عاجل

مصر الجديدة

إبراهيم عبد المجيد يكتب: عن الجوائز

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

سعادة الفوز بجائزة قد يكون لقيمتها المالية فى زمن صعب لا تحقق فيه المبيعات من الكتب ما يضمن للكاتب حياة كريمة. لكن لا توجد سعادة تساوى رؤية الكاتب لسعادة الآخرين بفوزه. هذا ما حدث معى هذه الأيام حين فزت بجائزة النيل فى الآداب. هى طبعا أكبر جائزة مصرية.

محظوظ أنا مع الجوائز بلا شك فلقد حصلت على الكثير منها فى مصر وخارجها، لكن حظى الأكبر هو الإقبال الكبير عبر السنين من القراء على قراءة أعمالى حتى إن بعضها منشور فى ثلاث وأربع دور نشر معا، ورغم ذلك لا تحتج إحداها، فما لديهم يعوضهم كثيرا عن تكاليف الطباعة.

الإقبال من القراء هو جنة الكاتب حتى إن لم يقابل كل قرائه ولا يستطيع. دائما لا تستطيع الجوائز أن تفى كل الناس.

هناك كثير من الكتاب لا يسعدهم الحظ بالفوز، وهناك كثير من الكتاب لا تنتبه إليهم الجهات التى لها حق الترشيح.

لكن قناعتى أن كل شيء بميعاد لا تعرفه. الجوائز التى حصلتُ عليها دائما كانت بترشيح جهات غيري. الجائزة الوحيدة التى تقدمت إليها كانت فى بداية حياتى الأدبية.

كانت هى أول جائزة حصلت عليها فى حياتى عام 1969.

كانت جائزة نادى القصة فى الإسكندرية، وهو النادى الذى أسسه الصحفى الراحل فتحى الإبيارى أحد صحفيى جريدة الأخبار الكبار، والذى توقف بعد وفاته.

فزت بالجائزة الأولى على مستوى الجمهورية. كانت قيمة الجائزة ثلاثة جنيهات وكأسا من الفضة.

لكن القصة تم نشرها فى صفحة كاملة يوم السبت فى جريدة أخبار اليوم، ومعها مقدمة من عدة سطور كتبها الكاتب الكبير الراحل محمود تيمور عنوانها «هذا قصاص موهوب».

كانت فرحتى بالجريدة والقصة باتساع الدنيا، واشتريت بالجنيهات الثلاثة أعدادا من صحيفة أخبار اليوم وزعتها على كل من أقابله.

بعد ذلك كانت الجائزة الثانية هى جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية عام 1996. أى بعد سبعة وعشرين عاما، ولم يكن هناك تقدم لها ذلك الوقت، وكان هذا أول عام للجائزة. اللجنة هى التى اختارت روايتى «البلدة الأخرى».

سبعة وعشرون عاما بين الجائزتين لم أنشغل فيها بالجوائز، لكن هكذا شاء الله أن تأتى جائزة تحمل اسم الكاتب العظيم. منذ ذلك اليوم ارتحت إلى عدم التقدم للجوائز، فصارت هيئات ثقافية أو دور النشر هى التى تفعل ذلك. جائزة النيل هى أكثر جائزة وجدت احتفاء بفوزى بها. ملأ هذا الاحتفاء صفحات الميديا فملأ روحى بالسعادة التى ملأت الفضاء حولي.

أدركت كيف أخلصت للكتابة فأنتجت أكثر من أربعين كتابا بين الرواية والقصة القصيرة والمقالات والدراسات والترجمة. تذكرت ليالى الكتابة والسعادة وأنا أبنى لنفسى قصورا فى الفضاء لا أشغل نفسى فيها بأى شيء، إلا ما يعوضنى بالجمال عما حولي. هكذا الإبداع. إذا انشغلت بجمال الكتابة فزت به وأنت تكتب، وفزت به بعد الكتابة من حشود القراء والمحبين فهم دنياك الحقيقية.