ومضة

صابر سعد يكتب: إلى كل «شريف».. أنت الأقوى 

صابر سعد
صابر سعد

 عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ.. داهم المرض جسد جاري وحل ضيفًا ثقيلا على كاهله، لكنه اصطدم بجدار فولاذي من الإرادة الصُلبة التي فتت بعضًا من خلاياه حتى أضحى رحيله قريبًا عن عقر داره بفضل من الله وقوته.


منذ سنواتٍ معدوداتٍ أحس جاري «شريف» بآلام في معدته، فذهب إلى الأطباء الذين أصبحوا في حيرة من أمره ولم يوفقوا في تشخيص المرض، لكن الألم اشتد وبلغ أوجه حتى أذن الله أن يعرف جاري حقيقة ما كان يعانيه في هذا التوقيت لحكمه لا يعلمها إلا هو، واستقبل جاري الخبر بنفس راضية وقلب مطمئن وعيناه لم تفارقها لمعة أملٍ ورجاء في الرحمن الرحيم مستحضرا تلك الآية التي تريح القلوب «وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».


سريعًا؛ بدأ «شريف» العلاج للانتصار على «المرض اللعين» الذي لا يفرق بين صغير وكبير، وبعد عدة جرعات ساق الأطباء بشرى سارة أنارت الطريق وبدا الأمل بازغًا في سماءٍ عما قريب ستصبح صافية بعد استرداد كامل صحته، ولم لا والأطباء أجزموا أن هناك تحسنًا في حالته، فالورم انحسر وبات شريف قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى من الشفاء.

قصة شريف الذي أصبح على بعد خطوات معدودة من استرداد صحته التي حاول «المرض اللعين» أن يسلبها منه، تذكرني بـ3 مواقف لأشخاص قربين مني وجميعهم خاضوا معركة شرسة وظفروا بالانتصار على المرض بعد رحلة كان عنوانها «الأمل» فالصَّابِرُونَ يُوَفَّون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ.

ثلاث قصص أسوقها إليك عزيزي القارئ تحت عنوان «الأمل».. فوفقا لدراسة أمريكية حديثة نشرتها مجلة "cell" فإن تعزيز جهاز المناعة يقتل «المرض اللعين»، وللحفاظ على جهاز مناعة قوي يتعين على الإنسان الالتزام بعدة نصائح لعل أبرزها «التفاؤل» فكلما كان الشخص أكثر إيجابية، كان أكثر قدرة على مقاومة المرض بحسب ما نشر في المجلة المرموقة "Jama".

منذ 12 عامًا داهم «المرض اللعين» صديقًا لي، فظن أَنْ لَا مَلْجَأَ ولاَ مَنَاصَ من تلك الكبوة لكنه تعلق بحبل الله واستمد من ربه العزيمة والإصرار حتى وصل إلى بر الأمان.. لا تزال كلمات صديقي تُدوِّي في أذني وكأنها البارِحة، فكانت أقصى أمنياته أن يتزوج بعد شفائه وينجب أولادًا يدخلون البهجة على أبويه -فقد كان وحيداً- والآن أطفاله في المدارس بعد أن اجتاز الاختبار الرباني وهزم المرض وعاد للحياة مجددًا وكأنه يولد من جديد، ودبت الحياة في أوصاله وعاد للعب كرة القدم وكأن شيئًا لم يكن.

القصة الثانية لصديقة أقعدها المرض، وَظَنت أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ، فتشبثت بالأمل وبدأت العلاج.. تحكي لي أن بعضًا من ضعاف النفوس قالوا لها إن حالتها يرثى لها وقد لا تتحسن، فما وَهَنت وما ضَعُفت وما اسْتَكَانت، حتى حولت المحنة لمنحة فأتم الله شفائها وبدأت رحلة الكفاح من نقطة الصفر حتى كونت شركة كبيرة وصارت سيدة أعمال متفوقة عن كثيرات في جيلها.. هنا فَطِنت حكمة الله من مرضها.

أما القصة الأخيرة في هذا المقال لمسن أعرفه يقين المعرفة، باغته المرض بعد أن بلغ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا، فظن الناس أنه لن يقدر على محاربة المرض بعد أن تجاوز السبعين مستندين في هذا لدراسة أجرتها جامعة أريزونا الأمريكية فحواها أنه مع تقدمك في العمر يشيخ نظام المناعة وهو ما يسمي بـ«التقلص المناعي»، لكن إرادة الله أبت إلا أن يشفى من مرضه ويمارس حياته حتى الآن وصار الجسد معافى، وكانه أفضل صحةً من الأسوياء.

عزيزي وجاري شريف.. إجمد بالله فقد عهدتك صلبًا فاستمر وكن كالجبال الراسية، وكلي ثقة أننا سنبارك لك اكتمال الشفاء عما قريب إن شاء الله، وثق أن وراء كل محنة منحة ربانية.

شفى الله الجميع