جمال الشناوي يكتب: خطاب النصر 

الكاتب الصحفي جمال الشناوي
الكاتب الصحفي جمال الشناوي

طوال الطريق إلى حفل إفطار الأسرة المصرية.. درات في رأسي بعض الأفكار التي تمنيت أن تتحول إلى قرارات أسمعها  كعادة الرئيس في هذه المناسبة تحديدًا.

انقطعنا عن إفطار الأسرة المصرية بفعل الفيروس الذي هزم كل جيوش العالم.. إلا العلماء يبدو أنهم تمكنوا منه أو كادوا..

في السنوات السابقة لغزوة الفيروس كان إفطار الأسرة المصرية الذي يحضره مئات المصريين.. بحضور الرئيس وكبار رجال الدولة.. كان تغلب على الحفل تذكر الأبطال الثلاثة آلاف الذين قدموا أرواحهم دفاعًا عنا.. وسالت دمائهم لتروي مستقبل آمن لبلادنا.. وفي كل مرة كنا لا نسيطر على دموعنا ونحن نلامس مشاعر أم شهيد وهي تبكي وتقسم صادقة على تقديم كل أبنائها فداءً لمصر.. من أين تتأتى كل تلك الجسارة وهذا الإيمان؟

كنت أتمناها وأتوقعها بعدما دان لنا النصر، ولاحت أمام عيناي تلك الصور لعودة أبناء قرى الشيخ زويد إلى بيوتهم التي تم تجديدها.. ومدها بالخدمات اللائقه لأبناء هذه المنطقة، التي تنبت الفيروز بفعل دماء المصريين التي روتها.

مازلت أذكر كلمات شيخ مشايخ سيناء -رحمه الله- الشيخ خلف الخلفات في مضيفته على الحدود الشرقية.. سيناء زي مصر كلها.. قد تمرض لكنها لا تموت.

وبينما أنا شاردًا وغارقًا في تخمينات لمحتوى كلمة الرئيس السيسي.. وجدت نفسى على باب قاعة فندق الماسة التي تستضيف الإفطار.. وأول من وقعت عيني عليه كان الصديق العزيز خالد  داوود.. الذي غادر السجن قبل فترة قصيرة.. وجدته بشوشًا سعيدًا بعودته إلى الأسرة المصرية.. وخالد لمن لا يعرفه هو صحفي متميز.. سبق أن تعرض للاعتداء من عصابات الإخوان.

وبعد سلام حار.. سرت داخلي نشوة النصر ما توقعته سيحدث.. مصر الجديدة التي وصلت بر الأمان ستعيد فتح ذراعيها للجميع من كل الأبناء حتى المختلف منهم فكريًا.. إلا أولئك من فصيلة أبناء الشيطان وعصابات الإسلام السياسي.

ودخلت إلى القاعة.. لأجد على أحد الموائد الرئيسية حمدين صباحي الذي لم ألتقيه إلا يوم وداع العزيز الراحل ياسر رزق.. تهللت في داخلي.. الرئيس السيسي يمارس الحكم وحدوده في المهمة الصدق والشرف.. مصر التي أفاقت من محاولات جرها إلى بحور الفوضى التي لا تحدها شطآن..وتتحول الماء فيها إلى لون الدم. 

رحت أتجول بين المدعوين.. أحد مديري المراكز الحقوقية وهو الصديق طارق العوضي داعبني.. إحنا النهادره في المقدمة.. أما أنتم "المؤيدين" في الموائد التالية لنا.. وضحكنا كنت سعيدًا للغاية.

شاهدت عبد الله السناوى وجمال فهمى وحسين عبد الغني..وكثيرون جدًا وصدق ظني.


وبينما أتنقل بين أركان المكان راح يتردد في أذني صدى صوت أغنية للرائع لطفي بوشناق "ضموا الصفوف ..أزيلوا الفتن ..وضحوا جميعا لأجل الوطن.." كلنا جميعًا أبناء مصر التي تعود شمسها إلى منتصف السماء.. إلا من تورط في الدم أو الخيانة  والتآمر.

على يمين الرئيس فتاة بسيطة جارت عليها الحياة ولكنها استمسكت بالأمانة والشرف.. وعلى يسار الرئيس على المائدة الرئيسية شاب من ولاد البلد يسعى ويشقى في عمله طمعا في مرضاة الله.. ورعاية أسرته ليجد نفسه بين ليلة وضحاها ضيفًا على رئيس الدولة.


كلمة الرئيس السيسي كعادته.. تحمل كل آيات الصدق والإخلاص للتكليف.. وحسن تقدير الموقف وتدخلاته في التوقيت المناسب.

قرارات تدعم السوق الحر والمستثمر الوطني والأجنبي.. إعفاء ضريبي، والتوسع في ملكية الشركات الحكومية وحتى تلك التابعة للقوات المسلحة.

قرار بعودة عمل لجنة العفو الرئاسي.. لمعالجة من أصابهم شطط مؤقت في وقت محاربة الإرهاب.. ولملمة شتات الوطن.. "تكلم كما شئت" قالها الرئيس، لكنه طلب من المفكرين والسياسيين والإعلاميين التزام الواقعية في صناعة الوعي.


قرارات جاءت فيما يمكن وصفه بخطاب النصر أمام ممثلي الأسرة المصرية.. وأثبت الرئيس كعادته صدق ما قاله منذ اليوم الأول ومن عادات المنتصر الصادق.. الرئيس كشف للمرة الأولى عن عدد الشهداء.. وعرض تقدير موقف للبلاد أثناء أحداث يناير.. وتعرضها لمخاطر اقتصادية وسياسية واجتماعية.. تعرضنا لها مع دول أخرى.. والبلد الوحيد التي نجت كانت مصر.. بفضل من الله.