«المقاطعة» تروض جشع التجار.. وتعزيز الدور الرقابي هول الحل

جشع التجار
جشع التجار

مروة أنور

بين الحين والآخر يعود الحديث عن سلاح المقاطعة للسلع التى يرتفع ثمنها للتخلص من «جشع التجار»، فالحكومة لا تستطيع وحدها أن تتعامل مع جشع التجار، وعلينا كشعب أن نتحرك ونتكاتف ونرفض استغلال التجار.

 

الدكتورة إيناس الدرديرى، رئيس قسم الاقتصاد المنزلى بجامعة بنها، قالت إن أول خطوة لمواجهة جشع التجار تبدأ منا نحن المواطنين، والأمر ليس صعبا، فقط مطلوب ترتيب الأولويات فى كل شيء حتى فى احتياجاتنا وذلك عن طريق اتباع نظرية خلق البدائل وترشيد الاستهلاك وترتيب أولويات المنزل والتوفير وتغيير الأنظمة الغذائية، فعلى سبيل المثال لمواجهة ارتفاع أسعار الطماطم يمكن الاستغناء عن الطماطم فى طبق السلطة والاكتفاء بالخضراوات التى يحتوى عليها الطبق وليس الاستغناء عن الطبق ككل لأن ذلك لا يعد خللا فى الوجبة الغذائية، ويمكن الاستغناء عن اللحوم الحمراء واستبدالها بالسمك أو الدواجن أو البروتينات التى تتواجد فى البقوليات وبذلك يمكن تحقيق الموازنة والهروب من استغلال جشع التجار، والأمر لن يأخذ وقتا طويلا وبمجرد العزوف عنها بعض الوقت سيفهم جميع التجار أن هناك إرادة للشعب.

 

نسمة همام، أستاذ الاقتصاد المنزلى بجامعة بنها، ترى أن المواطنين عليهم دور لابد أن يقوموا به وهو مساعدة أجهزة الحكومة فى ضبط الأسعار والقضاء على استغلال التجار عن طريق ترسيخ فكرة الاستغناء وفن المقاطعة، فعندما يرتفع سعر سلعة معينة يجب ألا يتكالب عليها الجميع بل علينا أن نتصرف كما تتصرف المجتمعات المتحضرة حيث يذهب الجميع إلى المقاطعة وإعلانها وبالتالى لا يستطيع التاجر أن يتلاعب بالمواطن، كما يجب الابتعاد عن السلع المستوردة لارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه واستبدالها بالمنتج المصرى، والعودة أيضا لصنع المربى والحلويات بالمنزل والمعجنات داخل المنزل وشراء الملابس فى أوقات الأوكازيونات والتصفيات، وإمكانية إعادة استخدام الملابس مرة أخرى.

 

أضافت، للأسف فإن المقاطعة ثقافة ليست متواجدة فى سلوكيات مجتمعنا المصرى، على الرغم من أنه كان لدينا تجارب سابقة لكن لم نستثمرها بشكل سليم لنعزز هذه الثقافة، ففى فترة السبعينيات من القرن العشرين أجبرت المقاطعة الخاصة باللحوم التجار على تخفيض أسعارها لكنها لم تستمر طويلا لعدم وجود ثقافة عامة، وفيما بعد حدثت حملات مماثلة فى محاولة للتغلب على ارتفاع الأسعار المبالغ فيه لبعض السلع، بداية بالأسماك واللحوم والدواجن حتى الخضراوات والفاكهة لم يجد المواطن حلا سوى التلويح بسلاح المقاطعة مثل حملات «خليها تصدى.. خليها تحمض.. بلاها سمك..إلخ» دون جدوى.


وقالت إن «فن المقاطعة» يحتاج إلى تكاتف أطياف المجتمع لمساعدة أجهزة الدولة فى القضاء على استغلال التجار وعلى المواطن أن يعى أنه المسئول الأول والأخير فى تلك القضية والسيطرة على الأسعار إن كان محركها الأول الجشع غير المبرر، ففكرة المقاطعة فعالة فى التصدى لجشع التجار وأصحاب المحلات الكبرى ولكن بشرط الجدية فيها ويجب على الدولة أن تساعد المواطنين على ذلك من خلال وجود حلول بديلة كتجربة القوات المسلحة فى توفير السلع الغذائية لمجابهة ارتفاع أسعارها والحد من الغلاء ومبادرة وزارة الداخلية بتوفير مستلزمات المدارس للتخفيف على المواطنين والمستفيد من هذه الموجة من الغلاء هم التجار والمحتكرون.

 

الدكتورة سعاد الديب، عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك، أشارت إلى أنه كانت هناك بالماضى تسعيرة جبرية تفرض على الأسواق وكانت تذاع فى الراديو بالبرنامج العام صباحا حتى يعلم جميع المواطنين أسعار السلع الأساسية، أما الآن الوضع اختلف ولا يمكن العودة إلى التسعيرة الجبرية ولكن الذى يضع التاجر تحت طائلة القانون هو عدم وضعه الأسعار على السلع، ومن ثم يتلاعب بالأسعار فعلى سبيل المثال كيلو السكر فى التموين بـ10.5 جنيه ويباع بالمحلات بـ12.5 جنيه، وهناك محلات أخرى تبيعه بـ13 جنيها، وعندما يقوم جهاز حماية المستهلك بحملة تفتيشية للسؤال عن عدم وجود أسعار تعريفية للسلع يبرر التاجر موقفة بأن مندوبى الشركات هم الذين يحددون أسعار السلع والتجار يستغلون ما يتردد عن ارتفاع الأسعار العالمية وتأثرها بحرب أوكرانيا تارة وفيروس كورونا تارة أخرى ويرفعون الأسعار بدون مبرر وبزيادات عشوائية، والحل فى ذلك يجب تفعيل تطبيق منع المنافسة الاحتكارية وتعطى الحق لرئيس الوزراء لتحديد أسعار السلع لفترة زمنية ويجب أن تستمر وزارة التموين فى توفير السلع كما هو الحال فى أكشاك وزارة الداخلية والقوات المسلحة إلى أن تستقر أوضاع الأسواق وتضبط الأسعار.

 

ويرى حسن هيكل، أمين جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، ضرورة تبنى حملات المقاطعة التى حققت نجاحا بالفعل وانخفضت أسعار الفواكه سريعة التلف التى لم يستطع التجار تخزينها لحين انتهاء أسبوع المقاطعة .. لذلك فهناك ضرورة لتفاعل المواطنين مع دعوات المقاطعة، مستشهدا بجمعية «الستين مليون» الفرنسية وكيف تستطيع أن تؤثر بشكل فورى فى السوق الفرنسية بمجرد أن تدعو المواطنين لمقاطعة سلعة معينة وتجد سرعة فى الاستجابة، مضيفًا أن جميع الأسباب التى يتعلل بها بعض التجار لتبرير زيادة الأسعار لا تتناسب فى الحقيقة مع نسب رفع الأسعار التى تتم من بعض تجار الجملة، إذن فالمشكلة ليست فى الإتاحة لأن السلع متوفرة بالفعل ولكنها المغالاة فى هامش الربح الذى يرغبون فى الوصول إليه، ولمواجهة بعض تجار الجملة والكثير من تجار التجزئة الذين يضعون هوامش ربح كبيرة لأنفسهم طرحنا مبادرة المقاطعة ودعونا إلى إنشاء منافذ بيع من المنتج إلى المستهلك مباشرة.