائجة على السوشيال ميديا.. ولمن لا يستطيع تدبير مصروفات هذه الرحلة العجيبة من بدايتها يتفق مع السمسار الذى يدفع ثم يحصل على حقه بعد تسلم الجواب أو السيارة.. الإعلانات على الفيسبوك مستمرة.. سيارات حديثة وموديلات مختلفة ومن حق «المعاق» سيارة كل خمس سنوات يتقدم ليحصل عليها مقابل مبلغ زهيد جدا حوالى 10 آلاف جنيه إذا أراد التقدم لحجز سيارة قبل انتهاء مهلة «الخمس سنوات».


تجارة ينبغى أن يعاد النظر فيها لكى يستطيع المعاق أن يتمتع بكل الميزات بدلا من تركها هكذا الخاسر فيها هو الدولة والخزانة العامة فقط.